ينقسم المجتمع الفلسطيني في انتمائه السياسي إلى عدة تنظيمات وأحزاب، وعليه فالمجتمع منقسم في رؤيته للتطورات والأحداث وفق انتمائه، والمجتمع منقسم على نفسه في تقديره لكثير من التصرفات والفعاليات وحتى المسلكيات الحياتية والمواقف السياسية.
ولما كان الانقسام قائماً في مجمل مناحي حياة الفلسطينيين فإنه ينعكس على مجمل سلوكهم، ويرتد عليهم بمزيد من الشقاق والخلاف اليومي في أبسط المسائل، حتى صار الانقسام جفاءً عائلياً أحياناً، وصار تباعداً اجتماعياً بين البشر، وأمسى فتوراً في العلاقات العامة، وهذا هو أسوأ أنواع الانقسام الذي صارت له ارتدادات تحاصر النفس وتعذب الروح.
وسط هذا الجو المشحون من الانقسام تم تحديد موعد الانتخابات للمجالس المحلية، وبدأت الحملة الإعلامية الشعبية قبل الإعلان عن موعدها الرسمي، وبدأت التشهير والتشنيع والإساءة والاتهام والتحريض والتنكيل وبدأت كل أشكال الطعن بالأخر الذي ينافس على عدد المقاعد في المدنية نفسها، وفي المجلس البلدي نفسه، بل وينافس على رئاسة المجلس، بل قد يكون الآخر هذا الذي تكال له التهم بالألوان هو رئيس المجلس البلدي، وقد يكون الآخر هذا عضواً في المجلس البلدي أو زميلا ًفي العمل بعد شهرين من هذا التاريخ.
فكيف يكون سيئاً ومتهماً أثناء الدعاية الانتخابية، ليكون نداً في العمل والحياة العامة؟
للدعاية الانتخابية أصول، ولإظهار قصور الآخر وسلبياته وضعف أدائه قواعد يجب الالتزام بها، وللكشف عن أخطاء الآخر السياسية طرق كثيرة موجعة ولكنها لا تتعدى حدود الأخلاق التي تلزمنا باحترام الآخر رغم الاختلاف معه في المواقف السياسية والروية لتطور الأحداث.
في الدعاية الانتخابية لا يمكن أن تصف الإنسان إلا بما فيه، وفي الدعاية الانتخابية لا يصير التعرض للأشخاص بمقدار ما يجب عليك استعراض عملهم وتصرفاتهم وردة فعلهم، فالمجتمع الفلسطيني صاحب تجربة سياسية وحياتيه، وله القدرة على التمييز بين الغث والسمين، بين الصالح والطالح، والمجتمع الفلسطيني يحترم الشخص بمقدار احترامه للخصومة السياسية، وعدم الفجور، ويرتقي المجتمع مع سلوك الشخص بمقدار تقديره للأخر الذي يختلف معه، والناس تدرك مصلحتها، وقد حسمت أمرها في كثير من القضايا منذ زمن بعيد.
وتذكروا دائماً أننا نتنافس مع الآخر، والإنسان لا ينافس إلا نده
د. فايز أبو شمالة