الحالة السائدة الآن تتطلب تعزيز دور الشباب

بقلم: عباس الجمعة

امام الظروف التي نعيشها وما وصلنا إليه، في هذا الزمن الرديء ، ونحن نلاحظ حالة من الإنهيار الاتية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية على وجه الخصوص ،وفي ظل ما نراه من امتيازات على حساب هذه الفصائل ، نتيجة عدم تمكينها في اماكن اللجوء والشتات من توفير الامكانيات ان كان لجهة تفريغ كفاءات وطاقات من الشباب الفلسطيني في اطارها وتعزيز دورها نتيجة قرار عدم التفريغ او توفير بعض المساعدات ، فعلا هذا الشيئ يؤلمني و يحزنني ولا اعرف أحياناً ما العمل لانه اصبح تختلط لدي المشاعر، واقول ان لهذه الفصائل والقوى تاريخ نضالي وكفاحي جسد بالدم ، فاين الشراكة الوطنية ، ولكن ممكن البعض ان يرى شهادة المناضلين مشكوك ومطعون فيها في هذا الزمان ، فالثورة في الزمن الجميل كانت عنوان لدى كافة الأحزاب والفصائل،وكان رمزها الرئيس الشهيد ياسر عرفات يسعى بكل الامكانيات للحفاظ على دور الفصائل الفلسطينية التي وقفت ودافعت عن منظمة التحرير الفلسطينية والهوية الوطنية الفلسطينية .

اليوم يحاول البعض تفريق شملنا،لم يعد يجمعنا لا قيد ولا رحلة مشتركة في"البوسطة" ،وكأن ذلك نوع من العقاب، والإنتماء يشوه، حيث نرى مخاطر جمة يتعرض لها الشباب الفلسطيني الذي تأهل وتعلم ، فنحن جميعا في مركب واحد ، والمؤامرة كبيرة تطال كل شيء وتطال الجميع، فالمشروع الوطني والثوابت الفلسطينية في خطر،يحاول البعض من العرب وغير العرب دعم الانفصال بين جغرافية فلسطين بين الضفة وغزة واقامة دويلة في قطاع غزة ، في ظل ما تحيكها الإدارة الأميركية في ما اصطلح على تسميته بـ"الشرق الاوسط الجديد" القائم على الحروب الطائفية وتفتيت المنطقة، إلا أن الوعي القومي العربي أصبح الحصانة الأولى للتصدّي لهذه المشاريع الاستعمارية الجديدة.

امام هذه الاوضاع الراهنة نرى اهمية اعادة تطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية حقيقية ، واعادة تعزيز دور فصائل منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها صمام امان لحماية الهوية الوطنية والمشروع الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد ، وهذا يستدعي اعطاء الفصائل دورها في عملية التأطير والتنظيم في هذه المرحلة الحساسة، وخاصة الشباب والمنظمات الجماهيرية ، لأن لهذان القطاعان دور مهم في تطوير العمل الوطني للفصائل والقوى الفلسطينية في الشتات ، فعلينا ان لا ننام ، وانا لو سألت سؤال هل اي قائد في فصيل او حزب يعيش مدى الحياة اطال الله بعمره ، اما عليه ان يؤمن بالقدر ، ويسعى الى ايجاد القائد البديل ليتولى المهمة ويستمر هذا التنظيم او الحزب في مسيرة النضال الوطني ، فلهذا ونحن نرى ان هناك قيادات اصبحت في عمر الشيخوخة ، وهي تعاني من ازمات نتيجة عدم توفر الامكانيات ، حيث تتحمل هذه القيادات المسؤولية الكاملة لكل ما يجري من انتكاسات ولا يسمح لها بأي تبرير تنظيمي او سياسي اليوم ، لأنه من واجب القيادة ان تهيئ الكثير من الشباب والشابات للوصول الى المواقع القيادية وخاصة المكتب السياسي واللجنة المركزية من خلال نشاطهم الوطني والنضالي والفكري والعمل الجماهيري والاعلام .

من هنا نقول ان الجميع يذكر أنه عندما كانت الثورة الفلسطينية قبلة المناضلين فكان الشباب الفلسطيني هو القيادة ، كما كانت وجهة كل الثوار العرب والأممين، ،هناك الكثير من المناضلين العرب والأممين انتموا وانضموا الى الثورة الفلسطينية وهم في مقتبل العمر ،من اجل تحرير فلسطين ، واصبحت القضية الفلسطينية هي قضيتهم وهويتهم فلسطينية ،وهم يناضلون من اجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ،وما زالت انتماءاتهم وقناعاتهم الفكرية هي الاساس ،وليس طمعاً في جاه أو مصلحة او منفعة أو منصب، وفي خضم ذلك استشهد المئات من المناضلين العرب واحرار العالم على مذبح المشروع الوطني الفلسطيني،وكذلك اعتقل العديد منهم ،وما زالت الكثير من القوى والأحزاب العربية والعالمية ،تتغنى بالثورة الفلسطينية كرمز للنضال والثورة ضد الصهيونية والامبريالية والرأسمالية المتغولة والمتوحشة،ونحن نشهد في الكثير من المسيرات والمظاهرات والمؤتمرات والإعتصامات والمهرجانات التي تنظمها هذه القوى والأحزاب الثورية،الاشادة بقادة المقاومة من ابا عمار الى جورج حبش وابو العباس وسليمان النجاب وابو علي مصطفى وسمير غوشة وطلعت يعقوب وعمر القاسم وغيرهم ،فمن يعيد لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية بريقها ومجدها في زمن ان حقوق هذه الفصائل لاعضائها من رتبة وراتب لم تحصل عليها بشكل كامل .

