في غياب الفلسطينيين والإسرائيليين انتهى مؤتمر باريس للسلام بلا شيء على رغم جهد الرئيس فرانسوا هولاند وحسن نواياه، وكل مؤتمر مقبل سيفشل لأن في اسرائيل حكومة إرهابية تكتفي من السلام بالحديث عنه فيما هي تحتل وتقتل وتدمر.
حكومة مجرمي الحرب تحدثت عن وساطة مصرية، يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس محمود عباس يريد دوراً مصرياً وقد اجتمع مع الرئيس المصري وطلب مساعدته. إذا قامت مصر بدورٍ بين الفلسطينيين وإسرائيل فسيكون هناك جانب مصري - فلسطيني في مواجهة "البغل" الإسرائيلي.
البغل هذا هو إسرائيل، فهي من دون أصل تفاخر به ومن دون مستقبل تتطلع إليه، وصفة البغل العناد، فحكومة الإرهابيين تضم بعض أكثر أحزاب اليمين تطرفاً، فواحد منها برئاسة ولدٍ أهله هاجروا من الولايات المتحدة وآخر برئاسة مولدافي مهاجر، والجميع لا حق له إطلاقاً بالوجود في بلادنا. هم يريدون اعتبار مستوطنة معالي أدوميم جزءاً من إسرائيل.
الإسرائيليون يتحدثون عن الرئيس السيسي كصديق. هو ليس صديقاً لإسرائيل، وأنا أعرفه. قرأت في "جروزاليم بوست" اليمينية أن رئيس وزراء الأردن الجديد هاني الملقي قد يكون صديقاً لإسرائيل. هو ليس صديقاً ولن يكون، فالتصريحات السياسية العلنية شيء، وما يقول القادة العرب في مجالسهم الخاصة شيء آخر، مختلف تماماً.
في باريس شارك 30 وفداً تمثل دولاً ومنظمات، وانتهى الحديث إلى لا شيء، وأي مؤتمر مقبل للسلام سينتهي بالفشل لأن إسرائيل لا تريد السلام، بل سرقة ما بقي من أرض فلسطين. إسرائيل كلها مستوطنة، والإسرائيليون كما قال محمود درويش يوماً: أيها المارون بين الكلمات العابرة. هم في فلسطين بتأييد من الكونغرس الأميركي ويعيشون على حساب دافع الضرائب الأميركي. أقول لهم مع محمود درويش أيضاً: احملوا أسماءكم وانصرفوا / واسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا.
أعود الى السياسة، وكما أن رأيي مسجل في المؤتمرات عن سورية وعبثيتها لأن النظام يريد استسلام المعارضة وهذه تريد رحيل النظام، فإن رأيي في محاولات السلام مع إسرائيل أنها أكثر عبثية لأن الجانب الفلسطيني قَبِلَ دولة في 22 في المئة فقط من أرض فلسطين، والجانب الإسرائيلي يريد سرقة ما بقي تحت الاحتلال بالاستيطان والقتل والتدمير.
أوقح ما قرأت عن الموضوع اقتراح الإرهابي بنيامين نتانياهو أن تعترف الدول العربية بإسرائيل لتسهيل عملية السلام. هو طلب تعديل مبادرة السلام العربية التي اقترحتها في الأصل المملكة العربية السعودية، وقد ردَّ عليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالقول في باريس إن المبادرة، كما هي، أفضل فرصة للسلام. أقول لا أعتراف بممارسي الإرهاب.
جريدة "وول ستريت جورنال" التي تضم عدداً كبيراً من الكتّاب الليكوديين تقول إن المسؤولين الإسرائيليين يأملون بأن يقنع الرئيس السيسي الدول العربية، بما في ذلك الأردن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، بأن تبدأ تطبيع العلاقات الاقتصادية والديبلوماسية مع إسرائيل لتشجيعها على المضيّ قدماً في عملية السلام مع إسرائيل. أرفض التطبيع رفضاً مطلقاً.
العالم كله يكره إسرائيل، من طلاب الجامعات حتى المسنين المتقاعدين. هناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، غير أن المصري كما أعرفه هو صاحب متجر في خان الخليلي دخل سياح إسرائيل متجره، ففرّ خارجاً وهو يصرخ: الله أكبر. الله أكبر. أنا ما تعملش مع يهود. أنا ما بعش يهود. كنت مع أصدقاء مصريين وشاهدنا غضب التاجر واستياءه. قال لي صديق مصري: كلنا هذا الرجل.