وحدة "نيو ميديا" الاسرائيلية

بقلم: هاني العقاد

اتخذت وزارة جيش الاحتلال الاسرائيلي مؤخرا قرارا بالبدء بخطة اعلام موجه بالعربية للفلسطينيين والعرب في كل انحاء الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة و الدول المجاورة و تستهدف ايضا الوجود الفلسطيني بالخارج وهذه الوحدة تم اعلانها من قبل ما يسمي منسق شؤون المناطق في الحكومة الاسرائيل " يؤاف مرخاي " الذي اعلن ان الوحدة ستضم خبراء في الاعلام المكتوب والمرئي وخبراء في شبكات التواصل الاجتماعي والاعلام الجديد على حد زعمه , والمعروف ان هذه الوحدة جاءت بناء على توصيات العديد من الخبراء الامنين الإسرائيليين الذين يرون ان على اسرائيل بث مضامينها وتعزيز الدعاية الموجهة للمجتمع الفلسطيني خاصة من اجل مصالحها الامنية خاصة في ظل حالة الانغلاق السياسي وعدم قبول الفلسطينيين بالتفاوض مع إسرائيل بلا اسس ولا مرجعيات ولا تنفيذ لاتفاقات و تفاهمات سابقة .

هذه الوحدة يعمل فيها عشرات الخبراء في علوم التواصل الاجتماعي واستخدام اللغة المكتوبة سواء تقارير صحفية او مقالات والصورة وابعادها والفيديو المصور المعد بدقة على شكل رسائل وتقارير مصورة او حتى على شكل اغنيات ونكات ساخرة من اجل محاولة بناء حوار بين اسرائيل والمواطن الفلسطيني من طرف واحد لتأليبه على القيادة الفلسطينية والفصائل على السواء والعبث في مستويات الثقة بين المواطن والقيادة التي تريدها اسرائيل لتكون في ادنى مستوياتها او تكاد تكون معدومة , وفي المقابل تبني اسرائيل عبر تلك الوسائل والادوات الخطيرة التي تستخدمها نوعا من الثقة بين المواطن الفلسطيني ومن تريده من الفلسطينيين الذين يقبلوا بما تمليه اسرائيل عليهم ويعملوا تحت مشورتها وتوجيهها , هنا تعتقد اسرائيل انها تستطيع السيطرة على المجتمع الفلسطيني وتوجيهه كما تريد وحسب مخططاتها الخبيثة والتي من خلالها تصادر حلم الشعب الفلسطيني في انهاء الاحتلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. على الرغم من تقدم اسرائيل في هذا المجال وتوظيفها لطاقات وخبرات عشرات الخبراء الا ان الشعب الفلسطيني لن ينخدع في كلام قادة اسرائيل المعسول او تقاريرهم او صورهم او احاديثهم او تزويرهم للحقائق ,الا اننا قد لا نضمن كل ابناء الشعب الفلسطيني لان منهم البعض الذي ينصت و ينجذب بالفعل لمثل تلك التقارير والصور وحتى يعمل على نشرها جهلا منه بخطورتها .

بدأت بالفعل مؤخرا وحدة" نيو ميديا " الاسرائيلية الجديدة بالعمل في اول مخاطبة اسرائيلية للجماهير الفلسطينية بفيديو احتلالي خبيث يخاطب فيه نتنياهو الشارع الفلسطيني والجماهير الفلسطينية ليقول لهم "أنا رئيس الحكومة الإسرائيلية اهتم برفاهيتكم اكثر من زعمائكم " هذا جهد اعلامي اسرائيل مبدئي ضمن خطة الجيش الاسرائيلي لمحاولة توجيه الشارع و سرقته من انتماءاته الوطنية, الهدف خطير وماكر لا يبشر بخير بالمطلق , اسرائيل تحاول التأثير على فكر الناس في الضفة الغربية لإقناعهم بان الاحتلال الاسرائيل افضل من السلطة الوطنية الفلسطينية وهو من يخلق لهم فرض عمل عبر منح الالاف من تصاريح داخل اسرائيل بأجور مرتفعة , والغرض الخطير من وراء هذا العمل تنفيذ خطة اسرائيلية بعيدة المدي مدعومة بملايين الشواكل من قبل الحكومة الاسرائيلية تعمل على توجيه الفلسطينيين والتأثير عليهم نفسيا واجتماعيا وعلى اعلي درجات الاسقاط الفكري القائم على دراسة احتياجات الفلسطينيين التي لا يستطيع ان يوفرها احد سوي الاحتلال وايضا اللعب على تناقضات الموقف والوضع في المناطق الفلسطينية المحتلة .