من هنا نرى بان الكفاح الثوري الفلسطيني ، يتطلب قيادات كفؤة وقادرة على الإجابة على أسئلة الجماهير الفقيرة والاندماج في أوساطها والتعلم منها وتعليمها وتنظيمها وتثويرها بحاجة إلى قيادات وكوادر متواضعة وفيّه لكل الشهداء ملتزمة بالمبادئ العظيمة التي ضحوا بأرواحهم من اجلها ووفيّه لأسر الشهداء والجرحى والأسرى، حتى نتمكن من التخلص من إرث الأفكار البالية الرجعية والدينية المتطرفة والمتخلفة، وامتلاك الوعي في الممارسة التنظيمية والنضالية اليومية، وهذا يستدعي استنهاض كافة قوى والفصائل من أجل توفير كل مقومات القوة بما يمكنهم من استعادة دورهم الطليعي التي تنتظره الجماهير بشوق كبير، من هنا يجب اعطاء الدور الأساسي للشباب في إغناء الحياة السياسية ،لأن الشباب هم المدماك الأساس في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وهم العنصر الأساسي في حمل القضية الفلسطينية وهم صمام آمان حق العودة .

ان فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بمختلف مكونات طيفها ، كان لها إسهامات كبيرة ، وهي من أغنت وأثرت التجربة في الساحة الفلسطينية بمختلف ميادين الفعل والكفاح والنضال، والعمل المجتمعي والجماهيري بمختلف أشكاله، وهي من ساهمت في بلورة الهوية والكيانية الفلسطينية، ولها دور بارز في صوغ برامجها وتوجهاتها وتصوراتها وقراراتها، ورغم الثمن المكلف والباهظ الذي دفعته بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة جبهة التحرير الفلسطينية التي وقفت الى جانب منظمة التحرير الفلسطينية ودفعت دماً وسجون ومطاردة وملاحقة وحصار في سبيل الثبات على مواقفها والدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، والانحياز للمشروع الوطني الفلسطيني فكراً وممارسة ، وقدمت امينها العام الشهيد القائد ابو العباس شهيدا في معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق نتيجة مواقفه الوطنية والكفاحية ، إلا ان الفصائل عجزت ان تعزز من قدراتها ودورها نتيجة الوضع المالي ، بل ما نراه اليوم بأن هناك معضلات واستعصاءات وأزمات ما زال يغلب عليها العمق والشمولية،

وبما يهدد مستقبل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، التي لها الدور القائد والشريك في النظام السياسي الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ، فلهذا لا يجوز تهميش دور الفصائل على حساب فصيل معين، ونحن نتطلع الى وضع البدائل العملية ووضعها موضع التنفيذ.

الحالة السائدة الآن تنذر بكارثة اذ لم نعطي الاهتمام لجيل جديد، كما نعطي الاهتمام لقوات الامن الوطني من اجل حماية شعبنا والحفاظ على الهوية الوطنية ، لم يعد اي انسان يقتنع بعبارات المجاملة ، فهناك جيل يبحث عن شخصية قوية محصنة تفتح النافذة وتلقي نظرة عما يدور في وضعنا الفلسطيني ان كان لجهة ما تتعرض له القضية الفلسطينية في ظل الوضع العربي والهجنة المعادية التي تستهدف المنطقة وفلسطين ، او لجهة تحصين وضع المخيمات لجهة اعادة تطوير وتعزيز وبناء اللجان الشعبية والاتحادات من خلال تمكين الشباب من اخذ دوره الكامل، او لجهة النظر في أنين ومعيشة صعبة ومشاكل اجتماعية لا تنتهي ، ومحاولة فرض قيم غريبة على المجتمع، تتعارض مع كل قيم الحداثة والتنوير، وخصوصاً بعد تقدم المشروع الاسلاموي وما يحمله من مخاطر جدية على الحريات السياسية والمجتمعية والتعددية، وما يحمله القائمين عليه من فكر انغلاقي إقصائي، وهذا يجب ان يكون بمثابة ناقوس خطر يجب أن يدق أمام كل القوى والفصائل الفلسطينية أن تقف امام مسؤولياتها بعد كل هذه النضالات والتضحيات الكبيرة ، فلا يجوز ان تبقى الامور هكذا ، فلا بد من اعطاء المجال للقيادات الشابة لكي تأخذ دورها في القيادة ورسم سياسة واستراتيجية التنظيم، لاننا نحن بحاجة إلى عقول وإرادات قادرة ومنصهرة وملتحمة مع الجماهير و همومها واحتياجاتها.

ختاما : لا بد من القول ان قوى واحزاب وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية لم تتخلى عن المناضلين الذي ضحوا وقدموا أرواحهم ودمائهم فداء لفلسطين وواجبنا وقيمنا واخلاقنا تملي علينا ان نتبنى قضاياهم،وان ندافع عنهم، ولنبقي صورة فلسطين ومقاومتها مشرقة ومثالاً إيجابياً في قلوب وعقول الكثيرين من الثوار والمناضلين وحركات التحرر والأحزاب والقوى العربية والعالمية،فنحن نتطلع الى ضرورة العمل من اجل تبني جيل العودة جيل الشباب في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة الخريجين من الجامعات والمعاهد الذين يعلقون الامل بفكرهم الوطني في نضالاتهم وتضحياتهم،وخير شاهد ودليل على مدي تأثرهم بالدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها وقواها واحزابها وبالثورة العملاقة.

بقلم/ عباس الجمعة