كثيرة هي الأخبار التي تتحدث عن المصالحة، مواعيد، زيارات، برامج، اتفاقات، اختلافات، فواصل، استكمال، موانع، إعلام، تعنت، رفض، وقبول، ولهذا نجد المواطن العادي لا يكترث كثيرا لهذه الأخبار بتفاصيلها، لأن لديه سؤالا ومطلبا واحدا، فقد سقط من فوق السفينة الكبيرة، ليجد نفسه في وسط "الانقسام" لا يعرف أين يتجه ولا يسمعه أحد، فيحاول أن ينجو بنفسه، بالرغم من كل الظروف الإجبارية التي يصطدم بها أو تصدمه، في النهاية هو يبحث عن محرك الاتجاهات ولو كان خيالاً، لعل وعسى أن يلتقط الإشارة الأولى أنه في الطريق الى شاطيء الأمان .
إن أحد أهم العوامل المهملة في تشخيص سبب استمرار الانقسام، هو العامل الثقافي، فالانقسام جعل للناس أنماطاً من الحياة، فالبعض أصبح لا يرى الانقسام، لأن مصالحه وأمواله وحياته أصبحت مختلفة عما قبل الانقسام، والبعض الآخر هو "الغريق" الذي لا يملك إلا انتظار تحقيق المصالحة، ومن هنا تأتي "ثقافة" إنهاء الانقسام .
إن رصد مستويات الحالة النفسية والعقلية والسلوكية والعملية لمن يعانون من الإنقسام، سوف يولد لدينا حقيقة واحدة وهي أنه يجب أن ينتهي الانقسام فوراُ، وكفي سنوات من الضياع والتيه، فلا مجال للانتظار لمساء جديد آخر، ينتهي بظلام وخوف وريبة وهروب من الحياة، فكل ما دون ذلك هو مجرد "كلام فارغ" أي لا حقيقة له، ولا فائدة منه، ويعتبر إهداراً للوقت وتنويما مغناطيسيا احترافيا.
إن ثقافة إنهاء الانقسام، هي نفسها ثقافة المصالحة، والفاصل هنا هو بناء الثقة والذات الحقيقية، وإيجاد حقائق على الأرض، لاعتبارها مؤشرا إيجابيا ودافعا للناس، ليتفاعلوا مع أخبار المصالحة.
ينتظر الجميع أن يتوج القرار الوطني الفلسطيني التصالحي، بعملية إنهاء الانقسام ،و الوصول إلى الحلول لكافة الملفات والقضايا المختلفة والمختلف عليها، لأن عجلة السياسة الإقليمية تدفع بمزيد من التيارات في المنطقة وبسرعة جنونية وتستبق كل شيء، وتحاول أن تفرض واقع إقليمي جديد، وبمعادلات ومعايير جديدة، لهذا يجب أن نحدد وجهتنا الحقيقية من عملية مصالحة كاملة تنتهي بتشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخابات شاملة، وبناء مؤسسات الوطن وتعزيز القرار الوطني الفلسطيني المستقل، ومواجهة كل ما يريد الإقليم فرضه علينا، لكي ننجو من ويلات الانقسام، والخسارة على كل المستويات.
كل عام وانتم والوطن بكل الخير، ومعززا كريما موحدا ومستقلا ومحررا .
بقلم/ مازن صافي