عاصفة وضجة وردود فعل مؤخراً ثارت حول تصريحات الحاخام العقيد"ايــال كريم"-الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي- والذي رفّعَ إلى رتبة عميد في أعقاب الفتوى التي أصدرها، اعتماداً على الكتب الدينية اليهودية، السماح بقيام الجنود الإسرائيليين، باغتصاب النساء غير اليهوديات "أي العربيات"، في حروب إسرائيل ضد العرب، كما أنه يرفض تجنيد النساء اليهوديات في الجيش الإسرائيلي بشكل مطلق، ويطالب الجنود في الجيش الإسرائيلي، بعدم تنفيذ الأوامر إذا كانت منافية للدين اليهودي، ويعتبر شهادة المرأة في المحاكم ناقصة، كما أفتى أيضاً أنه يتوجب قتل الجرحى من بين المقاومين الفلسطينيين، ولا يجب التعامل معهم كبشر، وهذا ما يجري حالياً بصورة عملية، من قبل الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
لقد سمحت "التوراة"-حسب هذا الحاخام- باغتصاب وإشباع رغبات الفرد الجنسية ولكن من نساء غير يهوديات، بل عربيات جميلات، مستشهداً ذلك بـ "التوراة"، من أجل الحفاظ على القدرة القتالية للجيش، وعلى الروح المعنوية للجنود، ويقول أنه يمكن تحطيم أسيجة الحشمة، لإرضاء نزعة الشر، من خلال المضاجعة، مع عربيات حسناوات المنظر بالاغتصاب العنيف رغماً عنهن انطلاقاً من المراعاة لمصاعب المقاتلين الجنسية، وحسب موقع "واللا العبري الإسرائيلي 15-7-2016"، فقد دعا هذا الحاخام إلى إحراق كتاب "الإنجيل" المقدس للطوائف المسيحية وإحراق وثائق الوثنية في العالم، كي يصبح العالم أفضل على حد قوله، معتبراً أن الغاية تبرر الوسيلة.
الحاخام المذكور قاد الجنود في الكثير من المعارك، بوصفه ضابطاً رفيعاً، ويعتمد الكثير من الجنود على فتاواه، فهذا الحاخام معروف لدى السلطات الإسرائيلية، بمواقفه المتشددة، والمفاجأة أنه تم تعيينه في منصبه الجديد، حاخاماً رئيسياً للجيش الإسرائيلي، وهذه مكافأة من وزارة الجيش التي يترأسها المتطرف "أفيغدور ليبرمان" العنصري، على تطرف وعنصرية هذا الحاخام، الذي درس في مدرسة تلمودية "ييشفا"، تابعة لحركة "عطيرت كوهنيم" المتطرفة والاستيطانية، والتي تدعو إلى الاستيطان في القدس، وفي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهذا الحاخام واسمه الكامل "ايال موشيه كريم"، من مواليد عام 1957، ولد لعائلة متدينة متشددة، وتعلم في مدارس التيار الديني الصهيوني، وفي المعهد الديني "بني عكيبا" وانضم إلى الجيش عام 1975، بموجب قانون التجنيد العسكري الإلزامي، وخدم في وحدة المظليين، وانخرط في عدة دورات عسكرية قتالية، وشارك في الحروب الإسرائيلية المختلفة، من ضمنها حرب لبنان عام 1982، وكان ضابطاً في وحدة النخبة "سييرت متكال"، دورية قيادة هيئة الأركان، وحصل لاحقاً على شهادة تأهيل للحاخامية، عمل رئيساً لمعهد التأهيل العسكري للتيار الديني الصهيوني، في المعهد الديني "عطيرت كوهنيم"، ونشر كتاباً عن الحروب والفتاوى الدينية، لكن كثيرون من الحاخامات، وغير الحاخامات، على شاكلته، ويحملون الأفكار المتطرفة، حيث أصبحوا يجاهرون بها.
