حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وعبر تاريخ نضالها الطويل ....ومسيرتها الكفاحية.... سقط لها عشرات الالاف من القادة والمناضلين على دربها ومسيرتها ...ولا زال يسقط الكثير ما بين شهيد وجريح واسير بفعل نضالها المستمر ...وتمسكها بالثوابت الوطنية.... كما حرصها على ابقاء شعلة الثورة مشتعلة حتي انجاز مشروع الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
هذه المواقف المبدئية والتاريخية ....والتي لا زالت حاضرة بقلوب الملايين من أبناء هذه الحركة العملاقة التي تقدر قادتها .....كما تقدر شرعيتها بحياتهم ومماتهم ....باستشهادهم أو اسرهم .
هناك من القادة والمناضلين الذين نختلف معهم ببعض الآراء والمواقف ....لكنك لا تستطيع الا أن تحترمهم وتقدرهم ....ولا تستطيع الا أن تذكرهم بأطيب الكلمات ...وأن تشييد بهم بأعظم المواقف ...وأن تسجل عبر سيرتهم ما يستحقون من عبارات الاشادة والثناء .....ووصفهم بسماتهم وعناوين حياتهم ....والتي توكد أنهم على عهدهم وعلى دربهم ....وقضوا من اجل وطن وفكره ....فكانت عظمة حياتهم ....كما عظمة مماتهم ...وفقدانهم في لحظات .....كنا بأشد الحاجة لهم ....ولحكمتهم .....وصدق تعابيرهم ....وصوابيه تحليلهم ....لكنها الحياة والقدر ....والنهاية الحتمية .
اليوم نستذكر قائدا وطنيا فتحاويا ...قائدا مثقفا وحدويا المرحوم عبد العزيز شاهين والملقب أبو علي شاهين ....والذي يعتبر من الشخصيات الوطنية التي تعرفنا عليها من خلال مسيرتها النضالية ....ومن خلال لقاءاتها التلفزيونية والاعلامية ....كما تعرفنا عليها من خلال ما قرأنا لها من مقالات تحليلية ومواقف جدية لا لبس فيها ولا غموض .
انا واحد ....من اللذين التقوا بالمرحوم ابو علي شاهين لمرة واحدة ...وليس لي معرفة شخصية به... ولم يكن لي جلسات معه ...ولم تربطني به علاقة اجتماعية ...او تنظيمية ...أو ثقافية ...لكنني التقيت به مرة واحدة ....وسأسرد خلفية هذا اللقاء .....ليس لشيء ....وانما لأكد مضمون الفكرة التي اريد ايصالها ...والتي سأحاول أن أوضح أن المرحوم أبو علي شاهين قائد مثقف ....موثق لما يقول ...ولما يقال ....صريحا الي حد بعيد ....وقادرا على ايصال فكرته ومواقفه بصورة صادقة وصريحة .....اقول هذا ليس من باب المجاملة ...لقائد رحل عن هذه الدنيا ....وليس لمن وراءه ممن يحبونه ويعشقونه ...ولكنني أقول هذا الكلام صدقا مع نفسي ...وصراحة تجعلني أتحدث بذكري رحيله ....وفاءا له ...الحادثة باختصار.... أنني بحكم عملي الاعلامي قد دعوت المرحوم ابو علي شاهين للحديث ببرنامج (اعلام وقضية )الذي كان يبث عبر تلفزيون وفضائية فلسطين ....وعندما حضر المرحوم ابو علي شاهين جلس بقاعة الانتظار ....ولم يكن يعرفني ...ولكنني كنت اعرفه بحكم أنه قائد وشخصية اعتبارية ....وعرفته على نفسي ...وسألني حول موضوع الحلقة ....فقلت له الموضوع.... وأوضحت له مادتها الحوارية بكافة أسئلتها ....وعندها نظر الي وقال لي رحمه الله ...(هذا جيد..... ولم أستمع اليه من قبل ....ولكن لعلمك أنني أتحدث كما اشاء ...وكيف أشاء ...) فكان ردي : (لك ما تشاء من الحديث ....ولي ما اشاء من السؤال ..وأهلا وسهلا بك ).
يبدو أن الرجل رحمة الله .....اعجب بردي ....فكان أن بدأ البرنامج ....ليتحدث المرحوم أبو علي شاهين معجبا بما قلته له ....والذي لم يسمعه من قبل .....أتحدث حول هذا الموضوع ... لأعطي بعض السمات والصفات التي تعبر عن صدقه ومصداقيته ....عن صراحته وشجاعته ....كما أتحدث حتي أوضح أنه رحمه الله كان رجلا توثيقيا في كلامه ...ولا يحاول ان يتحدث كلاما مرسلا دون سند أو تاريخ ....وهذا ما يعني بالنسبة لي ...ولغيري من الاعلاميين صدق القول ....ومحاولة تأكيد ما يقال ....وعدم التشكيك به .
الحادثة الثانية .....والتي تعبر على أن المرحوم ابو علي شاهين لم يكن قائدا وطنيا مثقفا فقط .... لكنه كان قائدا وحدويا انسانيا ....بصورة لمستها..... بل سمعت بها ....من احد أبناء القادة الكبار والذي استشهد على يد العدو الصهيوني عندما تم اغتياله بمدينة غزة ...والحديث لابن القائد الشهيد أن المرحوم أبو علي شاهين كان يذهب الي قبر الشهيد ليقوم بالتنظيف من حوله ...ورشه بالماء ....وقراءة القرءان والفاتحة على روحه .
لم أندهش ...ولم أتعجب ...عندما سمعت هذا الكلام.... لمعرفتي ويقيني وثقتي ....أن أبناء وقادة حركة فتح يحملون بقلوبهم محبة الجميع ....وليس بذاكرتهم الا كل ما هو طيب وحسن ....وأن قلوبهم محبة للجميع ....ولا تعرف الحقد والكراهية.... لأنها ثقافة الحركة الوطنية الوحدوية التي تميز فتح بقادتها وأعضائها ومناصريها وجماهيرها .
الذكري الثالثة لرحيل القائد أبو علي شاهين ...ستبقي ذكري خالدة بذاكرة الفتحاويين ...وكافة ابناء شعبنا .....الذين يحرصون على قادتهم ومناضليهم ...كما يحرصون على الوفاء لهم بذكري استشهادهم ورحيلهم ....واليوم واذ نستذكر المرحوم أبو علي شاهين بتاريخه النضالي ...ومواقفه الوطنية ...والتي ستبقي مسجلة بصفحات التاريخ ....حول احد قادة الحركة الذي أفني عمره لأجلها وعمل ما باستطاعته لأجل نهضتها ....وقوتها ..... ووحدتها ....فكان له ما له ....وكان عليه ما عليه ....لكنه عمل بصدق رحمه الله ....وأسكنه فسيح جناته ....وألهم ذويه وأصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان ...
وانا لله وانا اليه راجعون.
بقلم/ وفيق زنداح