أخذت على عاتقها خلية "أزمة الأونروا" المنبثقة عن القيادة السياسية للاجئين الفلسطينيين في لبنان ضم مسألة إعادة إعمار مخيم نهر البارد ودفع بدل الإيجارات التي أوقفتها "الأونروا" للأهالي المهجرين من المخيم الى مجموعة مطالب اللاجئين من وكالة "الأونروا" والتي بدأ التعبير عنها وبشكل سلمي وحضاري وفاعل مع بداية العام 2016، لكن وإن كان أداة إعادة إعمار مخيم نهر البارد هي وكالة "الأونروا" إلا أن هذا لا يعفي الأمم المتحدة من مسؤولياتها المباشرة في دفع كامل تكاليف إعادة الإعمار ودفع التعويضات للأهالي عن الخسائر في الممتلكات ومعاناة الهجرة، فالأمم المتحدة هي من تتحمل المسؤولية السياسية والإنسانية تجاه مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، فهي أي الأمم المتحدة من تسبب بنكبة فلسطين وتداعياتها من خلال اعترافها بشرعية الكيان الإحتلال الإسرائيلي في 29/11/1947.
في العشرين من شهر أيار/مايو 2016 يكون قد مر تسعة سنوات على بدء معركة مخيم نهر البارد التي انتهت بتاريخ 2/9/2007 وكانت نتيجتها سقوط 48 مدنياً فلسطينياً من أبناء المخيم وجرح العشرات وسقوط 163 عنصراً من الجيش اللبناني وعدد آخر من الجرحى، ومقتل 222 من "فتح الإسلام" وتوقيف 202 عنصر حسب المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع اللبناني آنذاك الياس المر بتاريخ 4/9/2007، كما تم تدمير المخيم القديم عن بكرة أبيه وأجزاء كبيرة من المخيم الجديد وتهجير ما يقارب من 36 ألف لاجئ فلسطيني..!
وُضِع حجر الأساس لإعادة الإعمار في 9/3/2009، وتم التعهد بإعادة إعمار المخيم بالكامل خلال ثلاثة سنوات وعودة المهجرين إليه، تنفيذاً للوعود التي أطلقها رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك فؤاد السنيورة بأن "الخروج مؤقت والإعمار مؤكد والعودة حتمية". مرت سنين على الوعد، ولم يتم إعادة إعمار سوى ما نسبته حوالي 40% من المخيم القديم، ولم يعد من اللاجئين سوى ما يقارب من الثلاثة آلاف عائلة، أي حوالي 12 ألف لاجئ. تعهدت الدول المانحة خلال المؤتمر الخاص الذي استضافته العاصمة النمساوية فيينا في 23/6/2008، بدفع مبلغ 445 مليون دولار لإعادة الإعمار، إلا أن الدول لم تلتزم بما تعهدت به فقد "اختلفت عندها الأولويات" كما تقول، نتيجة المتغيرات الإقليمية والدولية..! في المقابل أعلن المفوض العام لـ"الأونروا" بيير كرينبول في تقريره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 4/11/2014 عن حاجة الوكالة لمبلغ 142 مليون دولار لإستكمال إعادة الإعمار..!
على الرغم من عدم إنتهاء حالة الطوارئ التي يعيشها أهالي المخيم، إلا أن "الأونروا" أوقفت في نيسان 2013 برنامج الطوارئ الذي كان مقرراً لـ 2900 عائلة مهجرة، والذي يشمل دفع إيجارات المنازل وخدمات إغاثية وتغطية طبية بنسبة 100%، ومع التباطؤ والتسويف في عملية إعادة الإعمار وعدم إنجاز ملف التعويضات للأهالي، تشكلت خلية أزمة انبثقت عن الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية والحراك الشعبي..، مهمتها التواصل والمتابعة مع "الأونروا" والدولة اللبنانية لتذليل العقبات أمام حقوق المخيم، لكن التجاوب مع خلية الأزمة لم يرتق إلى المستوى المطلوب على الرغم من اللقاءات المتكررة وتنفيذ فعاليات سلمية ضاغطة من إعتصامات ورفع مذكرات..!
في هذا السياق لا بد من إستثمار وجود دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة وتحميل الدول الأعضاء المسؤولية من خلال القيام بحملات ضغط داخل منظومة الأسرة الدولية والتقدم بمقترحات عملية للأمم المتحدة للوقوف على التداعيات السياسية والإنسانية التي ممكن ان تنتج عن عدم إستكمال إعادة الإعمار وفي ظل
التقليص الدائم لخدمات "الأونروا"، وهذا يتطلب على التوازي حراك شعبي فلسطيني وعربي ودولي ضاغط هو الآخر على صانع القرار الفلسطيني والعربي والدولي في الأمم المتحدة وفي مؤسسة "الأونروا" كي تتحمل كل جهة مسؤولياتها..!
علي هويدي*
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 20/5/2016