سلوك يحتاج إلى مقومات الحل الضرورية!

بقلم: زهير الشاعر

تزامن مع الإعلان عن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية المصري الأسبوع القادم للأراضي الفلسطينية ، يبدو لي أنه ليس مستغرباً مشهد المسارعة في عملية تقسيم الغنائم، وتسكين الأبناء في وظائف عليا، والتعبئة الواضحة جداً والموجهة بين أبناء المنتفعين من حالة الإنقسام القائم، وإدامته من خلال تعليق الشماعة بين الحين والأخر على مسببات وهمية ومصطنعة ومعشعشة في عقولهم فقط، في دلالة على حالة التخبط التي تعيشها هذه المنظومة المشلولة لإطالة أمد عمرها ، والتي يستطيع صاحب القرار تذليل وقع مصائبها بشحطة قلم والتوقف عن المكابرة والعناد لو أراد ذلك!، مما يدل على أن هذه المنظومة الآيلة للسقوط مترابطة المنافع!، ويستطيع من يعطون له المبرر بالتمادي في هذا السلوك العدواني والسادي إتجاه شعب مكلوم خاصة في قطاع غزة، قلب الطاولة رأساً على عقب من خلال الإعلان عن رمي المسؤولية عليه بالكامل، والإنسحاب من المشهد السياسي، والمدني، والمهني، والإعلان الصريح على الموافقة على أي شكل من الإنتخابات بدءاً بإنتخاب المجالس البلدية وبالتالي إرباك منظومته وفضحها! .
ففي ظل الوضع الفلسطيني القائم هناك نقطة لربما تكون غائبة عن الجميع وهي عملية التفريغ المبرمجة للسلك الدبلوماسي الفلسطيني من أبناء قطاع غزة والتي تسارعت وتيرة الضغط بإتجاه تنفيذها، حيث أن الكثيرين لا يعرفون بأن ما تبقى في هذا السلك من أبناء القطاع لا يتجاوزون العشرين دبلوماسياً منهم ما يقارب ستة سفراء فقط من مجموع العدد الكلي الذي يفوق المائة والعشرين سفيراً، جلهم يعانون الويلات ومتهمون ومهددون بالعودة للمقر في قطاع غزة وهذا ينطبق على بقية الدبلوماسيين من أبناء القطاع الملتحقين بالعمل في السفارات في الخارج والذين تم الإستفراد بهم فرادى فأصبحوا يعانون الويلات والعنصرية والتهميش والتجميد ليبقوا بلا عمل وبلا مهام وبلا صلاحيات أو ترقيات وبعضهم مهددين بالطرد هم وأسرهم، يعيشون حياة بائسة وضغوطات نفسية هائلة جعلتهم غير أمنين على أنفسهم ولا أسرهم.
لذلك هناك أسئلة ملحة تطرح نفسها، وهي: ما هو الحل لهذه الحالة العداونية القائمة التي تمثل جريمة إنسانية، ووطنية تاريخية غير مسبوقة في تاريخ الشعوب؟!، فهل الصمت والسكوت على سرقة مقدرات الوطن، وتبادل التهم بين هذا وذاك، والتمترس وراء رؤى ضيقة، ومصالح ذاتية، وأجندات قاصرة تتسبب في إضعاف الجميع وضياع الوطن، وتدمير مقوماته، وتحويل أبنائه جيل بعد جيل إلى ضحايا سهلة السقوط في مستنقع الخيانة، والعمالة أو مستنقع التطرف!، هو الحل؟!.
وأين الأطراف الوطنية التي تربطها علاقات جيدة بالمجتمع الدولي وتتمتع بما لديها من ثقة ومصداقية ، وتستطيع أن تؤثر فيه، والتي تتطلع لأن يكون لها دور قيادي في المستقبل القريب بعد الخلاص من هذه الحالة الشاذة التي تمر على شعبنا ، لتطالبه من خلال رسائل عاجلة بالكف عن هذا الصمت إتجاه ذبح شعب بأكمله لحساب مجموعة منتفعة تنهب مقدرات الوطن لحسابها وحساب أبنائها وتسيطر على قراره وتتغول على كرامته بدون حسيب ولا رقيب؟.
