أطفال ثلاثة من عائلة الهندي في مخيم الشاطئ ، بعمر الورود اختطفهم الموت من دون سابق لإنذار ، أو لفتٍ لأنظار ذويهم أن موتهم كان بثمن شمعة تهاوت فأحرقت كل شيء ولم ينجو منها إلاّ طفل حالته حرجة ، ستبقى حروق جسده الطري ، وحروق جثامين أشقائه الثلاثة وحسرة أهله على فقدان أطفالها من دون ذنب ارتكبوه ، سوى أنهم أرادت والدتهم تعويضهم نعمة الكهرباء التي حُرموا منها كسائر أطفال القطاع وعائلاتهم بسبب الحصار الظالم ، وتناحر الإخوة الأعداء ، الذين جسدوا في انقسامهم المقيت إخوة سيدنا يوسف عندما التقت مصالحهم وأنانيتهم عند التخلص منه ، فألقاه في الجب .
وما زاد في ألم ووجع العائلة المفجوعة بأبنائها ، أنهم تحولوا مادة مضافة في الحروب المشتعلة سياسياً وإعلامياً واتهامات متبادلة بين سلطتين واحدة في القطاع بحكم الأمر الواقع ، وثانية في الضفة بحكم اتفاقات أوسلو . فقد شهدت الأيام الماضية سيل من تصريحات الطرفين الشاجبة والمتهمة بحق بعضهما البعض بالمسؤولية عما حلَّ من كارثة بعائلة الهندي ، وكأن مصيبتهم أتت بالفوائد عند قومي الانقسام .
إنّ مجرد قرأتك لتلك التصريحات ومضابط الاتهام بين الحركتين ، تصاب بالغثيان ويدعوك إلى اليأس والإحباط والسخط مما وصلت إليه حال الساحة الفلسطينية ، التي تراقبها وتتابعها حكومة نتنياهو عن كثب ، موظفةً حالة التردي التي تعيشها السلطة وحكومتها ووزاراتها ، والمنظمة ومؤسساتها من ترهل وضعف ، تُضاف إلى حالة الانقسام المستفحل ، الذي لا شفاء منه في ظل تقديم الذات الفصائلية على العام والصالح الوطني .
والغريب أن الاحتلال وحصاره للقطاع منذ سنوات قد غُيبَّ عن الإتهام في اعتباره المتسبب الرئيسي إن لم يكن الأوحد ، ليس عن مأساة عائلة الهندي ، بل عن كل ما لحق في قطاع غزة من مصائب وكوارث ، تسببت وبحسب تقرير لمركز الميزان لحقوق الانسان ، في مقتل 29 شخصاً قضوا جراء أزمة نقص إمدادات الكهرباء في قطاع غزة ، من بينهم 24 طفلاً منذ عام 2010.
بقلم/ رامز مصطفى