المعاهدات الدولية

بقلم: حنا عيسى

بدأ ظهور المعاهدات الدولية كوسيلة اتصال بين الشعوب مند العصور القديمة، حيث عرفت مند مصر الفرعونية وبابل وأشور، كانت في شكل معاهدات تحالف او صلح بحيث كانت تحكم عملية إبرام المعاهدات قواعد العرف الدولي.

وسعى العرف الدولي الى وضع قواعد منظمة للإجراءات المتعلقة بالمعاهدات والتي كانت كلها إجراءات عرفية وقد تم تدوين جميع هده الإجراءات وذلك عن طريق لجنة القانون الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع مشروع لقانون المعاهدات الدولية عام1969م، وصلب معاهدة فيينا حول قانون المعاهدات و تسمى بـ "اتفاقية فيينا للمعاهدات" ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ عام 1980م وهي تعتبر اليوم المرجع الأساسي والقاعدة العامة فيما يتعلق بالمعاهدات بين الدول المختلفة من حيث أطرافها ومن موضوعاتها ومن حيث الإجراءات المتبعة بشأنها. لكن هذه المعاهدة أكتفت بتدوين قانون المعاهدات المبرمة بين الدول فقط و لذلك وقع لاحقاً إبرام معاهدتان لاحقتين مكملتين للمعاهدة الأولى وهما معاهدة فيينا حول تعاقب الدول في المعاهدات عام 1978م .ومعاهدة فيينا حول المعاهدات المبرمة بين الدول والمنظمات الدولية وبين المنظمات الدولية فيما بينها عام 1986م.

والمعاهدات الدولية هي المصدر الأول والرئيسي من حيث ترتيب المصادر المنصوص عليه في المادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية، وهي من أغزر المصادر في القانون الدولي وأكثرها وضوحا واقلها مثاراً للجدل والخلاف، وهي وسيلة اتصال دولية معروفة منذ القدم.

تعريف المعاهدة:

هي اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء تم في وثيقة واحدة أو أكثر أيا كانت التسمية التي تطلق عليه، وهي اتفاقات مكتوبة تعقد بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي ضمن إطار القانون الدولي بقصد ترتيب اثار قانونية.

 

خصائص المعاهدة:

1.  الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق يعبر عن التقاء إرادات موقعيها على أمرٍ ما، فهي ذات صفة تعاقدية لغرض إنشاء علاقة قانونية بين الأطراف المتعاقدة، لذلك تخرج عن وصف الاتفاقية الدولية أو المعاهدة الوثائق الدولية التالية:

·المذكرة: هي وثيقة دبلوماسية تحتوي على خلاصة وقائع معينة مثارة بين دولتين أو بين دولة ومنظمة دولية أو ما شابه ذلك.

·الاقتراح: هو وثيقة تتضمن إيجاباً أو عرضاً من دولة لأخرى.

.الكتاب الشفوي: وهو وثيقة غير موقعة تتضمن خلاصة محادثات بشأن حادث معين أو ما شابه ذلك. *المحضر: وهو السجل الرسمي لمحاضر اجتماعات مؤتمرٍ ما أو إجراءاته أو النتائج غير الرسمية التي توصل إليها الممثلون المجتمعون.

·التسوية المؤقتة: وهو اتفاق مؤقت يُرغب في استبدال غيره به فيما بعد، باتفاق أكثر دقة ووضوحاً. وتعقد التسوية المؤقتة عندما لاتريد الدولتان الارتباط فوراً بالتزامات دائمة ومطلقة، والغرض منها معالجة الصعوبات الوقتية المستعجلة.

·تبادل المذكرات: وهو أسلوب غير رسمي تحاول الدول بموجبه التعاون على إيجاد تفاهم بينها، أو الاعتراف ببعض الالتزامات الواجبة عليها.

·التصريحات الوحيدة الطرف: هي بيانات تصدرها دولة من جانبها توضح فيها موقفاً معيناً من مسألة ما.

