لم يتسنى لي حضور حرب 2008 او حرب 2012 ومن ثم لم اكن اتخيل بشاعة هذه الحروب. في حرب عام 2008 كنت اعمل بجامعه خليجيه، وكان جميع زملائي لا يستطيعون تصور مدى بشاعة هذه الحرب وكانوا جدا متعاطفين مع مأساتنا سواء شيعه وسنه، بل كنت استقي منهم المعلومات حول تطوراتها لا نني لم اكن قد اشتريت تلفزيون او اعددت خط للأنترنت في البيت لمتابعه الحرب. اما في حرب عام 2012 كنت اعمل بجامعه اجنبيه وايضا كان العديد من زملائي المثقفين متابعين للحرب ويسالونني عن اسباب هذه الحرب، لكن لحسن الحظ انها لم تستمر كثيرا. كان دائما يراودني السؤال عن الاسباب التي دفعت بهذه الحرب لا نه غزه منطقه منكوبة ومعابرها مغلقه، فلماذا يتم زياده نكبتها بتلك الحروب،. كما ان حرب 2012 حدثت في وقت كان محمد مرسي بالحكم وكان معبر رفح مفتوحا، فما هي مبررات هذه الحرب؟؟
في خرب 2014 كنت قد عدت حديثا من عملي بهذه الدولة الأجنبية وفي نيتي الاستقالة وعمل مخالصه مع الجامعة من غزه لظروف شخصيه لان نظام الاستقالة كان جدا معقد لو قمت بها وانا بداخل هذه الدولة.، كان من الصعب جدا اقناع الجامعة الاستقالة وانا في غزه وجاءت حرب عام 2014 مبررا قويا لقبول استقالتي مع اعطائي مستحقاتي حيث ذهلت ادارة الجامعة من مدى نكبتنا في هذه الحرب. وانا هنا سأعود بالذاكرة للأسباب التي ادت بحرب 2014 من خلال منظوري الشخصي:
1. تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني ورفضت حركة حماس تمكينها فقي القطاع او عوده الموظفين السابقين وطالبت الحركة ان يتم اعتماد كافه موظفيها بدون شروط مسبقه، الا ان الحكومة رفضت الا بعد تمكينها وتشكيل لجنه اداريه وقانونيه لدمج الموظفين حسب اتفاق الشاطئ. سمعنا ان قطر تكفلت بدفع رواتب موظفي حماس لمده 6 اشهر الا انه بسبب الحصار المفروض على القطاع عرقلت اسرائيل تحويل هذه الاموال. انتظرت حماس ان يتم فتح معبر رفح فور التوقيع على اتفاق الشاطئ الا ان مصر رفضت فتحه الا بعوده حرس الرئيس وهو ما ترفضه حركة حماس اذ تضع شروط تعجيزيه ان يتم حل كافة مشاكل القطاع رزمه واحده ومن ضمن ذلك اعتماد كافة موظفيها.
2. ثم سمعنا عن اختطاف 3 جنود إسرائيليين وحاولت السلطة التحري لا عادتهم تجنبا لأي مجازر إسرائيلية، الا ان حماس انكرت اختطافهم في الوقت الذي اكدت اسرائيل ضلوع حماس في عمليه الاختطاف. وفور اكتشاف مقتلهم من قبل المختطفين ابتدأت اسرائيل بضرب غزه ليقينها من ضلوع حماس في عمليه الاختطاف، فردت عليها حماس بالصواريخ. جاءت الحرب مفاجأة للشعب الفلسطيني ولم يكن يرد على بال احد ان يتم اشتعال هذه الحرب التي لا يعرفون اسبابها.
3. بعد حوالي اسبوع من بداية الحرب، عرضت مصر مبادرتها بالتهدئة مقابل التهدئه، ولكن رفضت حماس المبادرة وطالبت بفك الحصار والموافقة على بناء مينا ومطار. استغربت ان تطالب حماس يحسم موضوع المينا او المطار خلال حرب تذبح وتدمر كل ما في القطاع بكل شراسه. مع رفض حماس التهدئة بدات اسرائيل لاجتياح البري من كافة منافذ القطاع خاصه الشجاعية وخزاعه وبيت حانون، هذا بالإضافة للقصف الصاروخي الذي لم يرحم مكان في قطاع غزه، وكان الشعب مذهول من كم المجازر التي يراها واضطر السكان ان يتركوا بيوتهم ويقيموا في مراكز الايواء والمناطق الأمنه التي لا تتعرض للقصف.
