كل شخص منا يلتقي في كل يوم بالعديد من الاطفال الذين يسألون الناس المساعدة، اطفال نساء رجال كبار بالسن وذوي احتياجات خاصة، كثيرة هي الحالات التي من المؤكد ان كل انسان منا تعرض في يومه لأحدى الحالات او أكثر.
هي الحاجة والفقر المرض والجهل والقهر والضياع, مما لا شك فيه أن هناك حالات تسول كبيرة امتهنت هذه المهنة وتجد فيها سبيلا للعيش ولكن هناك كذلك الكثير من اصحاب الاحتياجات الحقيقة بسبب الفقر بسبب فقدان الاهل ومرض الاب, الاسباب كثيرة لا حصر لها ولا اخفي عليكم ان اي انسان منا لا يستطيع تلبية طلبات هذه الفئة من المجتمع فقد انتشرت وزادت في الآونة الاخيرة خصوصا بعد مرور عشر سنوات على الحصار وحروب ثلاث اقترفتها ايدي جيش الاحتلال وما نتجه عنها من دمار ومرض وفقر, وضياع الكثير من فرص العمل بعد تدمير المصانع والبيوت وصولا للمساجد والمدارس, ولا يغيب عنا ان الحصار له ذراع كبير في تلك الحالات التي افرزتها البطالة والحاجة الماسة للعمل دون اي فرص تذكر.
لا اعلم ما هي الحلول التي من شأنها المساهمة في علاج هذه الظاهرة الخطيرة التي انتشرت بغزة, الكثير من اصحاب الخير بغزة وخارجها يساهمون في حل اشكاليات فريدة لبعض الاسر من ايتام ومن فقراء ومرضى, ولكن تبقى الامور بحاجة الى علاج اكبر واشمل من اصحاب الخير, الجمعيات الخيرية كذلك لها نصيب من المساهمة في تقليل هذه الحالات ولكني ارى انها موسمية في اشهر معينة كما شهر رمضان وعيد الاضحى وباقي العام تكون المساعدات محدودة للغاية لمئات من الاسر, ويبقى الالاف دون سند او معين يضطرون لسؤال الناس من اجل اطعام ابنائهم واطفالهم ومعالجة مرضاهم.
الشؤون الاجتماعية كذلك لها دور في المساهمة في تخفيف حدة الفقر لدى الاسر التي يشملها برنامج الشؤون ولكنها لا تفي بالحاجة فقد يصرف لبعض الاسر مبلغ 750 شيكل كل ثلاث أشهر، وأحيانا تمتد الى أربع أشهر بمعنى ان 50دولار شهريا للأسرة لا تكفي لشيء ولا تسد الرمق!!
إن القضية أكبر منا جميعا وان لم يكن هناك تظافر ومساهمة من الجميع في تقديم يد العون والمساعدة سيكون لهذه الظاهرة تداعيات خطيرة على المجتمع الفلسطيني بغزة، كما سيكون هناك انتشار للفوضى وازدياد نسبة البطالة والفقر والمرض وحتى ارتفاع وتيرة الجريمة والعنف لدى البعض.
ان ما يحدث بغزة هي مسؤولية الجميع كحكومة وتنظيمات ومؤسسات مجتمع ومؤسسات اهلية وحقوقية, بل حتى هي مسؤولية عربية اسلامية امميه فالجميع له دور بطريقة او بأخرى في وصول الشعب الفلسطيني بغزة لهذه الحالة اما بالصمت على الحصار, او اعطاء الضوء الاخضر لدولة الاحتلال لشن الحروب على غزة, او ممن يساند الاحتلال بالحصار سواء بالصمت او بأغلاق المعابر والتضيق على المواطن كما يحدث من من دول عربية مجاورة, وحتى ول عربية وإن كانت بعيدة جغرافيا عن غزة, كذلك عدد من الدول الاخرى التي باتت تعتبر ابناء غزة غير مرغوب فيهم في اراضيهم ولا يسمح لهم بالعمل, كما ان الدول الغربية التي تدعي الانسانية وحفاظها على حقوق الانسان مدانة وشريكا اساسيا بما يحدث في القطاع من مآسي قد لا يمكن التنبئي بإفرازاتها بالمستقبل .
ان قتل الفلسطيني في غزة لم يعد مقتصر على قتله بالرصاص او بصواريخ طائرات الاحتلال، بل بات القتل البطيء يشمل كافة مناحي الحياة في غزة ولا افهم ما الذي يراد من غزة وشعبها بعد كل ما تتعرض له من جرائم بشعة بحق الانسانية وبحق الشعب الاعزل الذي يعيش القهر منذ عشر سنوات ؟!!
إن كل فصيل فلسطيني وحكومة سواء بغزة او الضفة جميعهم مدانون على صمتهم بل وفشلهم في استيعاب هذا المواطن الذي يضيع ويتيه وسط زحام سياستهم وانقسامهم، ان غزة وشعبها ما عادت تعنية السياسة بقدر ما يعنيهم رغيف الخبز وحبة الدواء وهذا ما كان يريده الاحتلال، والجميع منا ساهم في نجاح سياسته لحد كبير وجعل غزة يعيش المواطن بها كما حطام انسان بل اشلاء شعب ترك يواجه أعتى اعداء هذه الامه وحيدا دون معين !!
محمد فايز الافرنجي