تنفذ دولة الاحتلال الاسرائيلي ستة قوانين في اطار حربها على مدينة القدس المحتلة والمقدسيين، فهناك قانون تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا وفرض السيادة الإسرائيلية عليه، ويهدف إلى تغيير الوضع الراهن للمسجد بالسماح لليهود بالصلاة فيه، وتخصيص مكان ومواعيد محددة لصلواتهم وأداء شعائرهم الدينية، وهذا علاوة على قانون أخر يحظر المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، وهو قانون تعمل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية على بلورته لملاحقة من يتواجدون في الأقصى لمنع اقتحامات المستوطنين.
وتطبيقا لهذين القانونين، فالعام المنصرم كشفت إحصائيات الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن المسجد الأقصى تم اقتحامه باكثر من 13750 صهيونيا منهم 12770 مستوطن، و2070 من قوات الاحتلال ما بين ضباط وعناصر مخابرات وجيش، وبلغت ذروة الاقتحامات خلال الاعياد اليهودية، وبعد عملية خطف وقتل وحرق الطفل الفتى محمد أبو خضير، وما شهدته المنطقة من توتر بعدما نفذ المواطن معتز حجازي عملية طعن المستوطن المتطرف "يهودا غليك".
وشهد العام 2014 اغلاق حكومة الاحتلال المسجد الاقصى لأول مرة منذ احتلاله في العام 1967 امام المصليين في ليلة القدر من شهر رمضان الفضيل، ناهيك عن التقسيم الزماني من خلال منع دخول المرابطين والمرابطات منذ الساعة الـ7:00 صباحا حتى الـ11:00 ظهرا في حين كانت تسمح بدخول المستوطنين الذين كانوا يأدون صلوات تلمودية وشعائر دينية. اضافة لنصب الحواجز على ابواب المسجد وجعل النساء يقمن بتسليم هوياتهن على المدخل لتطالب فيما بعد باستلامها من مراكز التحقيق.
ومن القوانين التي تنفذها دولة الاحتلال في حربها ضد مدينة القدس المحتلة والمقدسيين، هناك قانون ثالث يدعى (قانون محاربة الإرهاب باليد القاسية)، ويصنف هذا بأنه من أخطر القوانين المطروحة، ويتضمن ثمانية إجراءات صارمة، منها سلب حق الإقامة والسكن، وسحب الهوية الإسرائيلية، والطرد إلى خارج البلاد و/أو قطاع غزة للمقاومين الفلسطينيين.
وقد ألغت سلطات الاحتلال اقامة 6060 فلسطيني يقطن في القدس المحتلة من المدينة المقدسة بين العام 2007-2013، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي ويعد انتهاكا صارخا لحقوق الأشخاص المحميين بالعيش في وطنهم.
وبلغت سياسة سحب الهويات كانت ذروتها عام 2008، حيث تم الغاء اقامة 4577 فلسطينيا وفقا للاحصائيات، وهو ما يكشف عن وجود سياسة خفية منهجية ذات اهداف واضحة ترمي لاحكام السيطرة الاسرائيلية على المدينية المقدسة وتهويدها وتهجير سكانها الفلسطينيين، اي سياسة تطهير عرقي، علما انه في العامين المنصرمين 2012 -2013 تم الغاء اقامة 241 موطن فلسطيني من القدس .
ولا يجوز لسلطة الاحتلال طرد السكان المدنيين الأصليين من مكان سكنهم، وان هذه السياسة المتبعة تتناقض بشكل صريح مع طابع الاحتلال المؤقت للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. منوها انه في الضفة الغربية تم الغاء اقامة 140,000 فلسطيني من سنة 1967 الى سنة 1994 بسبب مغادرتهم الضفة الغربية لاكثر من 3 سنوات، وفي قطاع غزة 108,878 من سنة 1967 الى سنة 1994، و 14,087 في القدس الشرقية من سنة 1967 الى نهاية 2011، اي ما يقارب الربع مليون فلسطيني.
ومن القوانين التي تستهدف خلالها سلطات الاحتلال مدينة القدس والمقدسيين، "يوجد قانون العقوبة 20 عاما على من يلقي الحجارة، حيث قررت الحكومة الإسرائيلية دعم قانون العقوبات المشددة على ملقي الحجارة في مدينة القدس في إطار قرار لوقف المواجهات المتواصلة في المدينة احتجاجا على الاعتداءات الإسرائيلية".
