قصة ثلاثة شهداء والتهمة حب فلسطين

بقلم: وسيم وني

الشهيد فؤاد حجازي :

ولد في مدينة صفد عام 1904م.

وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم الثانوية في الكلية الاسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت عرف عنه منذ صغره شجاعته وجرأته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عن فلسطين وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص، وحينها أصدرت حكومة الانتداب حكما بإعدام 26 شخصا عربيا من المشاركين فيها ثم استبدلت به حكم السجن المؤبد على 23 شخصا واعدام ثلاثة ابطال وهو منهم .

الشهيد محمد خليل جمجوم :

ولد في مدينة الخليل عام 1902 م

وتلقى دراسته الابتدائية فيها وعندما خرج للحياة عرف بمقاومته للمحتلين وللمغتصبين الصهاينة فكان يتقدم المظاهرات التي تقوم في أرجاء مدينة الخليل احتجاجا على شراء أراضي العرب و اغتصابها

وبعد أن شملت ثورة البراق (1929) عددا كبيرا من المدن والقرى في مقدمتها يافا وحيفا وصفد بالإضافة إلى القدس، كان لا بد من الصدام بين عرب مدينة الخليل والصهاينة، حيث قاد المظاهرات هناك لتقبض عليه السلطات البريطانية وعلى عدد من العرب في ليكون البطل الثاني الذي يحكم عليه بالاعدام.

الشهيد عطا الزير:

1895ولد في مدينة الخليل عام

وألم بالقراءة والكتابة إلماما قليلا، وكان يقرض الشعر ، عمل في عدة مهن يدوية، واشتغل في الزراعة، وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية، واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجا على هجرة الصهيونيين إلى فلسطين، ولا سيما إلى مدينة الخليل، وفي ثورة البراق عام 1929 هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعا عن أهله ووطنه ، بكل ما لديه من قوة وشهدت مدن فلسطين صداما داميا بين العرب والصهاينة ، وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونيا وجرح أكثر من خمسين.

ألقت سلطات الانتداب القبض على عدد كبير من العرب وكان الشهيد البطل بينهم وليكون البطل الثالث الذي يحكم عليه بالإعدام.

ليلة الإعدام :

وهنا تدخلت حكومة الانتداب البريطاني لأنهاء ثورة البراق فاعتقلت عدداً كبيراً من الفلسطينيين وأصدرت حكماً بإعدام 26 فلسطينياً من المشاركين فيها (11 من الخليل و14 من صفد وواحد من يافا).

لتستبدل لاحقاُ أحكام الإعدام إلى السجن المؤبد على (23) شخصاً وأقرت حكم الإعدام على الأبطال الثلاثة ولتحدد المحكمة يوم (17/6/1930) موعداً لتنفيذ الأحكام الظالمة بحقهم بالرغم من الاستنكارات والاحتجاجات العربية التي لم تستطيع منع تنفيذ الحكم

وقد أمضى الشهداء الثلاثة ليلتهم الأخيرة ينشدون وبكل قوة وصلابة يتحدون فيها قسوة الجلاد بـ "يا ظلام السجن خيمً.

ساعة الصفر :

فؤاد حجازي : الشهيد الأصغر سناً وهو أول الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني في سجن عكا عقب ثورة البراق، وكتب فؤاد حجازي وصيته والتي قال في ختامها:" إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج، وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور ، إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية .

وقد ارتقى شهيداً الساعة الثامنة صباحاً.

الشهيد محمد جمجوم : ثاني الشهداء ففي تمام الساعة التاسعة نفذ حكم الإعدام شنقاً بالشهيد محمد، وكان ثاني القافلة الثلاثية رغم أنه كان مقرراً أن يكون ثالثها، فقد حطم قيده وسابق رفيقه عطا الزير على الدور الثاني حتى فاز بما أراد

وكانت آخر كلماته عند تنفيذ الحكم : " نحمد الله على أننا نحن الذين لا أهمية لنا نذهب فداء للوطن، لا أولئك الرجال الذي يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم .

ثالث الشهداء عطا الزير : حيث كان آخر ما كتب عطا الزير هذه الرسالة لوالدته (الرسالة باللهجة الفلاحية) :

"زغردي يما لو خبر موتي أجاك زغردي لا تحزني يوم انشنق شو ما العدو يعمل روحي أنا يما عن هالوطن ما بتفترق بكره بعود البطل ويضل في حداكِ حامل معو روحه ليقاتل عداكِ لا تزعلي لو تندهي وينو عطا كل الشباب تردْ فتيان مثل الورد كلهم حماس وجدْ لما بنادي الوطن بيجو ومالهم عدْ وفري دموع الحزن يما لا تلبسي الأسود يوم العدا بأرض الوطن يوم أسود هدي شباب الوطن بتثور كلهم عطا كلهم فؤاد ومحمد والشمس لما تهل لازم يزول الليل يا معود فوق القبر يما ازرعي الزيتون حتى العنب يما والتين والليمون طعمي شباب الحي لا تحرمي الجوعان هدي وصية شاب جرب الحرمان اسمي عطا وأهل العطا كثار والجود لأرض الوطن واجب على الثوار جبال الوطن بتئن ولرجالها بتحن حتى كروم العنب مشتاقة للثوار سلمي على الجيران سلمي على الحارةْ حمدان وعبد الحي وبنت العبد سارةْ راجع أنا يما وحامل بشارَةْ عمر الوطن يما ما بينسى ثوارَهْ لما بطول الليل وبتزيد أسرارُه وجرح الوطن بمتد وبتفيض أنهارُه راجع بطلة فجر حامل معي انوارُه حتى نضوي الوطن ويعودوا أحرارُه".

وقبل تنفيذ الإعدام طلب الشهيد حناء ليخضب بها يديه على عادة أهل الخليل في أعراسهم وأفراحهم، وعندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه وعندها حطم سلاسل قيده بقوة عضلاته وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس مبتسم المحيى ونال الشهادة.

بقلم/ وسيم وني