اعدامات حماس في غزه .. الى اين ؟؟

بقلم: سهيله عمر

كتبت مقالا مسبقا للتعقيب على قرار القيادي اسماعيل هنيه والمجلس التشريعي في غزه بتنفيذ احكام بالإعدام الذي اثار امتعاض الشارع الفلسطيني.

اكد النائب العام أن غزة ستشهد في الأيام القادمة، تنفيذا لأحكام إعدام في عدد من القضايا التي حصلت على أحكام من محكمة النقض، وذلك أمام الجمهور العام لكي يتحقق الغرض من العقوبة وهو الردع والمساهمة في لجم جرائم القتل التي حدثت في القطاع الفترة الأخيرة. وأوضح أن تنفيذ أحكام الإعدام دون الرجوع لرئيس السلطة محمود عباس، لا يعتبر تجاوزًا للقانون، لأن الرئيس غائب، ولا يوجد أي مكون شرعي في غزة غير المجلس التشريعي المكون الشرعي الوحيد، وفي حال غياب الرئيس ينوب عنه المجلس التشريعي. وبيَّن أن أحكام الإعدام والمؤبد تمر بعدة مراحل قبل صدورها، حيث تعرض على محكمة البداية المحكمة من ثلاثة قضاة، ثم على محكمة الاستئناف، ثم على محكمة النقض حتى يصبح الحكم باتًا وناجزًا، ثم يرفع إلى الجهات المسؤولة.

فرد عليه النائب العام لفلسطين د. أحمد برّاك برام الله، انه وفقاً للقوانين الواجبة التطبيق في فلسطين والقوانين الناظمة للدعوى الجزائية وتنفيذ الأحكام الصادرة بها، فإنه لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام الصادرة عن أية محكمة فلسطينية إلا بعد استكمال كافة الإجراءات المنصوص عليها قانوناً، فيجب أن يكتسب الحكم الصادر بالإعدام الدرجة النهائية بحيث يتم عرضه على محكمة الاستئناف ومن ثم النقض لنظره بحكم القانون. ولقد بينت نصوص القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 الإجراءات الواجبة الإتباع فيما يتعلق بتنفيذ عقوبة الإعدام حيث نصت المادة 109 من القانون الأساسي الفلسطيني على ( لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية)، فوفقا للقانون الاساسي لا صلاحية للمجلس التشريعي بالمصادقة على تنفيذ عقوبة الاعدام، وفي حال صدور قرار بهذا الشأن من اية جهة تشريعية يعتبر خروجا على القانون الاساسي وتعدي على الصلاحيات الاصيلة التي قررها القانون لرئيس السلطة". وتبعاً لنصوص القانون لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه ، وفقاً للمادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية وذلك بعد رفع أوراق الدعوى من قبل وزير العدل إلى رئيس الدولة متى صار حكم الإعدام نهائياً. وأنه لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام خارج مبنى السجون حيث نصت المادة 418 من قانون الإجراءات الجزائية على (تنفذ عقوبة الإعدام داخل مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) للدولة.

من هنا ترى ان كلا الطرفين يحاول ان يدافع عن قانونيه ادعاءه، ووصل الانقسام والمناكفات حتى الى احكام الاعدام في القانون الفلسطيني. واسمحوا لي ان ابدي رايي فيما ذكر:

1. انا اتفق مع النائب العام لفلسطين د. أحمد برّاك برام الله بعدم جواز تنفيذ حكم الاعدام الا بعد استكمال كافة الإجراءات المنصوص عليها قانوناً، وان لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وانه تنفذ عقوبة الإعدام داخل مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) للدولة وليس في الاماكن العامه.

2. ان كانت حركة حماس تستند في اصرارها بتنفيذ احكام للشريعة، فقد قال تعالى: (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )). وقال تعالى:(( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا )). اذن الله تعالى اعطى رخصه حتى قضايا القصاص بقوله تعالى " فمن تصدق به فهو كفارة" و طلب منا ان لا نسرف في القتل.


