كلما بتنا قاب قوسين أو أدنى من إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام نعود للمربع الأول ، فبعد التفاؤل الكبير في أن الانقسام في طريقة للزوال بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله والتي نتجت باتفاق الشاطئ حيث كنا نأمل في أن برنامج الحكومة سيفضي إلى توحيد المؤسسات الفلسطينية وتوحيد الجهود لرفع الحصار وتحقيق إجراء انتخابات رئاسية وتشريعيه واجتماع للمجلس الوطني ، جاء العدوان الإسرائيلي 2014 ليبدد التفاؤل الفلسطيني ويعيدنا للمربع الأول بحيث أن هناك عقبات حالت ولغاية الآن من تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام وتمثلت في إعادة أعمار غزه وكذلك التوصل لاتفاق بشان موظفي غزة بعد الانقسام 2007 وتسلم المعابر للرئاسة الفلسطينية ، ورغم الجهود التي بذلت لتحقيق الهدف المنشود إلا أن العقبات كانت اكبر من اتفاق الشاطي وكان هناك من يسعى لتعطيل المصالحة المرتبطة بمقايضات إقليميه ودوليه تنعكس على مسار المصالحة وإنهاء الانقسام ،
وإذا كان انقسامنا وخلافاتنا لأجل المحاصصه الوظيفية أو التمسك بالحكم من قبل هذا الفصيل والتنظيم فبئس ما نحن عليه لأننا نعيش تحت الاحتلال ، ولو كنا حقا نسعى لأجل تحرير الوطن من الاحتلال لما قبلنا بسلطة حكم ذاتي محدود تحت إمرة وإشراف الاحتلال ونسعى من خلال ذلك للمحاصصه الوظيفية ، لان الاحتلال يريدنا أن نقتتل ونتخاصم وننقسم بمحاصصه وظيفية نهايتها أن ترهق ميزانيتنا وتعجزنا عن الإيفاء بمستحقات شعبنا وان تسعى السلطة فقط لأجل تامين فاتورة الرواتب والرتب وان تتحول السلطة كوسيلة للكسب والتكسب من خلال المحاصصه الوظيفية ، بحيث تعجز السلطة في النهاية عن تلبية متطلبات شعبها وتعجز عن إحداث تنميه اقتصاديه وتزيد البطالة في صفوف شعبنا الفلسطيني ضمن مخطط إسرائيلي يسعى لتحقيقه بحيث يبقى من خلاله مشروعه ألتهويدي والاستيطاني والتحكم في مسار حياتنا هو المهيمن والمسيطر
فهل من صحوة وطنيه تقودنا إلى غير ذلك وتجمع صفوفنا وتوحده ضمن مشروع وطني يقودنا لاستراتجيه وطنيه لمواجهة المحتل لينهي احتلاله للأرض والإنسان الفلسطيني وننهي بذلك المحاصصه المدمرة لوحدة مجتمعنا ومدمره لجهودنا والتي تتطلب منا جميعا قوى وفصائل ومجتمع مدني استجماعها لإرباك الاحتلال ومخططاته وتحررنا للأبد من الاحتلال بدلا من الإبقاء على هيمنة الاحتلال على سلطة الحكم الذاتي المحدود المسؤولية ،
كل المؤشرات تدلل على أن المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام عادت للمربع الأول بفعل التراشق الإعلامي وسياسة الابتزاز ضمن العودة إلى المماحكة السياسية ، الأمر المستهجن والمستغرب أن مجموع الجلسات والاتفاقات والتي جميعها أصبحت ضمن مساومات لا تخدم القضية الفلسطينية وأصبحت تتكلف مبالغ باهضه باجتماعات أصبح لا طائل منها سوى أنها تعيدنا حيث ابتدأنا وهو تجسيد الخلافات والانقسام
أن تناور خصمك أمر عادي أما أن تساوم لأجل تحقيق مصالح حزبيه وفصائليه على حساب الوطن والقضية فهو أمر مستهجن وغريب ، حيث تطغى خلافاتنا على أولوية صراعنا مع إسرائيل التي تحتل فلسطين وتتحكم بكل مفاصل حياتنا
لا احد ينكر أن فلسطين تحت الاحتلال والحصار ولا يستثنى من ذلك الضفة الغربية وقطاع غزه وإسرائيل ككيان محتل وغاصب يناور ويتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني وهي تمسك بخيوط الخلافات الفلسطينية وتتلاعب بالخيوط كيفما تريد وكيفما تشاء وفق أهدافها ومصالحها وغرضها تمرير المشروع الاستيطاني والتهويد للضفة الغربية
