ريم النمر لم تنصف الشهيد القائد ابو العباس

بقلم: عباس الجمعة

بداية أقول أن من يصف نفسه بالمناضل كان الاجدى به ان يكون صادقا مع نفسه وتاريخه , وخاصة اذا كانت كما تقول السيدة ريم مناضلة بدأت حياتها النضالية عندما انخرطت في العمل السياسي عام 1970 والمشاركة بعمليات مسلحة كبيرة وبتمويل هذه العمليات ، وهي زوجة لأحد أهم الشخصيات الفلسطينية القائد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية أبو العباس، وهي تلعب دور الأم والزوجة والناشطة السياسية الفلسطينية ، عليها كان أولا أن تنشد الحقيقة والبحث عنها, ومن ثم تطلق العنان لفكرها كي يحلل ويفند وتقول ما يريد, وتستند إلى حقائق تلمسها وتتأكد منها، وهي في مقابلة على قناة BBC في برنامج المشهد ، تستعيد ريم مع المشهد بدايات نضالها السياسي، ومشاركتها بالثورة الفلسطينية وهي شابة في مقتبل العمر، تخلّت عن حياة الرفاهية في ظل والدها المصرفي رفعت النمر، وكيف بدأت نضالها في محطات من فلسطين، لبنان، العراق وتونس، سوريا وليبيا ومشاهد مع حكام وشخصيات عربية ولحظات عائلية مع زوجها أبو العباس تكشف فيها ريم عن وجه آخر لهذا القائد الكبير أبو العباس الزوج والأب.

فجاءت السيدة ريم النمر في هذه المقابلة المدفوعة الثمن كل احبة الشهيد القائد الامين العام ابو العباس ، واعطت صك براءة مدفوع الثمن للاحتلال الصهيو امريكي الذي اغتال الشهيد القائد ابو العباس في معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق بعد عام من اسره واعتقاله وتعذيبه باعتراف الاحتلال ، وهي تعلم ان الشهيد القائد كان بصحة جيدة وارسل عدة رسائل لقيادة الجبهة ولها يؤكد ذلك , وهي من كانت دائما تشكك وتحمل الاحتلال مسؤولية اغتيال الشهيد القائد الامين العام ابو العباس ، ولكن أرادت الان ان تعمل صفقة ترضي فيها اعدائها و تقول أنها " حقائق " فأقول للسيدة ريم , لو سمع الشهيد القائد ابو العباس بكلماتك هذه ما هو حكمه عليك , وهل تنسي ان هناك شعب فلسطيني يرزح تحت نير الاحتلال, وأن أراضيه محتلة ويتم ابتلاعها رويدا رويدا بالمستعمرات, وأن هناك ملايين اللاجئين من هذا الشعب الذين لم ينصفهم المجتمع الدولي ولا الادارة الامريكية المتصهينة, وبالمناسبة كان هناك اراضي وممتلكات للجبهة قمتي ببيعها والتصرف بها باعتبارها باسمك دون العودة للجبهة وقيادتها .

على كل حال ردي عليك يا ست ريم ان القائد الشهيد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية عشق فلسطين والثورة وهو ولد مجبولا بالوطنية الصادقة، واستشهد وهو مسكون بها، لم تفارقه للحظة, وهذا هو ابو العباس الذي اختلف معه رفاق درب كثر اثناء مسيرة الكفاح، بعضهم غادر مواقع الشراكة معه من مواقع الحسابات الضيقة والشخصانية، وبعضهم توافق مع أجندات عربية، وبعضهم لحسابات اخرى، فهو اعتقل مرفوع الرأس واستشهد اغتيالا مرفوع الرأس ، ولم يعلم ان اقرب الناس له تقوم ببيع تاريخه مجانا لمن اقترفوا جريمتهم بأغتياله ، اعتذر بكل المرارة التي تجتاحني، ولكنها الحقيقة، وإذا كانت الحقيقة غير ذلك, وانا اليوم اسأل السيدة ريم هل هي جردة حساب ، لقد تخليتي عن تاريخ نضالك بذلك ، لانك تركت الشهيد القائد ابو العباس في لحظة تأمل ، وان المستقبل رغم الظلم والظلام،

سيعطي الشهيد القائد فارس فلسطين ابو العباس حقه ، وان الأجيال القادمة ستحمل فكره ومواقفه وستكمل مشوار النضال حتى تحرير الارض والانسان.