3. جميع عمليات القتل التي رايناها في الشارع الفلسطيني بغزه وتم الاعلان عنها بالاعلام كانت تنفذ من اشخاص بسطاء جدا سارعوا بالاعتراف بجريمتهم وكانت تنقصها حلقه مفقوده، لماذا تمت عمليات القتل ؟؟ على سبيل المثال، هل يعقل ان يذهب شخص للسطو على منزل يتواجد به صاحبه ولا يعرف ذا كان سيجد به نقود او ذهب واين هو مكان هذا النقود ثم يقتل صاحب المنزل حتى لا يكشف. او تقتل امراه زوجها لانها لا تحبه ، او يقتل شخص اخر بالفأس ويدفنه في منزل بيته بدون سبب، وغير ذلك من الجرائم التي اعلن عنها. حسب ما لمسنا لم يكن يوجد دوافع قويه لعمليات القتل التي تمت وكان يتم تفادي الاعلان عن اسباب الجريمة بالأعلام. جميعنا يتعرض للقهر والظلم سواء من الاهل او من المسئولين، ويتبادر لنا الرغبة بان يزاحوا من طريقنا، لكن لا يصل بتفكير أي شخص ان يقتل. اعتقد ان من يقتل اما يكون سفيها جدا وينفذ جريمته بدون وعي، وهنا يعرض على اخصائي نفسي وعقلي لتقييم حالته. او ان يكون السبب الدفاع عن النفس من اعتداء وهنا لا تنظر على ان عمليه القتل تمت بالعمد ويخفف الحكم بها ولا تصل للإعدام. او ان يكون بسبب الخوف فيكون قد تعرض لتهديد او قهر شديد من الشخص الذي قتله فقرر التخلص منه، وهنا يجب ايضا معرفة حيثيات الجريمة ودوافعها. او ان يكون بسبب التحريض من اطراف معينه ادى بالقاتل ان يفقد سيطرته على نفسه ويقتل وهنا لابد ان تدرس ايضا اسباب الجريمة. او ان يكون القتل خطأ والقتل الخطأ له احكامه الخاصة بدفع الديه ولا يصل الحكم للإعدام. ملاحظتي الخاصة في عمليات التحقيق بكافة دول العالم انه يتم الاهتمام فقط بانتزاع اعتراف من المجرم انه ارتكب المخالفة وان كانت المخالفة تافهة ككتابه مقال او تعليق في النت او خلاف عابر ويتم تضخيمها ولا يسمح للجاني الدفاع عن نفسه، ولا اعرف كيف تتم الامور بالقضاء واذا كان يعطي الجاني المجال لمحاكمه عادله ومحامي يدافع عنه. لذا ادعو للعدل في عمليات التحقيق والقضاء والتعامل مع الجاني انه بريء حتى تثبت ادانته ويحاكم بالعدل ومراعاة دوافع الجريمة.

4. عودتنا حركة حماس ان تمضي في اجنداتها وقراراتها التي تخدم مصالحها وان تتصرف كوصي على الشارع الفلسطيني، فلا تصغي للمعارضين وان كانت تعلم ان قراراتها خاطئة وفيها انتهاك صريح لحقوق الفلسطينيين. اذا كان السبب في تنفيذ احكام الاعدام الردع، فالتعلم ان الردع يعود برد فعل معاكس وهو الاحتقان والانفجار. وكما ذكرت مسبقا اننا ننعم بالأمن مقارنه بالدول الاخرى كأمريكا الجنوبية والشمالية وجنوب افريقيا ولا يوجد لدينا مافيات وفلتان امني يغطي عليهم القانون، بدليل ان عمليات القتل كانت فرديه من اشخاص بسطاء تم الوصول للفاعل بسهوله ولم تكن من عصابات مدربه تعرف كيف تخفي جرائمها ومن المحال الوصول للفاعل.

5. من الملاحظ ان المجلس التشريعي في غزه جاهز دائما لسن قوانين واصدار قرارات تخدم مصالح حركة جماس ويريد ان يحكم غزه بالقبضة الحديدية، وهو يغمض عينه عما يشاء من ممارسات الحركه او المسئولين فيها ومن النادر ان يستجيب لتظلمات وشكاوي الناس الذين يرون ظلما في المؤسسات، فيتم حفظ شكاويهم ويقال لهم انهم لا يتدخلون في قرارات الوزارات بحجة انهم سلطه رقابية وليست نتفيذيه وكأن وكلاء وزاراتهم مقدسون. غير ذلك ان المجلس التشريعي في غزه متمرس في القاء المسئولية على السلطة في معاناتنا بغزه بينما هم يعرفون ان حماس من تحكم ويسيطر في غزه ولا تريد اعطاء مجال لتمكين السلطة في غزه بدليل رفضها مبادرة معبر رفح القائمة على المشاركة. هل للمجلس التشريعي اعطائنا عنوانا نلجأ اليه للتظلم من قرارات وكلاء وزاراتهم او المسئولين الذين عينوهم لنا في ظل هذا الانقسام ؟؟ وهل يعطوننا عنوانا نلجأ اليه لحل مشاكلنا في السفر والبطالة والكهرباء ؟؟ اعتقد هذا ما يجب ان يحلوه للشعب وليس ايجاد مبررات لتنفيذ احكام بالإعدام.

6. يا ترى ماذا بعد ايجاد المبررات لتنفيذ احكام الاعدام في اشخاص مارسوا عمليات قتل بهدف الردع، هل نامن ان يتم تنفيذ احكام اعدام في اشخاص ابرياء لم يرتكبوا أي جرائم قتل لاسباب سياسيه مفتعله مثلا ؟؟

سهيله عمر
[email protected]