امريكا...اسرائيل بين المكابرة والغرور!!

بقلم: وفيق زنداح

لا نصنع بفكرنا ...ولا نخترع براينا عناوين مقالاتنا بقدر ما تأتي تلك العناوين من خلال متابعتنا وتحليلنا ....ومدي قدرتنا علي توازن افكارنا وموضوعيتها ...كما قدرتنا علي قراءة واستيعاب ما يقال هنا او هناك من تصريحات .....وما يشاهد باعين المحايدين... بعيدا عن المواقف المسبقة ...او محاولة لاسترجاع ذاكرتنا وارشيف اعلامنا .... تصريحات قديمة وربما متناقضة مع كل ما يقال اليوم.

لسنا بدور كشف التناقض الشخصي ...السياسي ...والتنظيمي لهذا الفصيل او ذاك او لهذه الدولة او تلك او لهذا القيادي او هذا القائد... كما لسنا بدور تسجيل الاخطاء... وابراز العيوب والثغرات ...وكأننا نتصيد اخطاء غيرنا ...وليس محاولة للنقد البناء ...والمراجعة الدقيقة والاستخلاص الايجابي لما يدور بذاتنا ومن حولنا .

على قاعدة التوازن الفكري الموضوعي ...وعلى قاعدة تحديد المسافات ما بين القضايا ...دون تداخل مقصود وهادفة لا يمت بصلة بما نحن عليه ...ومحاولة تمرير بعض المواقف التي لا علاقة لها بالزمان والمكان ...ومحاولة استحضار قضايا ذات حساسية عالية ....بمحاولة طرحها واثارة الغضب حولها... من خلال ما يطرح من بعض التصريحات او ما يحدد من مواقف ...تدخلنا بمتاهات ومنزلقات ....وتعمق من خلافاتنا المتكررة بأسبابها الواهية ....وذرائعها التي لا تنطلي علي احد.

التاريخ القادم... من محطاته ومنعطفاته يعيدنا بالذاكرة... الي الكثير من المواقف التي ظهر عليها وتعمق بداخلها الكثيرة من الغرور والتعالي ....والمكابرة الزائفة ... وما جرى من محاولات اظهار القوة المتغطرسة ...ببهلوانية فارغة... ليس لها اساس وجذور ...يمكن الاعتماد عليها في بناء فكر سياسي ....يمكن ان يسجل بصفحات التاريخ ... لتعظيم هذا اوذاك ....او للتقليل من مكانة هذا او ذاك.

المكابرة ...والغرور والتعالي والغطرسة ...والبطش والانتهاك مفردات مرت عبر مراحل التاريخ بما كان يجري ما بين القبائل من اقتتال ....وما يهتك من اعراض ...وما ينهب من اموال ....في ظل عبودية ... سائدة تحكم فيها الاقوياء يقوتهم وبطشهم ....بمحاولة اركاع الضعفاء... ومن استسلموا لعدم قدرتهم علي مواجهة بطش الاقوياء وغطرستهم وامتدادات جيوشهم ...منذ التتار والمغول والفرس والصليبين ....وامبراطوريات العهد القديم .....وما تكرر عبر التاريخ الحديث من امبراطورية اميركية اصابها الغرور والتعالي والمكابرة ....وعدم الاصغاء للإنسانية ومتطلباتها استنادا لمفاهيم الغطرسة والمكابرة والغرور ....المستمد من قوة البطش المتحكمة بمعادلة السياسة الدولية التي فرضت نفسها بعناصر القوة العسكرية والاقتصادية وليس بمقومات الحق والعدل.

المشاهد والاثباتات التاريخية ... أوضحت أن امريكا العظمي قد اصابها ما اصابها من ازمات في وقتنا الحالي ... وما اصابها من نكسات وتراجعات منذ عقود ... حيث هزمت بالحرب الفيتنامية امام ثوار الفيتكونج ... كما هزمت بأفغانستان بعد ان ولدت بفعل سياساتها كافة القوى الارهابية من القاعدة وطالبان ... كما هزمت بالعراق رغم احتلاله وسرقة خيراته واثارة الفتنة ما بين طوائفه بصناعة داعش وغيرها من المسميات الارهابية ... كما هزمت في سوريا بدعمها لداعش والنصرة مع حلفائها الاقليميين ... كما لم تنجح في مصر بمناصرة الاخوان وتعزيز حكمهم الذي انهار باقل من عام ... في ظل انهيار منظومة المخطط المدبر للمنطقة حول الشرق الاوسط الجديد والكبير وسياسة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ... كما فشلت امريكا بسياستها الخارجية حول ما تم تسميته بالربيع العربي والذي ثبت فشله ... كما فشلت ادواته ... اضافة للدول السابقة كما حدث في تونس وليبيا.

المواقف الامريكية اصابها الفشل رغم تصَدرها للسياسة الدولية ... كما تفوقها بالقوة العسكرية ... كما قدراتها الاقتصادية التي تتلاعب بها لإثارة الخلل بميزان التجارة الدولية واسعار الدولار واليورو مقارنة بالذهب واسعار النفط التي تنخفض اسعارها بصورة متزايدة .

امريكا المكابرة بعدم اعترافها بحقوق الاخرين ... كما غرورها وغطرستها المستند الى عناصر القوة العسكرية والاقتصادية ارادت ان تصنع لنا بالمنطقة كيانا مكابرا ... ومغرورا ... كيانا متغطرسا ... ومتعطشا لدماء الابرياء ... كيانا لا زال على عدوانه واحتلاله واستيطانه ... ولا زال على مواقفه الرافضة لقرارات الشرعية الدولية ... وللاتفاقيات الموقعة ولكافة المبادرات الدولية والعربية الداعية للسلام واحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني .

اسرائيل هذا الكيان العنصري المتعالي عن العالم ... والمكابر .. المتغطرس بقوته العسكرية وهذا الغرور الذي اصاب ساسته وقادته وفكرهم السياسي وكأنهم من اصول وجذور عرقية تختلف عن البشرية ... بمحاولتهم صناعة التاريخ المزيف ... وتصديره للرأي العام العالمي حول حقهم التاريخي بارض فلسطين من بحرها الى نهرها ... كما حقهم بما يسمى بالهيكل المزعوم ... وكأن الشعب الفلسطيني لا وجود له ... وقد سقط من السماء ... دون جذور بالأرض وكان تاريخ الكنعانيين لا يعبرعن جذور تاريخنا ... ووجودنا المتجذر بباطن الأرض... وعمق البحر ... وعلى سفوح الجبال وفي داخل الصحراء .

فلسطين الأسبق بتاريخها...وجذورها ... كما انها الأحق بحريتها... واعلاء شأنها ... وحرية شعبها...وبناء دولتها المستقلة ... وليس من حق المكابرين ... ومن اصابهم الغرور ... ان يستمروا بعنجهيتهم وغطرستهم واحتلالهم ... لان التاريخ اصدق بصفحاته... اعمق بجذوره... واصدق بكلماته... ولا مكان للمكابرة ... والغرور القاتل... امام اصحاب الحق الواضح والثابت .

بقلم/ وفيق زنداح