الواقع اثبت ان الحاسة السادسة للشعب الفلسطيني لا تكذب، لذلك لم يلقى بالا لدى انطلاق الجولة الثالثة للمصالحة في قطر، ولم يلفت انتباهه الا صور الوفد الفتحاوي اثناء تناوله الافطار على المائدة القطرية. بل نجد الشعب الفلسطيني لم يكترث حتى لدى التوقيع على اتفاق المصالحة عام 2014 او اشتعال الحروب في قطاع غزه او الانقلاب عام 2007 او لدى حصاره بأغلاق معبر رفح بشكل دائم، فهو قد تعود على الاستسلام لقدره الذي يسوقونه اليه القادة ومن ثم لا يأمل في أي انفراج في اوضاعه في قطاع غزه ويحاول تسيير اموره بأساليب خاصه.
مع انني لست بمحلله سياسيه، لكن اود ان اضع ملاحظاتي العابره حول اسباب فشل الجولة الثالثة لحوار المصالحة:
1. في كل مره يتوجهون فيها للحوار في الدوحة، تخرج حركة حماس بتصريحاتها انها تتمسك بشروطها المسبقة قبل تشكيل أي حكومة وحده وطنيه بان يتم اعتماد كافة موظفيها وبرفضها ان يكون برنامج الحكومة هو برنامج المنظمة الذي يعترف بإسرائيل. والسؤال هنا، لماد يذهبان للحوار اذا عقده الحوار مازالت قائمه ؟؟ حتما يذهبان للحوار على امل ان يتنازل طرف للأخر.
2. من الملاحظ ان نرى وعود قاده حماس بالانفراج في فتح معبر رفح مع انطلاق كل جوله حوار، هذا بالإضافة لمغازلاتها لمصر حتى تقبل بفتح المعبر بشروط حماس بدون عوده حرس الرئاسة اليه. وهذه بوادر اضافيه ان حركة حماس ستفشل حوارات المصالحة بمناوراتها وعلى الشعب ان ينتظر الفرج فيما يخص فتح معبر رفح.
3. حماس تدرك ان ما حدث عام 2007 هو انقلاب بكل معنى الكلمة، وكانت تهدف السيطرة على المؤسسات الأمنية والمدنية لتتحكم بشكل مطلق بالتوظيف والترقية والاعتقال والاستفراد بالقرارات والاموال والاراضي. كما تعلم ان المجلس التشريعي معطل ولم تخدم كتلتلتها الشعب الفلسطيني في حل مشاكله التي يواجها، ونجد مصير معظم الشكاوي المرفوعة لهم الحفظ بحجة عدم التدخل في قرارات وكلاء الوزارات وكان وكلاء وزاراتهم قديسون. هذا الى جانب نظام الطبقية التي تتبعها الحركة ضمنا حيث تعطي الأولوية لعناصرها في التوظيف والابتعاث والمساعدات وتقلد المناصب الدنيا والعليا بالإضافة لوضعها شروط إقصائية حسب الكيف للوظائف خاصه فيما يخص السن اذ تشترط في معظم اعلاناتها للبلديات وشركة الكهرباء للتوزيع ومعظم المؤسسات الحكومية ان يكون سن المتقدم للعمل اقل من 30 عام وكأنهم يبحثون عن عرسان وعرائس . الا انها تكابر وتحاول ان تقنع الشعب الفلسطيني ان انقلابها كان شرعي بسبب فوزها بالانتخابات التشريعية حينها وانها نجحت في تحقيق العدل والامن، وتذهب لجولات حوار المصالحة بكل ثقل على امل تحقيق مكاسب ماديه.
4. الموظفون من الطرفين السلطة وحماس هم من دفعوا فعليا ثمن الانقسام بدون ان يكون لهم ذنب في الخلافات السياسيه او الانقلاب الذي حدث، ولهذا تقف المصالحة عند حل مشكلتهم. اضف ان حماس تكن بكراهية شديده لموظفي السلطة الذين اتبعوا شرعيه رام الله في عدم التوجه للعمل على اثر انقلابها واخذت تسن ضدهم كافه القرارات التي تسلب حقوقهم للتعامل معهم كمواطنين درجه دنيا. من هنا تناور حماس بكافه الطرق لاعتماد موظفيها الذين قامت بتعيينهم ومعظمهم من عناصرها. بينما السلطة تدرك جيدا نوايا ومناورات حماس ولا ترى انه من المنطقي ان تكافأ خاصه العسكريين الذين قاموا بالانقلاب باعتمادهم الفوري، كما تدرك السلطة ان كافة التعيينات التي تمت وبالأخص بالوظائف العليا هي تعيينات حزبيه، فليس من المنطقي ان تعتمدهم في مواقعهم. من هنا تطالب السلطة ان تتولى لجنه اداريه وقانونيه تولي دراسة موضوع الموظفين الذين تم تعيينهم من قبل حماس.