وماذا لو تداعى أبناء الشعب الفلسطيني الأحرار بدون النظر لطبيعة الإنتماء لهذا الفصيل أو ذاك للوقوف وقفة عز وكرامة في وجه هذا الظلم، وهذا التغول، وهذا السقوط الذي صادر آمال، وحرية أبنائهم، وبناتهم، وزوجاتهم وآبائهم، وداس على كرامة كبارهم وأجدادهم، وأدركوا أن النخوة الوطنية تُنَحي كل مسببات الخوف، والجبن، والخلاف لتحفيز الشارع للنزول في كل مدن الضفة، والقطاع للخلاص من هذه المنظومة الساقطة التي تتبادل الأدوار في إذلاله، والتغول على كرامته لكسر شوكته؟!.
وماذا لو تداعى القادة الفلسطينيين الأحرار من المستقلين والوطنين بجرأة وبنداء مسؤول للتوحد، والإلتقاء حول هدف الخلاص، والإنقاذ من خلال دعوة عاجلة، وباتت ملحة لمؤتمر وطني يعقد في قطاع غزة يضم كل الشخصيات الوطنية والمستقلة من الداخل والخارج بدون إستثناء أحد، للخروج بدعوة وطنية نافذة فوراً للشارع الفلسطيني، لمطالبته بالنزول للشارع بمئات الآلاف، لإسقاط مسببات هذا الإنقسام، وديمومة هذه المنظومة الديكتاتورية، والإلتقاء حول هدف عقد الإنتخابات وفضح من يرفضها؟!.
وماذا لو تم تبني هذا النداء من خلال توجيه نداء آخر لأبناء الأجهزة الأمنية الأحرار الذين باتوا يتململون من فساد هذه المنظومة الحاكمة وذلك لإتخاذ موقف وطني جامع يحمي مقررات هذا المؤتمر وإعلان التمرد الواضح والصريح على هذه القيادة الديكتاتورية القائمة، ليسهموا في تنفيذها لإسقاطها ولجم تصرفاتها المشبوهة؟!.
وماذا لو أدرك أبناء حركة فتح بأنهم وقعوا ضحية الوهم، فسُلِبَت منهم إرادتهم وصودر تاريخهم، وأُستُبدِلوا بأدوات لا تنتمي لا لوطن ولا قضية على ظهورهم، حيث تم إشغالهم في بعضهم لتحطيم حركتهم، وتاريخها حتى أصبحت بلا مضمون وأصبحوا هم ضعاف تائهون؟!.
وماذا لو تحرك أعضاء المجلس الثوري الأحرار بصوت رجل واحد للمبادرة بتوجيه الدعوة للمؤسسات الوطنية لتنفيذ عصيان مدني شامل رفضاً لسلوكيات هذه المنظومة المشبوهة في ظل هذه المحسوبيات، والرشاوي، والتسلبط على الوظائف، ومقدرات الوطن على حساب شعب ضحى ولا زال ينتظر؟!.
وماذا لو تحرك الدبلوماسيين الفلسطينيين بقوة، وعزيمة، وبدون خوف، وذلك بهدف فضح فساد هذه المنظومة وبإتخاذ قرارات جريئة وموحدة ترفض ممارساتها، والعمل على فضحها في الدول التي يعملون فيها للتعبير العملي والفعلي عن إنحيازهم لآلام شعبهم، وقضيته بدلاً من النميمة والشكوى الذليلة؟!.
وماذا لو تحركت الشخصيات الوطنية الفلسطينية النافذة، والناشطة حول العالم لتوجيه رسائل سياسية عاجلة للأمين العام للأمم المتحدة ولوزارات الخارجية لدول الإتحاد الأوروبي الصديقة للشعب الفلسطيني، ولوزارة الخارجية الأمريكية راعية عملية السلام، وللدول العربية الشقيقة، لفضح فساد هذه المنظومة وقمعها لشعبها ، وحقيقة عدم شرعيتها في الشارع الفلسطيني حيث أنها باتت لا تمثل سوى أجنداتها المشبوهة ، والطلب بوقف الدعم المادي لها ورفع الغطاء عنها ؟!.
أخيرا ماذا لو تم كل ما سبق خلال الأيام القليلة القادمة؟!، هل ستواجه هذه المنظومة الضربة القاضية، وستصبح من التاريخ الغير مأسوف عليه تبكي أدواتها على حالهم، وهم يمكثون في قاع مزابل التاريخ لأن شعبهم الذي يريد أن يعيش بأمن، وأمان، وإزدهار إقتصادي ، وسلام مع باقي شعوب المنطقة إكتشف حقيقتهم المرة ولم يعد يحتمل زعرنتهم، فرفضهم ويرفض كل أركان عدوانيتهم؟!، أم أنهم سيدركون أن هذا وطن لشعب حي هم جزء منه وليس مزارع خاصة لهم ولأولادهم، فيتعظون قبل فوات الأوان ؟!.

م . زهير الشاعر