مفهوم إستراتجية الاداره المرادف لمعنى الفوضى والاسترجال في المواقف

بقلم: علي ابوحبله

الأحداث الاخيره جعلتنا نسلط الضوء على مفهوم هام يتعلق بإستراتجية الاداره المتعلقة بإستراتجية إدارة الأزمات وضرورة التوجه الإداري الحديث في تطبيق المدخل الاستراتيجي في إدارة المنظمة كنظام شامل ومتكامل ، فهي طريقة في التفكير وأسلوب في الاداره ومنهجيه في صنع القرار واتخاذ القرارات ألاستراتجيه التي ترقى لمستوى الحدث ، بحيث بات ضروريا أن يكون هناك استراتجيه يحكم العمل الإداري والتنظيمي وفق قرارات سليمة بعيدا عن الغوغائية والانفعال .

ان مفهوم الاستراتجيه هو مفهوم قديم في الفكر البشري ، حيث تعود كلمة استراتجيه الى كلمة استراتيجوس وهي كلمه يونانية الاصل وتعني فن القياده او فن الجنرال وقد اقتصر استخدام هذه الكلمه لقرون عديده على المجال الحربي ، حيث كان يقصد بها فن قيادة الجيوش وادارة المعارك ، حيث تصف كلمة جنرال شخصيه مكونه من ثلاثة ابعاد :-

1. الجنرال هو ذلك الشخص التي يتصرف بصورة حازمة، فالجنرال يقوم بمجموعة من الأفعال الهدافة ذات الطبيعة الهامة (الإستراتيجية) التي تعتمد أساساً على قدراته على توظيف الكم والكيف المناسب من الإمكانيات لدعم الجيوش على مسرح العمليات العسكرية وذلك لتحقيق ميزة تنافسية وبالتالي تحقيق النصر.

2. الجنرال هو ذلك الشخص الذي يتصرف وهو يعلم أنه ليس في فراغ وأن قوى أخرى في المسرح الأوسع حوله تؤثر وتتأثر بطريقته في التصرف واتخاذ القرارات، فيجب على الجنرال أن يراقب المشهد بكل تفاصيله الكبيرة والصغيرة، ويقترب منها أو يبتعد دون السقوط في إحدى حوافه الخطيرة، كما عليه أن يتابع ويحلل ما يقال بين صفوف قيادته العليا وقواته وأعداءه، ويقع على عاتقه مجموعة من المهام مثل:

1. تحفيز جنوده في ساحة المعركة.

2. مفاوضة قيادته لتزويده بما تحتاجه قواته من دعم وفي الوقت المناسب.

3. مفاوضة الأعداء لتحقيق أكثر الشروط ملائمة لتحقيق السلام ووقف الحرب.

4. ممارسة المناورة العسكرية الإستراتيجية ضمن محددات الأجواء السياسية والبيئة المحيطة به.

5. تحديد –وبدقة- نقاط القوة والضعف لديه ولدى أعداءه.

6. المناورة وجذب الآخرين لعقد التحالفات معه للتأثير في مجرى المعركة لصالحه.

3. الجنرال هو ذلك الشخص الذي يمتلك حساً عميقاً بالزمن ومتى يجب أن يتصرف، فهو الذي يدرس خططه وتحركاته الإستراتيجية بعمق وينفذها في أوقاتها المناسبة لتحقيق النتائج المرغوبة.

إن هذه الأبعاد تبين لنا مدى فهم اليونانيين لكلمة إستراتيجية، حيث ترتكز على ثلاثة ركائز وهي:

1. الأهمية.

2. الشمولية.

3. النظرة المستقبلية.

إلا أن استخدامات كلمة إستراتيجية لم يبقى محصوراً في المجال العسكري، بل إمتد استخدامها إلى مختلف القطاعات والميادين حتى إمتد إلى كافة العلوم الاجتماعية كالعلوم السياسية والإقتصاد والإدارة.

إلا أن العلماء أختلفوا على تعريف الإستراتيجية في مجال الإدارة، فعرف شاندلر الإستراتيجية بأنها: تحديد المنظمة لأهدافها وغاياتها على المدى البعيد، وتخصيص الموارد لتحقيق هذه الأهداف والغايات .

