من يملك قطرة عشق يهبها للعالـم .. لا يذرف الدموع... بل الشموع ..وكلـما جرى الحديث عن نضال الـمرأة الفلسطينية، برز اسم المناضلة عذبة خضر الذي عرفتها منذ سنوات طويلة ليس لدورها النضالي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فحسب، بل لدورها النضالي الـمتكامل، حيث لـم تفصل يوماً بين تحرير الوطن وتحرير الإنسان، بل آمنت بالعمل الجماعي الـمنظم، ونبذت الحلول الفردية، آمنت بأهمية الثقافة ونضال الـمرأة ضد الاحتلال، وضد التخلف الاجتماعي، فاكتسبت صفات نضالية، من خلال عملها الصامت، و صوتها الهادئ،حيث كانت تحترم الآراء الـمختلفة، و تناقش رفاقها و أصدقاءها بسعة صدر وحب و احترام، و تحزم عند الضرورة، فهي ابنة الجبهة الشعبية بامتياز ولكن لـم تكن فئوية، الأمر الذي جعلها تتعاون مع غيرها من أبناء التنظيمات الـمختلفة، ومع الـمستقلين، خدمة للهدف الفلسطيني الـمشترك .
احتل الحب مساحة كبيرة في حياة عذبة، أحبت عائلتها وأصدقاءها ووطنها، وأحبت أبناء مخيمها عشقت فلسطين، وعبَّرت عن هذا الحب وهذا العشق، من خلال دورها النضالي ومن قلب مخيمها البرج الشمالي ، كانت ناشطة وكلها حيوية وانتماء للقضية، آمنت كما أبناء جيلها من الفلسطينيين والعرب بالعنف الثوري وسيلة وحيدة وأساسية لإيصال معاناة ومأساة ونكبة وحقوق الشعب العربي الفلسطيني الى كل بيت في كل العالم،فهي الثورية الفلسطينية المتألقة التي حملت فلسطين في قلبها لتحيا معها ، لذلك فان الكلمات التي اكتبها اليوم لم تفي حقها ، ولكن لا يجوز ان تمر بدون ذكر وبدون إحياء يليق بالثوريات وبالفدائيات اللواتي لا يمتن أبدا، رغم الظلم والاجحاف التي وقع عليها ، فعذبة خضر شهيدة فلسطين والجبهة الشعبية ، فهي ستبقى حيّة بأفكارها في الأجيال التي تواصل حمل راية الكفاح بالرغم من العذابات والجراحات والمؤامرات.
نعم اقول ذلك في سيرة المناضلة الشهيدة عذبة ، لانها ليست عادية ، لأنها كانت من جيل العنف الثوري الفلسطيني ، وكانت من المثقفات ولم تكن من النساء العابرات والعاديات،هي شخصية صلبة، متيقظة، حساسة، شفافة، قوية، مثقفة، ثورية وفدائية.
وامام كل ذلك ارى ان عذبة كانت صلبة الإرادة والعزيمة، إرادتها فولاذية وعزيمتها من حديد، عنيدة على الثوابت والحق ، كانت تتمسك بتراث فلسطين وبعاداتها وتقاليدها ، وهي تحلم بالوطن الذي تضخم في غربتها ولم تسعها أوطان الدنيا، فثمة وطن وحيد صاخب في ضمير من تشرد وعذب واغتصبت أرضه، إنها فلسطين .
إذن هي انتمت الى مدرسة الحكيم جورج حبش وابو علي مصطفى مدرسة العمل الثوري التي تعلم الإنسان الثوري ، واحبت رفيقة نضالها المناضلة ليلى خالد ورفيقها القائد الاسير الامين العام احمد سعدات ونائب الامين العام الرفيق ابو احمد فؤاد ، كما كانت تعتز برفيق دربها ابو علي سويدان وكافة رفيقاتها ورفاقها واصدقائها وصديقاتها ، حيث كانت تشعر بالفخر والكبرياء والعزة والانتماء الأصيل لفلسطين وشعبها المكافح.
وهي تمثل اليوم رمزاً للمرأة المقاومة والمناضلة في سبيل الحرية من خلال مشاركتها في الفعاليات السياسية والنضالية في الجبهة الشعبية والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث جعلت من رحيلها قنديلاً ينير درب الحرية.
لهذا اقول ان عذبة خضر تبادلت الأدوار بين الموت والحياة، فهي رحلت، ولكن ظلت مسكونة بالحرية إلى درجة العشق، وقد أعلنت عذبة وصول رحلة الوعد الجماعية إلى أرض الأمنيات، لتنضم الى قوافل الشهيدات والشهداء.
ختاما : رحم الله شهيدتنا التي امنت برفع راية النضال عالية خفاقة من اجل تحرير الارض والانسان ، فهي ستبقى نجمة ساطعة في سماء فلسطين .
بقلم/ عباس الجمعة