ومن موقعي اعلم تماما ان هذه المقابلة كانت مدفوعة الثمن ، لأن فيها مواقف بعيدة عن المصداقية ، فالسيدة ريم اخفت حقيقة غابت عنا في غمرة الحياة التي طحنتنا فهي ليست له علاقة بالجبهة لا من قريب او بعيد ، ولكن لتعلم ان نور الأمل المفعم بالوجع العتيق تنشد الملائكة ويتردد صدى صوت الشهيد ابو العباس وتحمله أمواج بحرفلسطين والشرق الاوسط ، فهو سيبقى بالنسبة لنا الراية والمدرسة، ويصدح الصوت عالياً وتذوب القيود وتختفي ربطات العنق، ويختفي الدجالون وتتفجر الأرض ينابيع عشق لها، نتجمع في ساحاتها وميادينها نتنشق هوائها المشبع ببرتقال فلسطين الذي طال حزنه، ومن بين الحشود سيخرج ابو العباس ومعه القادة الشهداء الرئيس الرمز ياسر عرفات والحكيم جورج حبش وابو علي مصطفى وطلعت يعقوب وسمير غوشة وابو احمد حلب وعمر القاسم وعبد الرحيم احمد وكل قادة شعبنا المؤسسين لمسيرة النضال الوطني والقومي من اجل دحر الاحتلال وتحرير الأرض والانسان .

وأبو العباس اليوم ليس مجرد قائد لتنظيم، أو شهيد في معركة فحسب، بل هو تجسيد حيّ لفلسطين التي ترتبط مقاومتها بمقاومة الأمة ككل، ومصيرها كمصير الامة ايضا، بل هو رمز مشع لترابط قضايا الأمة بقضيتها المركزية، والا كيف يستشهد أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية في معتقلات الاحتلال الأمريكي في العراق وهو الذي نشأ في مخيمات الشتات في سوريا،وقاتل في أغوار الأردن، وقاوم في الجنوب اللبناني، ليؤكد على عروبة الكفاح من اجل فلسطين، وعلى بوصلة فلسطين لكل كفاح عربي، هذا ما قاله الصديق الوفي للشعب الفلسطيني الاستاذ معن بشور.

وحين سيروي الآباء للأبناء، والأجداد للأحفاد، سيرة ابي العباس، كما سيرة كل شهيد، ستكتشف الأجيال إن المستهدف في العراق كان جهداً وجهاداً من أجل فلسطين، وان المستهدف اليوم في لبنان هو مقاومة من اجل فلسطين، وان المستهدف في سوريا أيضاً وأيضاً هو سد منيع في وجه أعداء فلسطين، بل ليكتشفوا عبر دمائك الزكية، كما دماء كل شهداء الأمة، كيف أبرزت حكاية مقاتل كأبي العباس وحدة المقاومة في وجه أعداء الأمة الأقربين منهم والأبعدين، وما أكثرهم.

روى لي صديق خرج حديثاً من معتقلات الاحتلال الأمريكي في بغداد، وكان زميلاً لشهيدنا أبي العباس في العنبر رقم 4 في المعتقل، كيف أصيب القائد الفلسطيني الشاب بذبحة قلبية بعد جلسات تعذيب، كالتي شهدها العالم في معتقلات أبو غريب، وبوكا ومطار بغداد، وكيف رفض القيّمون على الاحتلال نقله إلى مستشفى، أو حتى استدعاء طبيب فقاموا باعطائه شيئ ما ، فأسلم ابو العباس الروح لخالقه، لتتحول مع ارواح كل الشهداء قادة ومناضلين، إلى ريح حارقة تطرد بالمقاومة المحتل الأمريكي من بغداد، وستطرد المحتل الصهيوني من فلسطين والجولان وما تبقى من الارض اللبنانية المحتلة.