2.  الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق مكتوب ولذا لاتعد الاتفاقات الشفوية ولاسيما ما يعرف باتفاقيات الجنتلمان أو ما يسميه بعضهم "اتفاقيات الشرفاء" معاهدات بالمعنى الدقيق للمصطلح مع أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المبرمة عام 1969 لم تنكر ما قد يكون لهذه الاتفاقات الشفوية من قيمة قانونية. ومثال اتفاقات الجنتلمان الاتفاق الشفوي الحاصل عام 1945على توزيع المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن بين دول المناطق الجغرافية المختلفة، وقد عدل باتفاق شفوي آخر في عام 1964 بعدما ارتفع عدد هذه المقاعد غير الدائمة من ستة مقاعد إلى عشرة عقب تعديل الميثاق الذي أصبح نافذاً في 1965. أما إذا كان الاتفاق ين شخصين دوليين أو أكثر مكتوباً فيعدّ اتفاقية دولية مهما كانت الصيغة التي كتب بها ومهما تعددت الوثائق التي تضمنته، بغض النظر عن الاسم الذي يطلق عليه. فقد يسمى معاهدة او اتفاقية أو ميثاقاً أو عهداً أو صكاً أو دستوراً أو شرعة أو غير ذلك بحسب ما يتفق الفرقاء. فمعاهدة المعاهدات لعام 1969 مثلاً سميت "اتفاقية فيينة لقانون المعاهدات". أما تعبير بروتوكول في مجال الاتفاقيات الدولية، فقد يطلق على خلاصة محاضر الاجتماعات التي أدت إلى توقيع المعاهدة، وقد يطلق على ملحق الاتفاقية، وقد يطلق على الاتفاقية ذاتها.

3.  الاتفاقية الدولية بين شخصين دوليين أو أكثر، وهذا يعني أنها قد تكون بين دول، وقد تكون بين دولة ومنظمة دولية، وقد تكون بين منظمات دولية.

4.  المعاهدة هي الاتفاق الذي من شأنه أن ينشئ حقوقاً والتزامات متبادلة بين الأطراف المرتبطة، يحكمها القانون الدولي العام.

 

تصنيف المعاهدات:

·من حيث الطبيعة: معاهدات شارعة وهي التي يهدف اطرافها من وراء ابرامها سن قواعد دولية جديدة تنظم العلاقات بين الاشخاص القانون الدولي ولما كانت القاعدة القانونية قاعدة عامة بطبيعتها فمن غير الممكن اعتبارها معاهدة شارعة في ابرامها عدد كبير من الدول.  ومعاهدات عقدية وهي تلك التي تبرم بين الأشخاص القانون الدولي في امر خاص بهم ،أي بين دولتين او عدد محدد من الدول او بين شخص دولي فرد او هيئة خاصة ،ويراعي ان الأشخاص الدين يبرمون هدا النوع من الوفاق بإرادتهم الخاصة لا يلزم بطبيعة الحال غير المتعاقدين والدي لا يتعدى اثر أساس الدول غير الموقعة عليه لانها ليست طرفا فيه كما ان هده الاتفاقيات تحكمها في مظاهرها الأحكام والقوانين الخاصة، بمعني أخر ان الأشخاص القانون الدولي لا يستطعون إبرام هده الاتفاقيات الخاصة مالم تكن متفقة في جوهرها مع احكام القانون الدولي والا تعرضت للمسؤولية الدولية.

·من حيث عدد الدول الأطراف: معاهدات ثنائية ومعاهدات جماعية.

·من حيث إجراءات الإبرام او الشكل: معاهدات مطولة وتكون هده المعاهدات شكلية (مطولة) لا تنعقد الا بعد ان تمر بثلاثة مراحل المفاوضة التوقيع والتصديق. ومعاهدات مختصرة هو يتم التبادل الرسائل او المذكرات او الخطابات او التصريحات أو بالتوقيع على محضر مباحثات ويشترط في ابرامها المرور بمرحلتين فقط المفاوضة والتوقيع ولا يلزم لنفادها التصديق عليها من السلطة المختصة. ومعاهدات ارتساميه أي لها مراسم ومراحل معينة.

 

شروط صحة المعاهدة:

1.  اهلية التعاقد: وتتمثل في خلو إرادة الدولة من العيوب (الرضا) أي خلوها من أي إكراه أو غش تدليس، وتوافر الاهلية وهي في القانون الدولي تختلف عن القانون الداخلي وتعني في القانون الدولي توافر الشخصية الدولية وهي لا تتوافر إلا للدول ذات السيادة وللمنظمات الدولية في حدود معينة.

 

2.    مشروعية موضوع المعاهدة: وتكون المعاهدة مشروعة بالضوابط آلاتية:

أ‌-   الا  تتعارض مع قاعدة من القواعد الامرة وهي كل قاعدة قبلتها الجماعة الدولية واعتبرتها قاعدة لا يجوز الإخلال بها مثل تحريم تجارة الرقيق والمخدرات أو التعدي علي الدول.

 ب‌-   ألا يتنافى موضوعها مع الآداب العامة أو الأخلاق الدولية أو المبادئ الإنسانية العامة كالاتفاق علي تجارة البغاء.

 ت‌-       ألا تتعارض مع التزامات الدولة التي يتضمنها ميثاق الامم المتحدة.

 ث‌-       ان يكون موضوع الاتفاقية ممكناً.

بقلم/ د. حنا عيسى