التطبيع السياسي جائزة مجانية لدولة الإحتلال

بقلم: عباس الجمعة

لم نتفاجأ ابدا بما يجري من تطبيع سياسي وثقافي واقتصادي مع العدو الرئيسي للامة العربية العدو الصهيوني ، ولم نتفاجأ بالبعض الفلسطيني الخروج عن قرارات الاجماع الوطني الفلسطيني والذهاب لحضور مؤتمر هرتسيليا ، وهنا السؤال لمصلحة من تقدم هذه الجائزة المجانية لدولة الإحتلال ، بعدما اعتبرت المقاطعة بمثابة تهديد استراتيجي لإسرائيل وليس تهديد سياسي،وواضح بأن حالة كبيرة من القلق والإضطراب والخوف والإرتباك تسود دولة الإحتلال وحكومتها تجاه مكانة اسرائيل الدولية في ضوء النداءات والمطالبات المتكررة بفرض العقوبات والمقاطعة الدولية عليها،نتيجة الإحتلال والإستيطان الإستعماري وجدار العزل والضم العنصري وسياسة الفصل العنصرية “الأبارتهايد”،وما ترتكبه من جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني وتنكر لحقوقه الوطنية المشروعه وخاصة حق العودة وفق القرار الاممي 194 .

فهل يعلم من شارك في هذا المؤتمر الصهيوني ، إن توصيات مؤتمرات هرتسيليا تعتبر دليل عمل للحكومات الاحتلال المتعاقبة, وهدفها تحصين مناعة الأمن القومي الصهيوني من خلال اتخاذ قرارات فورية(غير مدورسة) لحكومته، لذلك فإن حروبا إسرائيلية قريبة قادمة( ضربات استباقية), سيجري إشعالها في المنطقة.

وفي هذا الوقت بالذات التي تتنامي فيه المقاطعة لدولة الإحتلال في ظل الانتفاضة الشعبية الفلسطينية المتصاعدة ،وبعد ان انكشفت فيه حقيقة هذه الدولة كدولة كونيالية عنصرية تتنكر لوجود شعبنا الفلسطيني وحقه بالعيش بحرية وإستقلال كباقي شعوب العالم،وجدنا بأن بعض الانظمة العربية الخليجية هي من تمد لها طوق النجاة،من خلال إنتقال العلاقات والتعاون والتنسيق في الجوانب الأمنية والإستخباراتية والسياسية والتجارية والإقتصادية من السر إلى العلن،ةهذا يعتبر بمثابة إختراق سياسي في العالم العربي،قد يضعف من عزلتها ومقاطعتها المتنامية على المستوى الدولي،بسبب خرقها للقانون الدولي وما يتصل به من اعراف ومواثيق واتفاقيات دولية بشأن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

وامام كل ذلك لقد اعطت بعض الدول العربية والاسلامية شهادة حسن سلوك لكيان ارتكب افظع المجازر بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ، وذلك بانتخاب مندوب الكيان الصهيوني رئيسا للجنة القانونية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولو كان هذا الموضوع قد حصل قبل سنوات لرأينا المسيرات الشعبية تهز الوطن العربي ومختلف انحاء العالم لتستنكر هذه الخطوة التي تتنافى مع جميع الأعراف والمباديء القانونية في العالم وسائر مواثيق حقوق الإنسان، ولكن ما نراه هو خطير وخاصة ان كل ما يجري يأتي في ظل صمت عربي ودولي مريب ، حيث تمنع القوى الامبريالية والصهيونية في الامم المتحدة من تطبيق عشرات القرارات الدولية التي تلزم حكومة الاحتلال بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وبالاعتراف بحق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني.

من هنا نرى ان انتخاب كيان الاحتلال للجنة القانونية في الامم المتحدة والمشاركة في مؤتمر هرتسيليا هو استهتار بالقيم والمبادئ الانسانية وهو طعن للانتفاضة والمقاومة الشعبية ولحركة

المقاطعة لكيان الاحتلال الصهيوني وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها BDS، التي خصص الاحتلال ملايين الدولارات لمواجهتها في العالم.

امام كل ما يجري ما تقوم به لجان المقاطعة ومقاومة التطبيع بمواجهة الممارسات التطبيعية التي تكبر كل يوم بالمشاريع المشتركة المعلنه وغير المعلنة والتي تقام هنا وهناك على الأرض العربية وهدفها كلها احتواء المنطقة العربية خاصة الدول العربية المحيطة بدولة العدو الصهيوني.

امام خطورة المرحلة نطالب الاحزاب والقوى العربية والفلسطينية الى العمل من اجل تعزيز ثقافة المواجهة ، ودعم حركة المقاطعة لكيان الاحتلال الصهيوني BDS ، والعمل على دعم الانتفاضة والمقاومة ، ومطالبة الجميع بانهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها على ارضية شراكة وطنية وتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني ورسم استراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال والعمل على نقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة من اجل عقد مؤتمر دولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة .

ختاما : إن الشعب الفلسطيني هو شعب النضال و التضحيات ، لم يهن و لم يستسلم ، و لم يتوقف شلال الدم على أرض فلسطين على الرغم من محاولات اجهاض انتفاضاته ، فهذا الشعب العظيم يخرج دائما من تحت الأنقاض كطائر الفينيق فيعيد الروح ليس فقط إلى الانتفاضة بل و إلى كل الأمة العربية و إلى كل الشعوب المحبة للسلام و العدالة.

بقلم/ عباس الجمعة