"يوم أوروبا" في غزة ... تعزيز للانقسام ؟ أم إستقواء بالخارج ؟

بقلم: باسم نعيم

احتفل الاتحاد الأوروبي "بيوم_أوروبا" في غزة بعد تأجيل عدة أسابيع، مراعاة للظروف التي مرّ بها القطاع، بعد حادثة حرق الأطفال الثلاثة في معسكر الشاطئ.

وأي فلسطيني منصف يدرك جيداً ما قدمه الاتحاد الأوروبي من دعم للشعب الفلسطيني على مدار عقدين من الزمن، بعد توقيع اتفاقية أوسلو، سواءً على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أو المالي، وإن كان هذا الدعم، من وجهة نظر البعض، يحول الاحتلال إلى احتلال رخيص ومريح، في ظل غياب الضغط الكافي على الاحتلال لوقف سياساته العدوانية، وفي مقدمتها الاستمرار في بناء المستوطنات والجدار وتدمير الوجود الفلسطيني البشري والمؤسساتي في القدس، مما يدمّر أي إمكانية لحل سياسي عادل.

فشل الاتحاد الأوروبي في الالتزام بما يدعيه من قيم الديمقراطية والإنسانية عندما كان وما زال شريكاً أساسياً للاحتلال في حصار غزة، من خلال الرباعية الدولية، عقاباً لها على ممارستها الديمقراطية، حيث رفض المجتمع الدولي نتائج الانتخابات في عام ٢٠٠٦، لأنّها لم تفرز ما كانوا يرغبون فيه.

اليوم يحتفل الاتحاد الأوروبي "#بيوم_أوروبا" في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من قيم الوحدة والحريّة والديمقراطية، ولهذا السبب وصل إلى غزة عدد من ممثلي الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتهم رالف تراف ممثل الاتحاد لدى السلطة الفلسطينية، للمشاركة في الاحتفال بإشراف وتأمين أجهزة أمنية لا يعترفون بها، ودعوا للمشاركة في الاحتفال من المجتمع الفلسطيني شخصيات ومؤسسات، تمثل ألوانًا سياسية معينة، وطبعاً تم استثناء كل ما له علاقة بحركة حماس، حتى النواب المنتخبين ديمقراطياً، أو رؤساء البلديات، أو مسؤولي مؤسسات أهلية، أو حتى رؤساء جامعات. هذا السلوك من ناحية يعكس #وقاحة وقصر نظر السياسة الأوروبية، لأنه لا يمكن لكل الدعم الأوروبي، أن يحقق أي تقدم على المستوى الفلسطيني، بمثل هذه الازدواجية والانتهازية، طالما أنها تستثني جزءاً كبيراً وأصيلاً من أبناء شعبنا وتعزز انقسامه، ومن ناحية ثانية فإنّ ما حصل اليوم يمثل سلوكاً معيباً من بعض القيادات الفلسطينية، التي تتصور أنّ الاستقواء بالخارج، سيشكل بديلاً عن دفع استحقاقات الوحدة وإنهاء الانقسام.

شخصياً لو كنت في مكان صانع القرار الأمني والسياسي في القطاع، لأعدت النظر في السماح لمثل هذه الفعاليات التي تعزز الانقسام والاستقواء بالخارج، لأنها تمثل حراكاً جديداً في الضغط على غزة لصالح طرف على حساب طرفٍ آخر، بدلاً من السعي للتكفير عن خطيئتهم التي اعترفوا بها مراراً، من عدم القبول بنتائج الانتخابات الفلسطينية عام ٢٠٠٦، لا سيّما في ظل سعي بعض الدول الأوروبية مؤخراً لجمع الفرقاء الفلسطينيين مع أطراف عربية وأوروبية لبحث ملف المصالحة الفلسطينية.

بقلم/ د. باسم نعيم