أما أنسوف Ansoff فيعرف الإستراتيجية على أنها: تصور المنظمة لعلاقتها المتوقعة مع بيئتها بحيث يوضح هذا التصور نوع العمليات التي يجب القيام بها على المدى البعيد، وتحديد المدى الذي تسعى المنظمة من ورائه تحقيق غاياتها وأهدافها .

وعرف العالمان ثومبسون و سترايكلاند Thompson & Strickland الإدارة الإستراتيجية بأنها تعني وضع الخطط المستقبلية للمنظمة وتحديد غاياتها على المدى البعيد واختيار النمط الملائم من أجل تنفيذ الإستراتيجية .

أما كينيث أندرو Kenneth Andrews فقد عرف الإستراتيجية بأنها نمط من القرارات داخل المنظمة التي تقرر وتوضح أهداف المنظمة ورؤيتها وغايتها، وينتج عن هذه القرارات السياسات والخطط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف .

يوضح هذا التعريف بطريقة بسيطة أن الغاية من الإستراتيجية هي وضع السياسات والخطط اللازمة للوصول إلى الأهداف الإستراتيجية للمنظمة، وبالتالي تحقيق هذه الأهداف.

في حين يرى هيجينز Higgins أن الإدارة الإستراتيجية هي عملية مبادرة وفعل أكثر من مجرد تخطيط للعمل حيث يقول: إن الإدارة الإستراتيجية هي العملية الإدارية التي تستهدف إنجاز رسالة المنظمة من خلال إدارة وتوجيه علاقة المنظمة مع بيئتها .

في الواقع تمثل الإدارة الإستراتيجية منظومة من العمليات المتكاملة ذات العلاقة بتحليل البيئة الداخلية والخارجية وصياغة إستراتيجية مناسبة وتطبيقها وتقييمها في ضوء تحليل أثر المتغيرات المهمة عليها وذلك بما يتضمن تحقيق ميزة إستراتيجية للمنظمة وتعظيم إنجازها في أنشطة الأعمال المختلفة.

ويمكننا بإيجاز القول بأن الإدارة الإستراتيجية هي بحد ذاتها عملية إبداعية وعقلانية التحليل حدسية التصور الإنساني، وهي أيضاً عملية ديناميكية متواصلة تسعى إلى تحقيق رسالة المنظمة من خلال إدارة وتوجيه موارد المنظمة المتاحة بطريقة كفوءة وفعالة، والقدرة على مواجهة تحديات بيئة الأعمال المتغيرة من تهديدات وفرص ومنافسة ومخاطر أخرى مختلفة وبغية تحقيق مستقبل أفضل إنطلاقاً من نقطة إرتكاز أساسية في الحاضر .

وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة التمييز ما بين التخطيط الطويل الأجل والتخطيط الإستراتيجي، فعلى الرغم من إستخدام الناس لهذين المصطلحين بشكل متبادل على أساس أنهما مصطلحين مترادفين ويحملان نفس المعنى، إلا أن هذا الإفتراض خاطئ، حيث يخلتفان من خلال التركيز على البيئة المفترضة Assumed Eniroment.

فالتخطيط الطويل الأجل عموماً يعنى بتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف على مدى عدد من السنوات، مع إفتراض أن المعرفة الحالية حول المستقبل هي معرفة موثوقة بما فيه الكفاية لضمان موثوقية الخطة خلال مدة تنفيذها، فعلى سبيل المثال، في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات كان الإقتصاد الأمريكي يتمتع بإستقرار نسبي وبالتالي يمكن التنبؤ به إلى حد ما، أما التخطيط الإستراتيجي فيفترض بأنه يجب على المنظمة أن تستجيب للبيئة الديناميكية المتغيرة، وليس بيئة مستقرة كما يفترض التخطيط الطويل الأجل.

وقد ظهر إفتراض في قطاع المنظمات الغير ربحية (في ذلك الوقت) أكد على أن البيئة قابلة للتغير، وغالباً بطرق غير متوقعة، ومن هنا كان التفريق بين التخطيط الإستراتيجي والتخطيط الطويل الأجل، حيث يشدد التخطيط الإستراتيجي على أهمية إتخاذ قرارات من شأنها أن تضمن قدرة المنظمة على الإستجابة بنجاح للتغيرات في البيئة المحيطة.

