وقت مكان رئيس وزراء تركيا داوود اوغلو يتفاوض مع الاتحاد الاوربي بخصوص اللاجئين كان الاعلام الالماني يشن هجوم حادا على الرئيس التركي اردوغان، حتى قادت ميركل بنفسها سلسلة التصريحات الهجومية على اردوغان، و لكن الاخير لم يدرك أهمية و ما بين سطور رسائل برلين، فخرج بعدها ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني يقول ساخرا بأن تركيا لن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي قبل سنة 3000م، الى أن جاء اعتراف البرلمان الالماني بإبادة الارمن، فما كان لاردوغان أي عقل يفهم به تلك الرسالة، و ما ستقبل عليه تركيا بالخريف القادم . و لانه متأثرا بثقافة العثمانيون جاء رده عبر بث برامج دينية بمتحف ايا صوفيا، قبل أن يصر خليفة المسلمون السلطان العثماني أردوغان الاول على المشاركة فى تشييع جثمان محمد على كلاي، و بالتأكيد أصر على ان يظهر فى ثوب الخليفة و يعظ فى الحضور، و لكن جاء الرد بأقصى درجات المهانة له و لزوج بنته بيرات البيرق وزير المصادر و الطاقة و لطاقم حراسته كاملا، حتى اضطر أن ينسحب من مراسم التأبين مكتفيا بما تلاقاه من صفعات بولاية كنتاكي الامريكية .
وبنفس الوقت الذى كانت فيه المانيا تشن هجومها على الرئيس التركي اردوغان كانت الاستخبارات الالمانية تسرب تقارير للصحافة الالمانية و الاوربية تفيد بتورط المملكة العربية السعودية فى دعم تنظيم داعش، فى حادثة هى الاولى من نوعها ان تنشر بالصحافة الالمانية تقارير استخباراتية موثقة، و هنا لم تنتظر برلين اي رد من الطرف الاخر حتى رسمت بالاضاءة على سفارة المملكة العربية السعودية ببرلين علم داعش .
برلين التى تبنت دور الموجه و الناظر الجديد لم تكتفى بأرسال الرسائل للرياض و أنقرة فقط، بل كانت أكثر حدة مع موسكو حينما ادرجت روسيا بـ "الكتاب الابيض" الخاص بالسياسة الامنية لبرلين كمنافس (ان لم يكن عدو) بدلا من شريك، حتى جاء تعليق موسكو بأن ألمانيا أصبحت نسخة للخط الأمريكي في القارة الأوروبية .
أنتبهو جيدا للرسائل الصادرة من برلين دوما، و التى تقود ما يسمى بالسياسة الشرقية للناتو، و ما سيسفر عنه مؤتمر الحكومة العالمية بلدربيرغ المقام حاليا فى درسدن الالمانية بعد ان وضع النفوذ الروسي و الصيني ثم منطقة الشرق الاوسط اولى اولوياته، بجانب دور القيادة الجديدة للولايات المتحدة الامريكية، فالمانيا الان باتت تخرج منها التصريحات و تتجه نحوها الكاميرات أكثر من واشنطن نفسها، و تمعنو فيما بين سطور رسائل برلين لانها كثيرا ما ستوضح شكل بوصلة السياسية الدولية بالفترة القادمة .
بقلم/ فادى عيد