إستكمالاً لحلقات هذا الموضوع، سأبدأ مقالتي اليوم بما حاولت وزارة الخارجية الفلسطينية تسليط الضوء عليه خلال الأيام الماضية وهو موضوع الإستيطان وتوسعه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في سياق نشاط إعلامي مكثف لم يكن معهوداً من قبل ولكنه بات مهزوزاً ومفضوحاً!، والسؤال هنا بإختصار شديد هو ماذا عن علاقة مركز بانوراما بهذا الموضوع؟!، وهو المركز الذي أسسه رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني حيث أنه ترك المسؤولية عنه من الناحية الشكلية منذ جلبه ليتولى حقيبة وزارة الإعلام في السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 2007 ومن ثم توليه حقيبة وزارة الخارجية في عام 2009 وحتى يومنا هذا، كأطول فترة لوزير في هذا المنصب السيادي بالرغم من كل الإعتراضات على هذا الواقع المثير للجدل والشبهات ، والذي مكنه من البقاء في هذا المنصب حتى اليوم!.
حيث تؤكد المعلومات بأنه حرص على أن يترك هذا المركز فاعلاً حتى اليوم بطاقم يديره هو من خلف الستار لأغراض في نفس يعقوب ومنها تحويل المشاريع لهذا المركز مستغلاً بذلك موقعه ومركزه وإمساكه بصلاحية إتخاذ القرار !، ولا أريد أن أجيب بتفاصيل أكثر على هذا التساؤل في هذه الحلقة لأنها ستكون مؤلمة ، ولأنني على يقين بأن هناك من هم أكثر إهتماماً مني بهذا المركز ونشاطه المشبوه!.
ولكن لابد لي هنا من الإشارة إلى أنني وجدتها فرصة أتركها له للتفكير فيها جدياً لربما يدرك بأنه لم يعد هناك شئ خفي ، وأن المبادئ الغير رخيصة والأخلاق العالية وعدم الإيمان بالفجور بالخصومة هي المانع الحقيقي للذهاب في هذا الموضوع بعيداً وللتعمق فيه بالتفاصيل أكثر وأكثر وأكثر!.
لكن هذا لا يمنعنا من التطرق لموضوع أخر في غاية الأهمية وهو مبنى وزارة الخارجية الفلسطينية الجديد الذي لا شك بأنه يعتبر مفخرة وطنية وعنوان يعتز به كل فلسطيني حر ، و بالتالي لا يمكن تجاهل حقيقة بأنه ليس من حق أحد أن يستغل موقعه لنهب مقدرات الوطن مهما كانت النتيجة جميلة!.
حيث أنه من المعروف أن مبنى وزارة الخارجية الفلسطينية الجديد تم تشييده بمنحة صينية كانت قيمتها في البداية خمسة مليون دولار وتم رفعها إلى إثنتي عشر مليون دولار خصمت من الأموال المخصصة لدعم المشاريع في الأراضي الفلسطينية من قبل الصين كدولة مانحة، ولكنها صرفت بعيداً عن أعين الرقابة الإدارية والمالية وخاصة الرقابة الضرورية من قبل وزارة المالية الفلسطينية التي رفضت المشاركة في تسلم المبنى فور إنتهاء أعمال البناء فيه إلا ضمن الأصول المعمول بها وبتقارير مالية شفافة!، وهذا ما لم يحصل!، لذا تم إفتتاح هذا المبنى بالإتفاق بين وزارة الخارجية الفلسطينية والجهة المانحة مباشرة وهذا لم يحدث في أي من المشاريع التي مولت من الدول المانحة!.
لذلك لا بد أن نتوقف بهذا الشأن عند عدة نقاط هامة لإفساح المجال للبحث فيها حيث تشير المعلومات ذات الصلة بالتالي :
أولاً : لم يتم تشكيل أية لجان إستلام، لا للمبنى ولا للأثاث ولا للمسرح، وذلك بشكل فاضح ومخالف للقانون.
ثانياً : رفضت وزارة الأشغال العامة إستلام المبنى من المقاول المشرف على ذلك كونها ليست الجهة التي أبرمت الإتفاق معه حسب الأصول المعمول بها.
ثالثاً : تم تجاوز الأصول المعمول بها التي تنص على ضرورة إختبار مواد البناء والتشطيب قبل إرساء العطاء على الشركة المنفذة.
رابعاً : هناك شبهات في صحة فواتير شراء عفش الوزارة التي بولغ بقيمتها الشرائية.
خامساً : بدون تفاصيل هناك سؤال يطرح نفسه وهو ما هي طبيعة العلاقة مع المنتفعين من العطاءات التي طرحت لإنشاء هذا المبنى وتشطيبه؟!.
هذا الجزء البسيط الذي طرحناه اليوم من باب الغزل ليس إلا ولم يكن أبداً من باب الفضيحة لأننا تعمدنا تخفيف طرح الحقيقة كاملةً لأنها مؤلمة ومحزنة، وهذا ما جعلنا نفهم أسباب السكوت على الفساد المستفحل في السفارات الفلسطينية وتمادي المتورطين فيه وعدم التعاطي مع مواد قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني وعدم إحترامه وإفال بند المحاسبة مع المخطئين، ولكنه كان سيفاً حاداً وقذراً على رقاب الشرفاء ، وليس بعيداً عن ذلك عدم إحترام ما يتعلق بالبند الثالث من المادة الثالثة عشر من الفصل الرابع من هذ القانون التي تنص على: "عدم القيام بأي عمل آخر بأجر أو دون أجر أثناء الخدمة في السلك الدبلوماسي"، وهذا يتنافي كلياً مع الواقع القائم والحال المهني المزري الذي وصل إليه هذا السلك الذي يشهد إنحداراً مهنياً غير مسبوق وصل إلى مستويات متدنية وسلوك غير سوي وأعمال ترتقي لمستوى الجريمة ، حيث أن ما يحصل في معظم هذا السلك الذي يمثل العمود الفقري لوزارة الخارجية الفلسطينية ، هو مخالف لمواد القانون بشكل عام ولهذه المادة من هذا القانون تماماً حيث يتناقض مع روح نصها بشكل خاص إن أردنا تخفيف طرح الحقيقة إلى حدها الأدنى! .
لذلك ليس غريباً أن يطيح وزير الخارجية رياض المالكي الذي حول وزارته إلى متعهد بيزنس وأخيراً إلى مؤسسة ثقافية، وذلك بمواد هذا القانون الذي إستباحه وإحتكر صلاحياته في يده فقط، ليضمن بذلك عدم المحاسبة وغياب الشفافية، ومن ثمن تفريغ السلك الدبلوماسي من مضمونه ودفع المنتسبين إليه للبحث في البيزنس ومصالحهم الخاصة والمتقاطعة معه ومع الأخرين من المنتفعين من هذا الواقع، والنتيجة بات أخيراً يعرفها الجميع وهي بأن الوضع الدبلوماسي الفلسطيني أصبح بائساً وفاشلاً وفارغاً من المهنية والإنتماء الوطني بالكامل، وهذا هو المراد منذ عام 2007 منذ مجيئه كوزير للإعلام ومن ثم كوزير للخارجية في هذه السلطة حتى يومنا هذا، حيث أنه مارس دوراً مشبوهاً في تزوير الحقائق وبث الفتن وتعميق الخلاف بين الطيف الوطني بمجمله وإقصاء ومحاربة الشرفاء بدون هوداة ولا رحمة!........
إلى هنا وللحديث بقية!
بقلم/ م. زهير الشاعر