وفق حسابات الربح والخسارة الانقسام مصلحه إسرائيليه بالدرجة الأولى لان مصلحة الكيان الإسرائيلي الانقسام والفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزه للحيلولة دون رؤيا الدولتين وتدمير مشروع الدولتين ضمن هدف إسرائيلي ينهي التسوية النهائية ،وان هذا الانقسام الذي أصبح مصلحه للاحتلال كان من الأولى أن يكون الاتفاق الفلسطيني لإنهاء الانقسام مصلحه وطنيه فلسطينيه لان إسرائيل تتهرب من الربط الجغرافي للضفة الغربية وقطاع غزه بالممر الأمن المتفق عليه بالاتفاقات مع إسرائيل وهو تهرب إسرائيلي ودولي وإقليمي مقصود ومتعمد
وان السعي إلى تسويات مرحليه كموضوع ميناء غزه ومطار غزه هو ضمن الاتفاقات السابقة المشمولة باتفاق أوسلو وملاحقه وتفضي إلى إنشاء ألدوله الفلسطينية وان فتح معبر رفح حيث هناك اتفاقيه أوروبيه بافتتاح المعبر 24 ساعة وهي مشمولة بالاتفاق بعد الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزه من قبل الاحتلال الإسرائيلي
هناك مقايضات إقليميه وفق الصراع الذي تشهده المنطقة وان الانقسام الفلسطيني هو ضمن مقايضات المصالح ويحقق لإسرائيل مكاسب إذ أن المصالحة بين تركيا وإسرائيل هو ضمن مقايضه تركية للتطبيع مع إسرائيل بعد حادث سفينة مرمره حيث تشترط تركيا رفع الحصار عن قطاع غزه وفتح مطار غزه كمقابل للتطبيع ونكاية في مصر وان تحقق ذلك يعني أن تركيا تريد الإمساك بجزء من الورقة الفلسطينية نكاية في مصر بفعل الخلافات التي تعصف بين البلدين عقب الإطاحة بالرئيس السيسي ، كما أن الصراع على سوريا ادخل القضية الفلسطينية لمتاهات عربيه بفعل الخلافات التي تعصف في الدول العربية بحيث لم يعد الصراع مع إسرائيل ليتصدر الاولويه وان التحالف مع إسرائيل من قبل دول عربيه هو اولويه على ما عداه من صراعات بفعل أن أولوية الصراع مع إيران على ما عداه من صراعات إقليميه وهي على حساب القضية الفلسطينية وصولا إلى تحقيق هدف تصفيتها من جانب إسرائيل .
إن الدعوة لمؤتمر دولي تدعوا لعقده سويسرا لإنهاء الخلافات الفلسطينية هو الآخر أمر مستهجن ومستغرب لجهة أن الفلسطينيون عاجزون عن إنهاء خلافاتهم وانقسامهم فكيف لهم أن يقيموا دولتهم
ضمن حسابات الربح والخسارة فان الشعب الفلسطيني هو الخاسر وان القضية الفلسطينية تخسر أهميتها ووجودها وأولويتها بفعل الانقسام حيث أن ذلك مريح لإسرائيل لأنها ترفع عن كاهلها عبئ ومسؤولية كونها دولة احتلال ويجب أن تخضع للقانون الدولي وان تلتزم باتفاقية جنيف ولائحة لاهاي
كما أن تحميل كل طرف من أطراف الصراع للمسؤولية التي آلت إليه سواء الأوضاع في غزه أو الضفة الغربية هو بمثابة إعفاء لحكومة الاحتلال عن جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني
المصالحة الفلسطينية لم تعد فلسطينيه لأنها تخضع لعملية ابتزاز إقليمي ودولي وإذا بقيت الأوضاع على حالها فان خسارة الفلسطينيون محققه ما لم تكن هناك أراده وطنيه جامعه تجمع كل الأطراف الفلسطينية حول هدف واحد وهو مقاومة الاحتلال والتخلص من كل القيود والمراهنات الاقليميه التي تخسرنا جميعا وتفيد المحتل الإسرائيلي فهل لنا أن ندرك أن الردح الإعلامي والخطاب التحريضي والاتهامات المتبادلة تعود لتدخلنا إلى نفق مظلم فنحن اليوم أكثر مما مضى بحاجه للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام ليتسنى لنا جميعا أن ننتصر على دعاة الانقسام والاستسلام لان الانقسام مشروع إسرائيلي هدفه تصفية القضية الفلسطينية.
بقلم/ علي ابوحبله