يشكل قبر سيدنا يوسف عليه السلام في مدينة نابلس في فلسطين ، نقطة إحتكاك تكاد تكون شبه يومية ، فكلما أراد قطعان المستوطنين إقتحام مقام قبر سيدنا يوسف عليه السلام بحجة الصلاة فيه ، يكون ذلك تحت حراسة مشددة من قوات الإحتلال الإسرائيلي في جنح الظلام وتشكل هذه المنطقة خنجراً مغروساً في صدر مدينة نابلس وخاصة ما يعانيه أهالي بلاطة البلد والمناطق المجاورة من حصار يفرض عليهم ، ومنع تجوال وإطلاق لقنابل الصوت والغاز بكثافة إلى جانب إطلاق الرصاص في وجه الأهالي وأبناء المدينة الذين يتصدون لقوات الإحتلال بالحجارة والهتافات المنددة بهذه الممارسات الهمجية ضد أبناء شعبنا ليشكل نسبة اعتقال الشباب في مخيم بلاطة 90% وكل تلك الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي وقطعان مستوطنيه تحت حجة الصلاة في هذا المكان .
فلم تفصلنا وقت قصير على بدء الصوم في شهر رمضان المبارك حتى جاء نبأ زفاف البطل من حي بلاطة شرق مدينة نابلس الذي كان يدافع عن أهله وضد ممارسات قطعان المستوطنين ، متأثراُ بجراحه إنه الشهيد " جمال دويكات " ، فبعد ليلة ظلماء اقتحم فيها عدد من قطعان المستوطنين ، يترأسهم وزير الداخلية الاسرائيلي ، قبر سيدنا يوسف عليه السلام وذلك بحجتهم البريئة التي يتذرعون بها وهي الصلاة فيه ، هناك كان الموعد البطولي مع الشهيد الدويكات حيث نشر الرعب في قلوب المستوطنين ليعود في الليلة التالية إلى نفس المكان ليروي بدمه الطاهر أرض فلسطين ، بعدما أطلق عليه جنود الاحتلال الذين يرافقون المستوطنين طلقاً نارياً أصابه إصابة مباشرة في رأسه من على بعد 50م ، مخلفة ضرراً بالغاً في دماغه لينقل إلى مشفى رفيديا التي اجريت له عملية جراحية فيها ومع ظهر يوم السبت تم نقله إلى "تل هشومير" في الأراضي المحتلة عام1948 وبرغم ذلك حالته ازدادت سوءً ليكون الأول من رمضان على موعد مع نبأ استشهاد جمال دويكات الذي عاش معاناة الأسر مدة 3 سنوات عندما كان عمره 16 عاماً وكان لايزال على مقاعد الدراسة أنذاك ليفرج عنه قبل عام لينال الشهادة التي روحه تطلبها ، وبرغم استشهاده إلا أن ذلك لم يمنع سلطات الاحتلال الإرهابية من استخدام جثة الشهيد لابتزاز أهله وذويه وأهل المنطقة من خلال اللعب على اعصابهم كنوع من أنواع القهر النفسي وسياسية الابتزاز من خلال ابلاغهم عن تسليمهم لجثة الشهيد وتأجيل التسليم لعدة مرات ليسلم أخيراُ جثمانه الطاهر فجر يوم الأريعاء .
واختتم أسطري بأنه ليس هناك كلمة يمكن لها أن تصف الشهيد جمال دويكات ، ولكن قد تتجرأ بعض الكلمات لتحاول وصفه، فهو: شمعة تحترق ليحيا الآخرون، وهو إنسان يجعل من عظامه جسراً ليعبر الآخرون إلى الحرية وهو الشمس التي تشرق إن حلّ ظلام الحرمان والاضطهاد ونوراً على طريق تحرير كل شبر من أرض فلسطين.
بقلم الأستاذ وسيم وني " اتحاد الصحافة العربية "