انطلاقا من النظرة العاطفية الدائمة للأمور عند العرب ، واخص الاحزاب التي بنت ايدولوجيتها على موروث تراثي ، غير قابل للعصرنة ، تسرع الكثير من قادة الاحزاب العربية واخص الفلسطينية باعتبار ان ما حدث في تركيا اصابنا بتوتر وعدم النوم ، بل كان هناك مغالاة من التصريحات واصبح بعض منهم تركيا اتكثر من الاتراك ، باعتبار ان تركيا واردغان هما المخلصان تماما ، كما كنا نسمع من جدتنا حدوته الشاطر حسن الذي يأتي بعد الظلم ليخلصنا من الاشرار
ارد وغان وتغير حساباته الاقليمية :
نختلف مع من يدعي القول بأن الرئيس ارد وغان سيخرج اقليميا ومحليا اقوى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة هذه، بل نعتقد انه سيخرج بحسابات قد تضعضع توجهاته وحساباته الإقليمية ، ربما سيضطر تبعا لذلك فتح قنوات حوار مع خصومه في سورية وروسيا والعراق ومصر، واسرائيل، لامتصاص حالات الاحتقان وتجنب غضب العسكر الدفين وتنظير الاحزاب المعلن ضد سياسته.
حكم ذاتي للاكراد وأول الغيث :
تماهيا مع المتغيرات الجديدة وحرصا من ارد وغان على تقديم نموج من الاستقرار في منطقته ، واثباتا منه للمنظومة الدولية انه منسجما مع الديموقراطية وحقوق الانسان ، ليثبت عكس ما طرحه الانقلابين من ناحية ، وللتخلص من التفجيرات والعمليات التتري التي يقوم به حزب العمال الكردستاني ، امام تلك المدخلات المزعجة سيقوم اروغان بخطوة جريئة بالموافقة على اعطاء الاكراد حكم ذاتي واول الغيث قطرة ..
التقارب التركي المصري الإسرائيلي :
يخطا من يظن ان رفع اروغان اصابعه الأربعة اثناء خطابه بعد فشل الانقلاب انه اشارة الاخوان المسلمين بعد احداث رابعة العدوية ، بل هي حركة عفوية انفعاليه لا علاقة لها بالسياسة والتحليل والتمحيص ، وكثيرا ما يقوم بتلك الحركة زعماء غرب لا علاقة لهم برابعة ولا بخامسه ، وبتقديرنا ان العلاقة بين تركيا ومصر قد تشهد تقارب وتسارع في الاشهر القادمة والدليل على صحة طرحنا :
- تصريح بن علي يلدريم رئيس وزراء تركيا قبل يومين من الانقلاب، حول رغبة حكومته في استعادة العلاقات مع دول المحيط
- استدعاء وزارة الخارجية التركية للمسؤولين عن قنوات المعارضة المصرية القريبة من حركة “الاخوان المسلمين”، وابلاغهم بضرورة التوقف عن الهجوم على مصر ودول اخري مؤشر حقيقي لإعادة الحسابات التي ستكتمل بعد الانقلاب الفاشل .
- الاتفاق التركي الإسرائيلي قبل الانقلاب بأيام يتم تعزيزه وخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والتعاون الأمني ، هذا الامر يحتم على تركيا ان تفتح علاقة حسنة مع مصر كدولة اقليمية مؤثرة تربطها علاقات سلام مع اسرائيل
اروغان وحسابات الاقصاد والسياحة التركية :
مما لاشك فيه ان الانفراج الاقتصادي الذي حققته حكومة اروغان قد يشهد تضعضع ان بقيت عناصر الطرد الارهابية والانقلابية متواجدة وتهدد تركيا ، حيث ان العمليات الارهابية الاخيرة دمرت صناعة السياحة التركية التي تدر قرابة40 مليار دولار سنويا، ولاستمرار اوردغان في نهجه عليه لزاما ان يغير في نهجه والابتعاد عن المسببات القذرة التي تؤثر على وجوده واستمرار حزب العدالة التركي .
اردوغان وغزة :
لا ننكر المواقف الايجابية لاردوغان تجاه غزة ابان الحروب الثلاثة السابقة ، ولكن لا بد لنا الا ننظر الكثر من اردوغان وتركيا ، وخاصة في ضوء المتغيرات الجديدة ، فقد يكون الانقلاب الاخير مدعوم من عناصر خارجية ارادت ابعاد تركيا عن موقفها الداعم لفلسطين وبالذات غزة ، لذا ونتيجة تلك الحسابات الجديدة لابد النظر للموقف التركي تجاه غزة لن يتعدى اكثر من الحل الاقتصادي المقنن الذى يجعل غزة قابلة للحياة ، واي تغيرات جديدة اقتصادية مع غزة لابد ان تكن تحت النظر والرقابة الصهيونية .
تأسيسا لما سبق :
يجب على قادة احزابنا ألا يعلقوا آمالهم كثيرهم على تركيا وغيرها ، ولا يلقوا جرارهم الممتلئة بالماء انتظارا ما قد يعطينا السحاب المر بعجل، فكل له حساباته الاقليمية وحسابات مصالحه الخاصة ، فزمن الشاطر حسن وعنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن قد انتهى ، وارجو ألا ننتقل الى فكر( دونكى شوط ) فتضحك علينا الشعوب ، كفانا أحلام واهية ولننفض غبار التبعية فنحن في زمن تزاحم المتغيرات وتسارعها ..
بقلم/ د. ناصر اليافاوي