في أعقاب تصريحات وفتاوى وأقوال هذا الحاخام التي نشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي هاجمها البعض وأيدها البعض الآخر، قدمت مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان الإسرائيلية، شكوى عاجلة إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، طالبة فتح تحقيق في أقوال وفتاوى هذا الحاخام، باعتبار أن أقواله مخالفة للقوانين الإسرائيلية، وتنضح بالعنصرية، وتغذي الكراهية المتفشية أصلاً، مطالبة بتجميد تعيينه بهذا المنصب، واتخاذ الإجراءات القانونية، والتأديبية ضده، ودعت عضوات كنيست من أحزاب مختلفة، ومنظمات نسائية يهودية وعربية إلى إلغاء التعيين، وطالبت النائبة "زهافا غلؤون" رئيسة حزب ميرتس رئيس الوزراء "نتنياهو" التدخل لإلغاء قرار التعيين، واعتبرت النائبة "تسيفي لفني" وزيرة الخارجية سابقاً، إن مثل هذا التعيين، تنقصه المعايير الأخلاقية، وتصريحاته وفتاويه تثير خلافاً واسعاً في المجتمع الإسرائيلي، وأن إسرائيل ليست دولة شريعة، وأن الجيش الإسرائيلي ليس بحاجة لحاخام كهذا، وطالبت بإلغاء التعيين، لإطلاقه التصريحات العنصرية واللا أخلاقية ومن أبرزها إباحية اغتصاب نساء العدو طالما هن من غير اليهوديات، وعلى الرغم من هذه الضجة التي رافقت التعيين، لهذا الحاخام، والتي صدرت بتاريخ 11-7-2016، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "غادي ايزنكوت" تمسك بقرار تعيينه، وصادق على هذا التعيين، باعتبار الحاخام "كريم" هو الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي، مع أن رئيس الأركان قال أنه لا يوافق على تصريحاته التي قيلت حين كان مدنياً معتبراً أنها غير منسجمة مع قيم الجيش، غير أن المصادقة على هذا التعيين، لا ينسجم مع أقوال رئيس الأركان الذي يخشى إلغاءه خشية فتح جبهة عليه.
فتاوى كثيرة طالت الفلسطينيين، وحتى طالت المواطنين العرب في منطقة الـ 1948، من حملة الجنسية الإسرائيلية، مثل دعوة الحاخامات لعدم بيعهم أو تأجيرهم المنازل، فهذا هو التيار النامي والسائد في إسرائيل، والذي يتزايد عدده وتأثيره وسيطرته على الحكم يوماً بعد يوم، وحسب المصادر الإسرائيلية فإن نسبة هذا التيار وهو القوة المحركة سياسياً في تصاعد مستمر في الجيش وخارج الجيش، فهذا الحاخام ليس حالة شاذة في مؤسسة الحاخامية اليهودية-الإسرائيلية، التي تحظى بدعم وتأييد المئات من الحاخامات وغير الحاخامات، ولماذا العجب طالما أن هذه الفتاوى تستند إلى كتاب التوراة المقدس لديهم، وفيما يلي أبرز ما جاء في التوراة:
الإصحاح الثالث عشر
15 كل من وجد يطعن وكل من إنحاش يسقط بالسيف. 16وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نسائهم.
الإصحاح الرابع عشر
هوذا يوم للرب يأتي فيقسم سلبك في وسطك. 2 واجمع كل الأمم على أورشليم للمحاربة فتؤخذ المدينة وتنهب البيوت وتفضح النساء ويخرج نصف المدينة إلى السبي وبقية الشعب لا تقطع من المدينة 3 فيخرج الرب ويحارب تلك الأمم كما في يوم حربه يوم القتال. 4 وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام اورشليم من الشرق فينشق جبل الزيتون من وسطه نحو الشرق ونحو الغرب واديا عظيما جدا وينتقل نصف الجبل نحو الشمال ونصفه نحو الجنوب. 5 وتهربون في جواء جبالي لان جواء الجبال يصل الى اصل وتهربون كما هربتم من الزلزلة في ايام عزيا ملك يهوذا وياتي الرب الهي وجميع القديسين معك.
أخيراً.. فإن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" الذي يكرر اتهاماته هو وغيره من قادة إسرائيل، ضد القيادة الفلسطينية بالتحريض، فإننا لم نسمع منه تنديداً واحداً بالتحريض الذي يصدر عن الحاخامات-وما أكثرها- من هنا لا بد من تجميع فتاوى الحاخامات في كتاب باللغات الأجنبية لتعريف غير المطلعين على عنصرية وتحريض ودعوات الحاخامات العنصرية الدينية الإسرائيلية، وأن ما ننشره في وسائل إعلامنا مع أهميته في هذا الموضوع، فلا حاجة لنا بإقناع أنفسنا على ما نحن نعرفه ومقتنعون به.
بقلم/ غازي السعدي