ويوجد قانون منع الإفراج عن الأسرى في أي عملية تبادل، ويضاف هذا القانون إلى عشرات القوانين بحق الأسرى الفلسطينيين، وتم إقراره بالقراءة الثانية والثالثة في لجنة الكنيست الخاصة بالتشريعات.
وتنفذ سلطات الاحتلال عمليات اعتقال بطريقة غير انسانية، وخاصة اتجاه الاطفال القاصرين، فسلطات الاحتلال تعتقل أطفال مقدسيين قاصرين وذلك بعد الانتهاء من دوامهم المدرسي، ووفقا للاحصائيات لعام 2014 فإن سلطات الاحتلال زجت في معتقلاتها 700 طفل مقدسي قاصر.
والقانون السادس الذي تنفذه دولة الاحتلال في حربها ضد مدينة القدس المحتلة والمقدسيين هو قانون "القومية اليهودية"، الذي تمت المصادقة عليه، وكان يفترض أن يعرض على الكنيست للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية، لكن خلافات الائتلاف الحاكم أجلت التصويت.
يدعو القانون من حيث المبدأ إلى تغيير التوازن القائم والمقبول حاليا من خلال إعادة تعريف إسرائيل على أنها دولة "يهودية - ديمقراطية" وربط واشتراط الهوية الديمقراطية للدولة بصفتها القومية اليهودية ما يعني ملائمة "القيم الديمقراطية مع القيم اليهودية" بما يعززها ولا يتعارض معها الأمر الذي وصفه بعض المعارضين لهذا القانون "بالديمقراطية الدينية اليهودية" فيما شبه البعض الأخر ما تسعى إسرائيل إليه إلى إقامة ما يشبه الجمهورية الإسلامية في إيران من حيث العلاقة بين الديمقراطية والدين.
ووفقا لصيغة القانون الأصلية التي طرحت للنقاش خلال عهد الكنيست السابقة "قبل الانتخابات الأخيرة" تلتزم الدولة بتوفير الإمكانيات والاستثمارات الكبيرة لدعم وتطوير الاستيطان اليهودي داخل حدودها لكن الدولة لم تتعهد وفقا للقانون بالبناء لصالح "القوميات" الأخرى.
ونصت الصيغة الأصلية على منح اللغة العربية "وضعا خاصا" وإلغاء الوضع الحالي الذي يعرفها كلغة رسمية وحتى في الصيغة "الأكثر اعتدالا" لم تحظ اللغة العربية بوضع اللغة الرسمية بل ابتدعت الصيغة "المعتدلة" مصطلحا جديدا يعرف اللغة العربية على أنها "لغة دولة" ما فهم حينه على انه محاولة لتليين الموقف من اللغة العربية وتجاوز أزمة منحها "وضع خاص.
والقانون السادس "القومية اليهودية" الذي تنفذه سلطات الاحتلال بحق القدس المحتلة والمقدسيين، "نص القانون على ضرورة اللجوء للقضاء والمحاكم للبت في الأمور والقضايا التي لا يوفر القانون القائم حاليا في إسرائيل ردا وجوابا شافيا عليها وذلك استنادا لمعايير العدل والنزاهة والسلام القائم في موروث شعب إسرائيل بما يشبه ويماثل ما هو موجود في القانون القائم حاليا حول كل موضوع او قضية تثار ولا تجد جوابا لها في نص القانون الجديد "قانون يهودية الدولة.
ويدعو قانون "القومية اليهودية" إلى ربط واشتراط الطابع الديمقراطي للدولة بشروط ومعطيات ومرتكزات هويتها اليهودية وذلك من خلال ربط وثيقة "الاستقلال" بالهوية اليهودية للدولة. ويهدف هذا القانون بالدفاع عن وضع ومكانة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي والى ترسيخ قيم إسرائيل كدولة قومية يهودية ديمقراطية في نص القانون الأساسي للدولة استنادا إلى روح المبادئ التي تضمنها الإعلان عن إقامة دولة إسرائيل" جاء في نص القانون.
بقلم/ د. حنا عيسى