قال لي أحد الخبراء في تربية النحل، وفي إنتاج العسل على مستوى قطاع غزة،: طرد النحل لا يهاجم، ولا يلسع، طرد النحل مسالم إلى أبعد حدود، نقوم بقطفه عن الشجرة التي نزل عليها، مثل الثمرة، ونضعه في الخلية دون أن يقاوم.
وحين سألت أبو العبد الزقزوق: وما هو طرد النحل؟ قال:
هو مجموعة من النحل الذي ترك خليته مطروداً، وسار خلف ملكة صغيرة السن، تركت بيت أمها لتبحث عن مأوى جديد.
وحين سألت خبير النحل: ولماذا لا يهاجم طرد النحل من يقترب منه؟ لماذا هو مسالم إلى هذا الحد؟ لماذا لا يدافع عن نفسه؟
ضحك أبو العبد وقال: وهل النحل المهاجر له وطن كي يدافع عنه؟ وهل النحل المطرود من الخلية له أرض كي يدافع عنها؟ وهل المشتت الجائع يدافع عن نفسه أم يفتش عن مأوي؟
أحسنت يا خبير النحل، فالكائن الحي لا يدافع إلا عن وطن ينتمي إليه، ويعيش بكرامة فوق ترابه، وهذا السلوك ينطبق على الإنسان الذي يفقد الشهية في الدفاع عن وطنه كلما فقد الارتباط فيه، وفقد الثقة بسكانه، لذلك ترى بعض الناس لا يقاوم، ولا يدافع عن وطنه، ولا يحميه، حتى وهو يرى عدوه يجوس خلال الديار، ولا يجتبيه.
لقد أجاب سلوك النحل الغريزي على سؤالين:
السؤال الأول: لماذا لا تدافع السلطة الفلسطينية عن الأرض الفلسطينية التي يغتصبها الصهاينة بقوة السلاح؟ لماذا لا تلسع السلطة الفلسطينية الغاصبين للأرض؟ لماذا لا تقاتل، ولا تقاوم، ولا تستعرض قبضتها في وجه الاحتلال، ولا تبصق في وجه المستوطنين بالنار والغضب؟.
السؤال الثاني: لماذا تتصرف القيادة الفلسطينية مثل طرد النحل، فلا تلسع الأعداء بنارها، ولا تطلق عليهم برشاشاتها، وتصر على المفاوضات، وترى بالمقاومة عملاً تخريبياً؟.
سيقطف الشعب الفلسطيني عسل النصر إذا اختار قيادته التي تؤمن بأنها صاحبة البيت وليست طريدة، وأنها صاحبة الحق وليست متسولة، وأنها صاحبة الأرض وليست غازية، وأنها صاحبة الوطن الذي يفرض عليها مقاومة الإسرائيليين، ودون ذلك، سيظل شعبنا مثل طرد نحل معلق على فرع شجرة.
د. فايز أبو شمالة