الملف السوري والتشابك الإقليمي الدولي

بقلم: احمد رمضان لافى

منذ أن بدأت الأحداث في سوريا في آذار مارس 2011 كأحد مظاهر ما سمى بـ" الربيع العربي" التي اجتاحت المنطقة العربية حتى تكشفت ملامح تشكيل النظام الإقليمي التي عكفت الولايات المتحدة الامريكية صياغته وفق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة, إلآ أن مسار الأحداث في سوريا زاد المشهد تعقيدا وذلك بتعدد اللاعبين في هذا الملف الشائك, والمتابع لملف الأزمة السورية يرى أن هناك العديد من الأطراف التي تسعى كل طرف العمل لحسابه وحسب الدور المنوط به من قبل المطبخ الأمريكي, فسوريا تاريخيا شكلت أحد أهم المفاصل الرئيسية الهامة في الإقليم ذلك يعود إلى تاريخ هذا البلد الكبير ووزنه وإرثه ايضا, وكانت على الدوام في حالة جدلية أحيانا وصراعية في بعض الأحيان, فعلاقتها بإيران و روسيا شكلت لها إحدى مظاهر الجدل والصراع مع الولايات المتحدة, ومن هنا نسلط الضوء على حالة التشابك المعقد, إذ أن علاقتها بإيران كنظام شيعي أعطى ذريعة لمحور السعودية وقطر وتركيا إلى الدفع باتجاه حالة الضد بالنسبة للنظام ودعمت بكل الوسائل كل ما هو ضد نظام بشار الاسد وذلك للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة وهذا يأتي في سياق الصراع السنى الشيعي في المنطقة بين السعودية وحلفاءها بالمنطقة وايران, في حين قامت ايران وما زالت بدعم غير مسبوق لسوريا اذ تحدثت بعض المصادر أن الدعم الإيراني لسوريا وصل إلى حوالى مليون دولار يوميا, من الطبيعي أن ايران تحتاج إلى منفذ على البحر الابيض المتوسط وزيادة لنفوذها وحزام إيراني منها الى لبنان بتمثيل حزب الله في لبنان كرجل لها وهذا ما حدى بتدخل ميليشيات حزب الله ان تحارب الى جانب النظام, أما دور قيصر روسيا "بوتين" فقد لعب أكثر من بعد تدفعه بالتدخل القوى بجانب النظام السوري حتى وصل الأمر بالتدخل العسكري , فلماذا كل هذا التشابك في سوريا؟ وما هى مصالح تلك الأطراف فيها؟ وألى أى مدى سوف يستمر هذا الوضع المأساوي في سوريا؟ فالولايات المتحدة الامريكية أرادت تشكيل العالم حسب رؤيتها ولكى يتم ذلك فان المنطقة العربية هى أهم المناطق الخاصة بمشروعها ذلك لأن منابع النفط واسرائيل والجيوسياسي.. كل ذلك غنيمة لها, ولكنها لم تكن تعلم أنها ستواجه الدب الروسي بكل قوته ليحافظ القيصر على ما تبقى من إرث الاتحاد السوفييتي والتي لم يشأ أن يسلم سوريا كما سلم ليبيا من قبل ولأن سوريا هى المكان الوحيد له في المياه الدافئة وتواجده العسكري أيضا, وكأنه يقول للولايات المتحدة بأنك وحدك لن تستطيعي قيادة العالم لوحدك, ولذلك فان حجم التدخل الروسي قد ظهر جليا عندما اتخذ الرئيس الأمريكي "اوباما" قرارا بضرب سوريا بعد اتهامه باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين إلا أنه تراجع بناء على تدخل روسي وإحالة الملف للأمم المتحدة, وباعتقادي ورغم كل الجهد الدبلوماسي لحل الأزمة الذى مازال مستمر إلا أن هذا الملف يعتبر بيضة القبان في مشروع تشكيل النظام الإقليمي الجديد خاصة وأن اسرائيل هي المستفيد الرئيس من كل حركة التغيير التي تشهدها المنطقة إذ أنها تعطى اسرائيل غطاء لعدم تنفيذ الاتفاقيات مع الفلسطينيين وتوغل في التصعيد الاستيطاني والقتل للشعب الفلسطيني, إذا سوف يستمر حالة التشابك في الملف السوري إلى أن تتفق روسيا والولايات المتحدة على تشكيل ادارة المنطقة, وستبقى الشام والمنطقة تنزف لاستكمال حالة الضعف والهوان.

بقلم/ أحمد رمضان لافى كاتب وباحث فلسطينى 29/6/2016
[email protected]