حديث المؤتمرات

بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي


منذ زمن وأنا أتابع بعض للمؤتمرات والندوات واللقاءات التي تهتم بشأن الداخلي الوطني وبعض القضايا التي نجمت عن هذه المشاكل والتي باتت الشغل الشاغل للإنسان الفلسطيني والذي لم تعد تفارق أي لقاء بين اثنين او اكثر من أبناء شعبنا ،
وفي كل المؤتمرات واللقاءات يكون هناك مجموعة من أصحاب الكلمة بين والحكمة يدلون بدلوهم ويضعون التصورات والحلول وتحفظ هذه الأوراق مع بعض الصور في أرشيف تلك الجهة الداعية لنرسل نسخة من تلك الأوراق للجهات الراعية والممولة لتلك المؤتمرات اذا ما عرفنا أنها تعقد في أفخم الفنادق والقاعات وتقدم اشهى المؤكولات والمشروبات اتناقش قضايا شعب بات يبحث عن كسرة خبز،
وهنا لابد من القول ومن خلال بعض الأحاديث الجانبية التي تدور بين السواد الأعظم من الحضور والتي في النهاية تتمحور حول السؤال هل بمثل هذه المؤتمرات ممكن ان نحدث تغيير ،وهل هناك شعب من الشعوب أو أمة من الأمم استعادت وحدتها بتلك الأدوات؟
وهل من الممكن القياس على الحالة الفلسطينية بتلك الحالات التي حدثت في شعوب سابقة ؟
فجميعنا يعلم بأنه بعد الحرب العالمية الثانية 1945م وانتصار الحلفاء على المانيا النازيو أنقسمت المانيا الى اربع مناطق محتلة _امريكا ،الاتحادالسوفيتي،فرنسا،انجلترا.
بعد ذالك توحدت الثلاث مناطق الخاضعة للاحتلال الأمريكية والفرنسي والانجليزي تحت اسم ألمانيا الغربية ومن ثم أعلن الاتحاد السوفيتي المنطقة الخاضعة له ألمانيا الشرقية واستمر هذا الحال إلى أن انهار حائط برأسين 1990 م كنتيجة لانهيار الاتحاد السوفيتي .
لكن هنا برز دور النخبة التي أخذت على عاتقها دور تنمية عقل وقدرات المواطن الألماني ونهوضه ليعوض الحالة التي كانت نتاج الحرب العالمية الثانية فكانت التنمية حتى صارت الدولتين الشرقية والغربية ذات شأن كل حيث مكانه ومن باب العمل على التخلص من الإحتلال الغربي لألمانيا الغربية فعملت على أن يكون أصول الحكم شعبية لتخلص بنعومة من تأثير المحتل وهنا قفز الاقتصاد ألمانيا إلى المرتبة الثالثة عالميا وهنا انتظر الشعب الألماني الفرصة التاريخية لكي يكمل حلمه ويتخلص من آثار الانقسام وتتبنى ألمانيا اليوم سياسة الوحدة الأوربية لمواجهة التحديات الدولية ولكي تكون قادرة مع بعض الدول الأوربية لوضع حد للهيمنة الأمريكية اقتصاديا وسياسيا وعسكرية على أوروبا ودولها .
وهنا لابد من القول بأن قضيتنا هي نتاج الحرب العالمية الثانية حيث تقسم الوطن العربي في حينه إلى شرقي وعربي ولكن بالمقارنة بألمانيا نجد أن كثير من شعوب أوربا قد شفيت من عللها ولكن نحن كعرب زدنا مرضا .
بالعودة إلى تجارب الشعوب وطرح السؤال لماذا نحن لم ننجح؟؟؟
التجربة اليابانية والتي خرجت من تحت أنقاض ضربات نووية مدمرة وعملت على بناء دولتها لتكون الإقتصاد العالمي الأول وهنا كان اليابانيون حريصين كل الحرص على عدم الخلط بين استيراد العلم والمحافظة على التراث الحضاري القومي اليابانيين.
وتجربة جنوب أفريقيا تعد نموذج فريد يبرز لنا أهمية القيادة السليمة وضرورة وضوح الهدف المركزي والإخلاص له والإصرار على تحقيقه والحرص على الأسلوب السليم من اجل الوصول إليه.
ففي جنوب أفريقيا لم يكن الصراع بين أسود وأبيض فقط كما يعتقد البعض ولكن كان صراع قبلي دامي بين السود أعمق بكثير وعلى الرغم من كل عوامل وعناصر الفرقة والتخلف التي كانت ،فكان التمسك بالهدف والإصرار على تحقيقه من خلال سبل سليمة وتحت قيادة مخلصة حرر جنوب أفريقيا من نظام عنصري بغيض وحافظ على وحدة المجتمع وأوقفت الحرب الأهلية القبلية وبدأ ببناء نظام إجتماعي ديموقراطي فيه مكانة لكل أبناء المجتمع رغم التباين في اللون والعنصر والمصالح .
وهنا لابد من القول نحن أبناء فلسطين في كل أماكن تواجده لنا حالة خاصة بامتياز نتيجة التهجير وإحلال مجموعات بشرية في السواد الأعظم من ارضا ولكن وبعد أوسلو والقبول بقيام السلطة من قبل البعض والرفض من البعض لم نتككنن من بناء مجتمع فلسطيني قادر على الاستغناء عن المساعدات الخارجية والتي بالتأكيد تجعل قراره الوطني مرهون لها ،كما لم نتمكن من إيجاد قيادة قادرة على جعل المصالح الوطنية هي العليا والمصالح الحزبية والشخصية هي السفلى وبكل تأكيد حالة كهذه لا يمكن ان تنتج نخبة حرة غير مرهونة بمصالح شخصية بات تحقيقها في يد المتنفذين وهنا كان ألانقسام والتيه والضياع والذي أدى إلى كثير من الخسائر على الصعيد الوطني والعربي والدولي ولكن حقيقة فتح هذا الحال المجال على مصرعيه لكل هواة اللعب في الشأن الداخلي من خلال تمويل تلك المؤتمرات والتي يكون جل المتحدثين هم المشكلة والحفاظ على مصالحهم هو السبب .
فمتى يتمكن مجتمعنا من هدم سور برلين وازالة آثار قنبلة اليابان والتخلص من النظام العنصري ؟؟؟

نبيل البطراوي
عضو الأمانة العامة لشبكة
;كتاب الرأي والإعلام