من هنا فان مفهوم ألاستراتجيه أصبح له أبعاد مهمة ، فنجاح الإدارة ليس سهلاً لأنه يتناول في المرتبة الأولى التخطيط السليم للأهداف والعمليات والتنفيذ السليم أيضا ، وتتطلب : - القناعة الكاملة والتفهم الكامل والالتزام من قبل القيادة. - إشاعة الثقافة التنظيمية والمناخ التنظيمي ، التعليم والتدريب المستمرين لكافة الأفراد . - التنسيق وتفعيل الاتصال بين الإدارات والأقسام على المستويين الأفقي والعمودي,,ومشاركة جميع الجهات وجميع الأفراد العاملين في جهود. صنع القرار وتأسيس نظام معلومات دقيق وفعال يقود لفن الاداره الناجحة

وعليه ووفق مستجدات الأحداث حيث فعلا نفتقد لمعنى ومفهوم ألاستراتجيه بمعناه الحديث وهو معنى فن الاداره وفن الخروج من الأزمات بعيدا عن فلسفة الأمور ،وفق وجهة نظر بعيده عن دراسة الواقع والأخذ بكافة المعطيات والجوانب كافة وأمام احتمالات تحقق الخطر من عدمه وهذا يقودنا إلى عقم في الديموقراطيه ويجعلنا بعيدين عن الموضوعية بغياب ألاستراتجيه كمفهوم في فن ا لأداره

وحيث يقع الخطأ الذي يقود لخطأ وقد يؤدي لفوضى وهلم جرا ، فلو امتلكنا استراتجيه وفلسفه في سير عملنا الحزبي لما وقعنا فيما نقع فيه من أخطاء ولاستطعنا اجتياز كافة المعيقات بسلام ضمن حوار يقود لحرية الرأي والرأي الآخر يوصلنا إلى وفاق يحقق المصالح ألعامه وليست الفئوية أو الشخصية ضمن مفهوم ألاستراتجيه ومتطلبات النجاح .

يجب فصل العمل الحزبي أو التنظيمي عن الأداء الحكومي وان لا يحدث التزاوج في العمل وفق الأنظمة الديموقراطيه التي تؤمن بالحوار وحرية الرأي والنقد البناء

وان لا يخضع العمل الحزبي أو التنظيمي لمزاج شخصي أو مصالح شخصيه تحكمها أهواء شخصيه وكذلك العمل العام الحكومي أن يخضع للقانون ووفق ما يحقق المصلحة ألعامه ووفق ألخطه ألاستراتجيه التي تحكم الأداء الحكومي ،

وان تعارض العمل الحكومي مع التعددية الحزبية يجب أن يحكمها الانتقاد البناء الذي يصب في الصالح العام وان يكون النقد ضمن إستراتجية التعددية السياسية ووفق السياسة ألعامه للنظام السياسي

يجب أن لا يخضع النقد والانتقاد وفق مصالح فرديه أو جانبيه في النظام ألتعددي السياسي ووفق إعلام غوغائي وعشوائي لا يخضع لمعايير وثوابت الإعلام الهادف والبناء ، والذي في محصلته الدخول في متاهة الفوضى وإرباك النظام السياسي في أداء عمله

وهنا يصبح لا قيمه للنقد والنقد البناء في ظل غياب لغة الحوار عن أي نقاش في أي قضيه وهذا يقودنا بالمحصلة إلى فشل للنظام السياسي نتيجة التداخل بين العمل الحزبي والتنظيمي والأداء الحكومي أو التعددية السياسية حيث التعارض بين قرارات الحكومة ومصالح الحزب أو الفصيل الذي تحكمه المصلحة الفئوية والحزبية وبعيدا عن منظور المصلحة ألعامه

فلا بد من تنظيم العمل بين الحكومة وسياستها وبين الحزب الحاكم بما يخدم المصالح ألعامه وبعيدا عن سياسة التحكم والتفرد في عملية توجيه سهام النقد والتي لا تخضع لإستراتجية الحزب بحيث لا بد من وضع ضوابط تضبط الإيقاع بين مختلف أجنحة الحزب حتى لا يقع الخطأ المحكوم في أحيان كثيرة بمصالح لا تخدم إستراتجية وسياسة الحزب الذي يقود الحكومة وتنفذ برامجه وسياساته حيث التضارب بين العمل العام والمصلحة ألعامه والفئوية الحزبية ألضيقه ، التي تتعارض ومفهوم إستراتجية الاداره المرادف لمعنى الفوضى والاسترجال في المواقف.

بقلم/ علي ابوحبله