حسم اللاجئون الفلسطينيون في الضفة الغربية أمرهم، وقرروا عدم المشاركة في الانتخابات المحلية، فطالما هم يسكنون المخيمات، ويرفضون تلقي الخدمات من البلديات، فإنهم بذلك يؤكدون على حقهم بالعودة، ويرفضون التوطين الذي يمثل تدخل البلديات في شئون المخيمات أهم ركائزه، والمدخل المباشر لتقليص خدمات الأونروا داخل المخيمات التي أنشأتها الأونروا نفسها، وتعهدت بتوفير مستلزمات الحياة الإنسانية فيها.
إن عدم مشاركة مخيمات اللاجئين في الانتخابات المحلية بالضفة الغربية ليبعث برسائله السياسية إلى المجتمع الدولي الذي تعترف قرارته بحق سكان المخيم بالعودة إلى وطنهم فلسطين، وفي الوقت نفسه يحفظ للمخيم الحق بتلقي الخدمة من الأونروا، فطالما كانت البلديات في الضفة الغربية وغزة تعتمد في مشاريعها على كرم المانحين، فمن حق المخيم أن يتواصل مع المانحين من خلال الأونروا، وبعيداً عن مؤسسات السلطة الفلسطينية.
وإذا كان القرار الذي اتخذته لجان اللاجئين في الضفة الغربية بعدم المشاركة في الانتخابات المحلية قراراً صائباً، فإن المنطق الوطني السليم يقضي بعدم مشاركة مخيمات اللاجئين في غزة بالانتخابات المحلية، وهذه المهمة ملقاة على عاتق عضو اللجنة التنفيذية الدكتور زكريا الأغا، الذي يمسك بملف اللاجئين، ويتابع قضاياهم بشكل رسمي، ولاسيما أن المنظمة هي الجهة المعتمدة دولياً وعربياً بهذا الشأن، فكيف يغيب عن جدول أعمال اجتماعها الذي عقدته قبل يومين في رام الله موضوع مشاركة أو عدم مشاركة اللاجئين في الانتخابات المحلية، لماذا؟ لماذا تجاهلت منظمة التحرير هذا الشأن السياسي الحساس جداً؟ لماذا تهربت من أخذ قرار له صلة مباشرة بقضية حق العودة للاجئين؟
إن التهرب من نقاش جدوى مشاركة اللاجئين في الانتخابات المحلية من عدمها ليمثل بداية الاعتراف الرسمي الفلسطيني بضرورة حل قضية اللاجئين من خلال التوطين، وحيث تواجدوا، وهذه رسالة سياسية مطمئنة للإسرائيليين؛ الذي حرصوا منذ بداية الاحتلال للضفة الغربية وقطاع غزة على دمج الخدمات المقدمة لمخيمات اللاجئين مع الخدمات المقدمة للمدن.
إن الحفاظ على هوية المخيم واستقلاليته عن المدينة مهمة سياسية، والانتخابات التي تجري للهيئات المحلية تتعلق بتقديم الخدمات، والخدمات التي يتلقاها المخيم هي من اختصاص الأونروا، وبالتالي فإن عدم المشاركة فيها لا يحرم اللاجئين الفلسطينيين من حقهم في المشاركة بالانتخابات السياسية العامة سواء أكانت تشريعية أم رئاسية، لأن الفارق كبير بين المشاركة في اختيار الممثل السياسي، والمشاركة في اختيار مقدم الخدمة اليومية.
مازالت الفرصة قائمة، ومازال الوقت يسمح لمنظمة التحرير بتحمل مسئوليتها، وتدارك الخطأ، واتخاذ القرار السياسي المربك للحسابات الإسرائيلية بهذا الشأن.
د. فايز أبو شمالة