أوجاعٌ في قلب الوطن

بقلم: عادل أبو هاشم

أيَا طبيبى قُلْ بربك ما الســـــببْ ـــــ تكاد رُوحى من ضـــــلوعى تنسحبْ

أَلَمٌ يُكبِّل في الحـَـــــــنايا مُهجتى ـــــ يَطوِىْ الفؤاد كما السِّــــــجِلُّ للكُتُبْ

وكأن نافذ ألفِ سَــــــهمٍ قد سرى ـــــ في القلب ناقعُ سُمِّها مَسْـــرَى الشُّهُبْ

وكأن جُرحى ألف جـُـرجٍ نازفٍ ـــــ تُلقِىْ عليه الرِّيح مَصْـــــــهور اللَّهَبْ

أَرَقٌ يؤجج في الليالى خاطـــرى ــــ والذِّكريات قذائفٌ فوقى تُصـــَــــــــبْ

والصمتُ يَفْعُر فَاهُ في قَعْرِ الدُّجى ـــ يجتاح أوصــــــــالى و يَقْطَعُنِىْ إرَبْ

لا صـــــوت يعلو فوق آهاتى ولا ـــــ في الليل يبدو غير جسمى المُضطرِبْ

نَظَرَ الطبيب بِخِيفَةٍ مُتَوَجِّـــــــسًا ـــــ يتفحَّص الأعــــراض في ظُلَم الرِّيَبْ

ثم انبرى من بــــــــعد ذلك قائلًا ـــــ وطنٌ بجوفك منذ وقتٍ مُلتَـــــــــــهِبْ

وطنٌ تَعَرَّضَ لاحــــــتقانٍ مُزمنٍ ــــ أوْدَىْ إلى وَرَمٍ خبـــــــــــيثٍ مُحتَجِبْ

وطنٌ به العدوى تفشَّـــتْ و البِلى ــــ يأوِى الجراثيمَ احتـــــــــواء المُرتغِبْ

وطنٌ تَجَــــلَّطَ في العروق دماؤه ــــ لا ماء في النَّهر الوحيد و لا السُّـــحُبْ

وطنٌ يُتَاجِر في حَشَـــــــايَا بَطْنِهِ ــــ ويُوَسِّدُ الأعداء أرْضًــــــــــــا تَغْتَصِبْ

وطنٌ مُصابٌ بالجنون و بالعَمَى ــــ يسعَى إلى الفَوضَى و يقبل بالشَّــــغبْ

وطنٌ كَسِـــــــيحٌ يَرْتَمِى في لُجَّةٍ ــــ يَحبو كطــــــــــــفلٍ لا يَعِى كُنْهَ اللَّعِبْ

وطنٌ على الإدمان أفْنَى عـــمره ــــ لا يستفيق من الحــــــــماقة و الغَضَبْ

الدَّاء فيك عُرُوبةٌ مَحْـــــــــمومةٌ ــــ قد فرَّ ذعرًا من عُرُوبتــــــــــها العَرَبْ

الدَّاء فيك عُرُوبةٌ مَشْــــــــــلُولةٌ ــــ أركانها ليست مُسَـــــــــــــــنَّدَة الخُشُبْ

الدَّاء يكمن في ارتشاحٍ يعـــترِى ـــ جســـــد العرُوبة و ارتخاءٍ في العَصَبْ

و تَشَنُّجَاتٍ تنـــــــــبرى نَوْباتها ــــ في كل أمـــــــــــــــــــرٍ قائمٍ أو مُرتَقَبْ

و تَقَلُّصَاتٍ مُوْجِــعَاتٍ في المِعِىْ ـــ إثْرَ انتفاخٍ جَرَّ إســـــــــــــــهال النُّخَبْ

الدَّاء يكـمن في ارتجاع المُنْحَنَى ــــ و تَأخُّرٍ في فَهْمِ عَـــــــــقْلِ المُـــــــنْقَلِبْ

أدَّى انخفاض حرارة التَّمـييز في ــــ وَعْىِ العُرُوبة لانحِطاطٍ مُسْـــــــــــتَتِبْ

الدَّاء حـــــــــــــرب إبادةٍ مَأفُونةٍ ــــ تستهدف الإسلام مَهْـــــــــجُورًا خَرِبْ

الإمعـــــــــــــات بكلِّ نادٍ قد أتوا ــــ يَتَذَاكَرون عظيم فَضْـــــــــــلِ أبى لَهَبْ

أضــحى مُسَيْلِمَةُ الكَذُوب إمامهم ــــ حتى أبو جَهْلٍ يُمـَـــــــــجَّد في الخُطَبْ

تَبَّتْ يداهم إنهم تَبِـــــــعوا الهوى ــــ تَبَّتْ يــــــــــــــدا من قال قَولَهُمُو وتَبْ

المسلمون بـــــكلِّ أرضٍ رُوِّعوا ــــ وعلى الهَويَّة يُذبـَـــــحون على النُّصُبْ

السِّــــجن ضم شبابهم و رجالهم ــــ أما النِّـــــــــــساء ففى المَدائن تُغْتَصَبْ

و براءة الأطــــفال قد وُئدِتْ هنا ــــ في كومة الأنقـــــاض و الموت اشْرَأَبْ

في الهدم تبـــــــكى كلُّ أمٍّ طفلها ـــ و يُنَقِّبُ الأكوام بَحْـــــــــــــــــثًا كلُّ أبْ

الآنَ داؤك قد تَكَشَّـــــــــفَ كنهه ـــ أما الدَّوَاء فطَلْــــــــــــــسَمٌ عِلمًا و طِبْ

فابحثْ بأرضك عن دوائك وانتظرْـــ وطــــــــــنًا تَعَّودَ أن يَرَاوِغ في الهَرَبْ

وطنًا تَخَـلَّى عن ترابه راضــــيًا ـــ فتَمَكَّن الأعــــــــــــــداءُ من نَيْلِ الإِرَبْ

وطنًا سيمنــــــــحُك الدواءَ لِقَاؤه ـــ و يُزِيلُ ما قد مسَّ روحك من عَطَــــبْ

هذا دواؤك في الـــــــثرى مُتَوَفِّرٌ ـــ فابحثْ عن الثَمَن المُــــــــناسب للطَّلَبْ

ثمن الدواء إعادة الوطــــن الذى ــــ لم تغـــــــــــترِبْ عنهُ ، و لكنَّه اغْتَرَبْ

شعر / عماد أبو هاشم