5. حركة حماس حتما تشعر بتهديد للأمن الوظيفي لموظفيها لو سمحت باللجنة الإدارية والقانونية تقرير مصيرهم، وفي نفس الوقت هي تناور لعدم عوده الموظفين القدامى لولائهم للسلطة، ومن ثم تشترط دائما اعتماد موظفيها قبل تشكيل أي حكومة وحده وطنيه بدون عوده للموظفين القدامى الا وفق شروطها.
6. في المقابل باعتبار ان حماس هي التي تسيطر عسكريا في القطاع ، وقد انقلبت من قبل، وترى السلطة جيدا عدم سماح حركة حماس لحكومة الوفاق بالعمل في القطاع، لذا السلطة الفلسطينيه لا تستطيع ان تثق في نوايا حركة حماس خاصه وهي ترى عدم التزامها بالاتفاقات. ما الضمانات ان تسمح حركة حماس للحكومة بالعمل اذا تم اعتماد موظفيها ، وما الضمانات ان تسمح للموظفين القدامى العودة للعمل في مواقعهم، وما الضمانات ان تسمح للأجهزة الأمنية للسلطة بالعودة لا عمالهم. المؤمن لا يلدغ من مرء مرتين. ومن هنا تصر السلطة ان يتم حل اشكاليات موظفي حماس بعد ضمان تمكين الحكومة في القطاع وعوده الموظفين القدامى.
7. اما شرط حماس بأعاده تفعيل المجلس التشريعي، وان كان يبدو هدفا نبيلا لكن ايضا يقف وراءه نوايا مبيته ان تعتمد السلطة كافة القرارات والقوانين التي اصدرها كتله حماس في المجلس التشريعي خاصه فيما يخص الضرائب وتوزيع الاراضي والتعيينات التي اقروها.
8. اما شرط ان يكون برنامج الحكومة ليس برنامج منظمه التحرير الفلسطينيه، فهذا يصب لخدمه حركة حماس للفوز باي انتخابات قادمه لا نها تعرف ان انتخابها وصبر الناس على الحصار والحروب كان بسبب رفضها الاعتراف بإسرائيل وهو مطلب شعبي. لكن حركة فتح ايضا ترى ان الحكومة ستحاصر كما حدث من قبل لو لم يكن البرنامج هو برنامج منظمه التحرير . الا انني ارى ان هذا المشكلة ممكن تحل باي صوره من الصور ولو عن طريق تشكيل حكومة بدون برنامج سياسي.
9. اعتقد ان الدكتور رامي الحمد الله حاول حل كافة الاشكاليات الا انه صدم بمناورات حركة حماس لعدم تمكين حكومته من العمل بالقطاع ورفض حركة حماس عوده الموظفين القدامى تمهيدا لدمج المؤسسات والموظفين بشكل اداري وقانوني سليم. وقد ذكر في مقابلاته انه يرى مشكله دمج الموظفين من ابسط المشاكل مقابل مشكله الامن. وقد توصل في النهاية الى انه يجب ان يتم حل مشكلة الموظفين والأجهزة الأمنية والمعابر معا قبل تشكيل حكومة وحده وطنيه والا لن يتم تمكين أي حكومة قادمه في القطاع في ظل سيطرة الأجهزة الأمنية لحماس.
10. يعقد الامل في مصر في ملف المصالحة، وهذا يعود ان قطر منحازة لحماس، بينما مصر منحازة للسلطة وتعرف كافة خفايا الشأن الفلسطيني وتفاصيل الانقلاب عام 2007 وستميل لحل الاشكاليات بشكل عادل بين الطرفين، كما لديها ورقه ضغط تستطيع ان تضغط بها على حماس وهو معبر رفح ومن ثم ممكن ان تخفف من تعنت حركة حماس.
ومن هنا ارى المخرج الوحيد من مشكلتنا هو احقاق العدل:
• يجب ان تعترف حركة حماس ان ما قامت به انقلاب عام 2007 بهدف الاستحواذ المطلق على السلطة في القطاع. كما يجب ان تعترف بشرعيه الموظفين القدامى وحقهم بالعودة للعمل والكف عن معاداتهم وسن قوانين ضدهم لانتزاع حقوقهم.
• ان يتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. يتم الامر بعوده الموظفين القدامى سواء المدنيين والعسكريين لا عمالهم فورا، ويعود حرس الرئاسة لمعبر رفح للعمل مع القائمين في المعبر. وتعود الأجهزة الأمنية للسلطة تمارس عملها مع الأجهزة الأمنية القائمة بدون اقتتال داخلي. وبذلك تعود الامور الى صوابها.
• يتولى كلا الطرفين دفع رواتب موظفيه حتى يتم دمج الموظفين من كلا الطرفين سواء المدنيين والعسكريين مع التعهد بالأمن الوظيفي لكافة الموظفين وترك الحرية للجنه الإدارية والقانونية تحديد مواقع كافة الموظفين بدون الاستغناء عن أي موظف. وبمجرد الدمج وتمكين الحكومة بشكل فعلي يتم توحيد دفع الرواتب من قبل وزارة المالية.
• يتم بعد ذلك تفعيل المجلس التشريعي لدراسة القرارات والقوانين والاعداد لانتخابات رئاسيه وتشريعيه.
سهيله عمر
[email protected]