4. اجتمع وفد حركة فتح مع وفد حركة حماس في قطر وحاول وفد حركة فتح اقناع خالد مشعل ان يتم ايقاف الحرب، لكن بدون أي فائدة حيث اصرت حماس على مطالبها برفع الحصار وبناء مينا ومطار، كما حاول القيادي خالد مشعل اقناع الرئيس ان يعتمد موظفي حركه حماس لكن الرئيس رد عليه ان ذلك يحتاج قرار وموازنه.
5. ثم دخلت مصر خط الوساطة مجددا بين الفصائل واسرائيل لمحاوله ايقاف الحرب، وعرضت مبادرتها ان يتم التهدئة لمده شهر مع تعهد اسرائيل تخفيف الحصار ومن ثم يتم مناقشه موضوع المينا والمطار في حوارات اخرى. رفضت حماس العرض ، فاشتدت شراسه العدوان الاسرائيلي وقررت اسرائيل اغتيال قيادات واستهداف ابراج، فاضطرت حركة حماس القبول بالعرض المصري بعد استهداف عدد من الابراج وتدمير معظم القطاع ووصول عدد الشهداء حوالي 2200 شهيد . بعد شهر من التهدئة تنصلت مصر من مواصلة الحوارات لبناء ميناء ومطار
اعجبني تساءل احد المعلقين بالفيس بوك عن اهداف الحرب، هل كانت ستسلم القدس لليهود ولكن الحرب هي التي منعت ذلك !!! أو أن اهدافها أن نهدم غزة لأن بيوتها بالية ونقوم بإعادة بناءها على الطراز الحديث !!! أو للتخفيف من الكثافة السكانية العالية !!! أوليس رفع الحصار على رأس أجندة السياسيين في غزة !!!! أن الحرب الاخيرة كان بإمكان حماس تجنبها أو على الأقل التقليل من وقتها وخسائرها، ولكن حسابات السياسيين كانت غير مدروسة. واذا كان صد العدوان هو هدف بذاته، لو حماس صبرت يومين ولم تطلق صواريخ M75 وR200 لكان اليهود أوقفوا العدوان ولكانت الخسائر محدودة جداً لأن الاجتراح البري جاء بعد أيام أو اسبوعين من الحرب
ارى ان حماس اعدت للحرب مسبقا بعد فقدانها الامل بحل مشاكل القطاع على اثر تشكيل حكومة الوفاق الوطني في الوقت الذي كان الشعب مغيبا. الشعب دائما هو الضحية في أي لعبه يلعبها السياسيون طمعا في تحقيق مصالح ومكاسب ماديه. اتمنى من حركة حماس ان تكف من تنصيب نفسها وليا على الشعب فتأخذه لخيارات مصيريه صعبه يدفع هو فاتورتها، او على الاقل ان تحترمه فتستفتيه قبل ان تجره لأي خيارات مصيريه. ليس من المعقول ان تأخذ الشعب كرهائن يدفع ثمن تثبيت سيطرتها على القطاع من حريته وامنه وتعطل مصالحه. الطريق لفك الحصار واضح وسهل وهو ان تسمح بعوده السلطة للقطاع. قاعده امن بها ان ما يبتدأ خطأ ينتهي خطأ. والمشكلة ان حماس تريد انهاء انقلابها الخاطئ بوضع صحيح وهذا لا يمكن. الحصار حدث بكافه مستوياته بعد الانقلاب مع ان بوادره كانت موجوده لكن لم تفكر الا بالاستحواذ علي السلطة المطلقة فسيطرت على القطاع بدون ان تحسب جيد العواقب بداية من اغلاق المعابر كافه وجلوس الموظفين بالبيت وتقسيمهم بين حكومتين. اعتقدت ان الامور ستنصلح مع الزمن وكان الرهان فاشل. اعتقدت ان الحروب ستنهي الحصار وتجبر مصر واسرائيل بالاعتراف بها وكان الرهان خاطي. الحل الحقيقي ان تعيد الامور لا صلها قبل الانقسام وتعالج مع السلطة اثار الانقسام بعيدا عن لغة المصالح والمحاصصة وهذا السبيل الوحيد لحل مشاكل غزه.
سهيله عمر
[email protected]