" أرقى ما خلقه الله .. الإنسان الذي خلقه ، لكي يسعى على قدميه ، يبني الحياة ويعبد الله " . عبارة جميلة وذات معاني كبيرة ، كان قد أطلقها المهاتما غاندي ، ذاك القدّيس الذي قاد الهند إلى الاستقلال ، تلك العبارة التي بدأ فيها أمين عام جبهة النضال ، وعضو اللجنة التنفيذية الدكتور أحمد مجدلاني ، خطابه أمام مؤتمر هرتسيليا في دورته السادسة عشرة . والمقصد من وراء ذكر تلك العبارة واضحة المرامي . ولكن المفارقة أن هذا القديس قد قاد كفاحاً سلمياً ، وثورة بيضاء طردت المستعمر البريطاني من دون أن يستجديه ، أو يفتح أمامه شهوة التنازلات تلو التنازلات ، على عكس حالنا في الرسمية الفلسطينية التي تنازلات ولا زالت تستجدي ، وتؤكد على خيارات بائسة وعقيمة ، لا يزال الاحتلال يوظفها وغيرها من الكوارث الوطنية المتمثلة في استمرار الانقسام ، لصالح فرض وقائعه على حساب حقوقنا وتطلعاتنا الوطنية .
من خارج نقاش مبررات المشاركة المستهجنة والمدانة والخطيئة التي لا تغتفر في مؤتمر هرتسيليا ، والذي يُخصص لمناقشة مستقبل الكيان وأوضاعه العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الاجتماعية . ويبحث في الآليات التي من شأنها منع تهديد الكيان والأخطار التي من الممكن أن يتعرض لها . وهو فوق كل ذلك مناسبة لتسويق التطبيع معه من خلال هذا العدد الكبير من المشاركين ، من ضباط عسكريين وأمنيين ، وأكاديميين وباحثين ومفكرين وسفراء ، وفي مقدمتهم مسؤولين في الحكومة " الإسرائيلية " .
المشاركة الفلسطينية في مؤتمر هرتسيليا ليست هي المرة الأولى ، وجميعها تقع في خانة منح الفرص تلو الفرص المجانية للاحتلال وكيانه ، وإضفاء المزيد من رتوش التجميل على وجهه القبيح ، ليخفي ورائه تلك السياسة العدوانية التي لا حدود يقف عندها في استباحة الدماء والحقوق الفلسطينية ، كيف لا وهناك في الساحة الفلسطينية من يساعده على ذلك .
وإن جاء خطاب الدكتور المجدلاني منسجماً مع المنهج والرؤية السياسية للسلطة والمنظمة ، ولكنه بالتأكيد أساء للقضية من خلال حضوره وإعتلاء منصة أخطر مؤسسة صهيونية في الكيان .
بقلم/ رامز مصطفى