يعتقد البعض ان التغير الدراماتيكي في الحكومة الاسرائيلية جاء نتيجة محاولة نتنياهو توسيع حكومته لتشمل وزراء جدد الذي احدث عاصفة سياسية كبيرة في اسرائيل قد تنعكس اثار تلك العاصفة دوليا اذا ما تم تغير ببرنامج الحكومة وتفويض ليبرمان بكامل الصلاحيات ليعمل كوزير الامن دون الرجوع الى الكابينت المصغر, وما اقصاء يعلون عن وزارة الجيش الا لأنه يحاول ان ينأ بالجيش عن خدمة التطرف اليميني وينفذ اجنداته ويحاول ان يوقف تغلغل هذا التطرف داخل الجيش بالإضافة الى ان ما حدث يمثل ائتلاف ايدلوجى اسرائيلي يكتم اصوات البرغماتين في الحكومة وهذا له اهدافه التي يسعي اليها نتنياهو على المستويين الداخلي والخارجي وهو مالا يجعل مثارا للشك ان نتنياهو يجهز لشيء كبير يتعلق بمواجهة حماس في غزة ومواجهة الضغط الدولي اتجاه تشكيل تعاون دولي واسع لإنهاء الصراع بقرارات دولية تقر بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 على ان تكون القدس عاصمة للدولتين وهذا ما لا يريده نتنياهو ولا يقبله لان مخططه الاستيطاني لم يكتمل بعد ومازال في منتصف الطريق .
لا اعتقد ان نتنياهو كان يحاول محاورة هر تسوغ لتشكيل حكومة وحدة اسرائيلية ولا اعتقد ان نتنياهو كان يسعي لتوسيع حكومته واسناد بعض الوزرات لأطراف المعارضة لكن نتنياهو اراد ان يتخلص من يعلون بطريقته ويبعده عن وزارة الجيش ليس لفشل يعلون في التعامل مع حماس وابو مازن بل لأنه يخشي ان تكون قرارات الجيش يوما من الايام قرارات لا تخدم اليمين المتطرف ليبقي مهيمنا على كل شؤن الدولة , ويخشي ان لا يعتد الجيش كثيرا بنصائح ورغبات المستوي السياسي وفي نفس الوقت لم تستطع قيادة الجيش ان تضع الخطط التي تقضي على الانتفاضة المستمرة منذ اكثر من سبعة شهور بالضفة الغربية ولا تستطع وقف خطر تهديدات المقاومة في غزة التي تسابق الزمن للتجهيز للمعركة القادمة , نتنياهو يزعم ان يعلون اصبح برغماتيا في هذا الوقت اكثر من اللازم لذلك اعتقد انه اذا ما تولى وزارة الخارجية سيكون لصالح دولة الكيان وهذا ما اعرب عنه بانه سيطرح على يعلون حقيبة الخارجية بعد الانتهاء من حواراته مع هرتسوع وليبرمان , مهما حاول نتنياهو اصلاح الموقف الداخلي لكن الموقف في اسرائيل كسر لصالح ائتلاف ايدلوجي يعرف نتنياهو فائدته لكل اقطاب الحركة اليمينية المتطرفة في اسرائيل ويعرف كيف يوظفه لتحقيق تلك الاهداف بغض النظر عن امكانية ان يعقد هذا الائتلاف موقف اسرائيل امام العالم وخاصة ان انظار العالم الان تتجه نحو المبادرة الفرنسية واعتقد ان اسراع رئيس الوزراء الفرنسي للإعلان عن الثالث من يونيو القادم موعد الاجتماع التشاوري لمجموعة الضغط والمساندة الدولية لحل الصراع .
يعلون استبق نتنياهو بمحاولة تلطيف ما قام به من اقصاء للأخير بإعلانه في مؤتمر صحفي رسمي بانه لا ينوي مغادرة الحياة السياسية والعامة في الدولة وسيبقي رجل دولة يناضل وينافس على قيادة الدولة , وقال انه وجد نفسه مؤخرا يخوض خلافات جديدة حول قضايا اخلاقية ومهنية مع نتنياهو وعدد من اعضاء الكنيست وهذا يصعب محاولة نتنياهو تبرير للجمهور الاسرائيلي ما حدث وشرح الاسباب الرئيسية وراء اقصاء يعلون واستجلاب ليبرمان لوزارة الدفاع والامن , هر تسوغ ايضا اغلق الطريق امام نتنياهو بإعلانه عدم رعبته دخول الحكومة فقد قال حرفيا "اما انا او ليبرمان بالحكومة" وهذا يغلق الطريق الاخر امام نتنياهو لمحاولة تطعيم حكومته بلون من المعارضة , ولم يبقي امام نتنياهو سوي التوجه الى تسيفي ليفني لمحاولة اغرائها بدخول الحكومة واعتقد ان ليقني كانت قد حسمت امرها مسبقا في هذا الموضوع ابان تشكيل الحكومة الاسرائيلية السابقة .
ان ما قام به نتنياهو يقصد به ترويع الفلسطينيين في غزة والضفة وخاصة ان ليبرمان اعلن بعد تلقيه عرض نتنياهو واعلانه بقبول هذا العرض انه سيعمل جاهدا لإسقاط حكم حماس في غزة والقضاء على ابو مازن في رام الله ,وقد لا نستغرب هذا التصريح لان نتنياهو يدرك ان تلك الخطة المهمة التي لا يستطيع ان ينفذها الا اخرق اسرائيلي يتولى وزارة الجيش ولا تنطبق المواصفات الا على ليبرمان اذا ما اعطيت له الصلاحيات في ذلك, كما ان نتنياهو يقصد احداث صدمة للعالم وخاصة للذين يعتقدوا ان احدا يمكنه ان يفرض على اسرائيل حلول لا تريدها , وهذا ما يجعلنا نؤكد ان ليبرمان اصبح جزء من خطة وضعها نتنياهو لأسقاط المبادرة الفرنسية واسقاط أي محاولات اقليمية لتوفير الدعم السياسي لهذا المبادرة .
اقصي نتنياهو يعلون وجاء بليبرمان وما اصبح امامنا كفلسطينيين هو الاستعداد للأسوأ لان نتنياهو بدا كمن وضع بيد اخرق بندقية وملئها بالرصاص فهل من احد يعتقد ان هذا الاخرق سيعمل بغير ما يغريه في البندقية بإطلاق الرصاص على كل المارة الذين لا يبتسموا له , ام ان هذا الاخرق سيصبح اكثر عقلانية اذا ما حمل البندقية ويلقيها جانيا ويفتح دار ضيافة للفلسطينيين للحديث عن المستقبل وصنع السلام , كل هذا لابد وان يكون دافعا لخطة فلسطينية مواجهة للخطة الاسرائيلية المتطرفة والتي تعتبر خطة حرب وتصفية للقضية , تبني هذه الخطة على اساس الوحدة الوطنية وتوحيد التمثيل السياسي الفلسطيني منطلقا لاستراتيجية نضالية شاملة يعمل من خلالها الكل الفلسطيني ,وبات علينا عدم الانتظار لنري ماذا سيفعل هذا الاخرق وبات مهما ان نتوقف عن ركوب موجهة التهديد بالقدرة على منازلة وهزيمة اسرائيل منفردين فالاستعداد للمواجهة والمنازلة بالوحدة ورص الصفوف هي من ام عوامل الانتصار على الخصم سياسيا وعسكريا .
د. هاني العقاد
[email protected]