قد تكون هذه الوحدة من اخطر وحدات جيش الاحتلال فهي باعتقادي اخطر من وحدة دفدفان و اخطر من وحدة اغلان وإغور ة ريمون كوحدات للقتل والاغتيالات والعمليات السرية لأنها تعمل على التشويش على المواطن الفلسطيني بهدف زرع افكار تبيض صفحة الاحتلال وتساعد الاحتلال على قبول الفلسطينيين للتعايش معه دون مقاومة ودون رفض , وهي ايضا خطرة لأنها قد تؤثر على الاجيال الجديدة وخاصة فئة الشباب الفئة الاكثر ارتيادا لمواقع التواصل الاجتماعي وخاصة غير القادرين على تميز بين هذا الوطني وذاك الشبيه , وهذه الحقيقية وتلك المزورة وغير قادرين علي فهم معللات واساب توجيه هذا اليوتيوب او ذلك الحديث وخلفياته , وكل ما اصبح يعنيهم الخروج من نفق البطالة المخيف والقاتل لشبابهم حتى لو بتصريح لمدة شهر للعمل في اسرائيل ليحسن وضعه الاقتصادي ويضع اللبنة الاولى في طريق مستقبله دون ان يدركوا ان الاحتلال الإسرائيلي وسياسة هذا الاحتلال هي من اوصلتهم لهذا المنعطف الخطير .

لم يعد يفيد انتظار ما ستفعله هذه الوحدة وانما يجب مواجهة كل تلك المحاولات الاسرائيلية لتخريب المجتمع الفلسطينيين ومسح ذاكرة الاجيال الجديدة وهذا يأتي عبر مزيدا من الاهتمام بالمجتمع الفلسطيني وخاصة الشباب من قبل القيادة الفلسطينية والفصائل وهذا يعيني ادارة برامج اعلامية مواجهة لفضح كل كلمة تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتشخيص تلك المواقع وتنبيه الجمهور الفلسطيني منها , هذا في جانت والجزء الاخر من العمل لهذه الوحدة الموازية هي العمل على المجتمع الاسرائيلي باللغة والاسلوب الذي يناسبه من خلال تجنيد مئات بل الالاف من المتخصصين في هذا المجال ليعملوا على خطة واحدة ويتصلوا ويتواصلوا مع افراد المجتمع الاسرائيلي ويكشفوا عداء اليمين المتطرف للسلام ويثبتوا بالدلائل كم هي حكومة اسرائيل عنصرية وتمارس الابارتهايد وتشجع مستوطنيها على ذلك , هذه الوحدة الاعلامية الفلسطينية الموازية لابد وان تعمل بتوجيه خبراء وطنيون متخصصين حقيقيون لديهم من البناء الفكري السياسي ما يكفي لتخطيط وادارة برامج مواجهة كل البرامج الاسرائيلية التي يتم رصدها وتستطيع طواقم هذه الوحدة اختيار الاساليب والادوات التي تناسب المجتمع الاسرائيلي والتجمعات الشبابية وحتى المستوطنين والمهاجرين الجدد وحتى افراد الجيش الاسرائيلي واللوبيات اليهودية بالخارج .

بقلم/ د.هاني العقاد