ليس عاراً أن يستشهد مقاوم على يد الاحتلال، فهذا مصير اختاره أبو العباس وأمثاله منذ أن اختطوا درب المقاومة، ولكن العار كل العار أن لا يتحرك احد من حكامنا ومنظمات حقوق الإنسان ( التي يخفت صوتها حين يكون الأمر متعلقاً بالكيان الصهيوني أو الاحتلال الامريكي)

من اجل المطالبة بفتح تحقيق دولي في ظروف استشهاد أبي العباس، كما العديد من أبناء فلسطين والعراق ولبنان في سجون الاحتلال وعلى يد جلاديه..

ومن هنا ندعو إلى إطلاق أوسع حملة قانونية عربية وعالمية لملاحقة مجرمي الحرب والاحتلال في العراق وفلسطين ولبنان وسوريا ، فيمثل مجرمو الاحتلال وقادته أمام محاكم دولية ولا يفلت أي منهم من العقاب الذي هو قصاص لأولي الألباب.

لهذا كنت اتمنى ان تكون مقابلتك يا سيدة ريم تعطي فيها الوفاء للشهيد القائد ابو العباس وتتحدثي بصراحة عن اعتقاله واستشهاده ، فانتي اليوم بالنسبة لنا ليست زوجة رفيق وفارس وقائد، لانك لم تفي بالعهد ، أليس اعتقاله في زنازين الاحتلال الاميركي في العراق هي جريمة إنسانية بحد ذاتها أولا واحتلال العراق الجريمة الكبرى وتدخل سافر وارتكاب جريمة العصر ، هل كان الشهيد القائد أبو العباس يعامل كضيف معززا ومكرما حضاريا كما روتي يا سيدة بشهادتك لتبرئ قوات الاحتلال الاميركي من جريمته النكراء بحق زعيم ثوري كبير كالشهيد القائد أبو العباس ، فاعطيتي من قتل زوجك براءة لم يستحقها الا وهو الاحتلال الامريكي الصهيوني الذي انهزم على يد ابطال المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، الا اننا نعاهد بان نستمر في الطريق الذي سلكه اميننا العام الشهيد ابو العباس من خلال تمسكنا بمقاومة الاحتلال والصمود والوحدة حتى نيل شعبنا لحقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس .

لقد كرس ابو العباس حياته في النضال من أجل تحرير فلسطين, ناضل ودافع عن الثوابت الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها القدس ومقدساتها وحق العودة، ولكن ما سمعنه من قلوب عمياء ومن الكلام والشعارات الفارغة كأدمغة الذين تحدثوا فيه, فنحن براء منهم , لان السيدة ريم تعلم جيدا ان الشعب الفلسطيني ومعه كل احرار العالم افتقد هذا الرجل الكبير والقائد العظيم، في مرحلة تاريخية صعبة ا تواجه قضيتنا الوطنية، حيث شكّل على الدوام صمّام أمان في كل مراحل العمل الوطني، وعزز العمق القومي العربي والدولي الأممي لصالح القضيّة الفلسطينية، وتحقيق تطلعات شعبه في الحريّة والعودة والاستقلال، مناضلاً صلباً وقائداً ثورياً شجاعاً.

ان شعبنا لن ينسى لهذا القائد مآثره ومناقبه ودروه الوطني،، قابضاً على مبدئه، ومتسلحاً بنفس قناعاته وآرائه، وهو يمثل آخر جيل عمالقة النضال الوطني الفلسطيني، الذين تركوا بصماتهم على النضال العربي والفلسطيني، حيث حرص على تعزيز الثورة ومواصلة دربها لتحقيق الأهداف التي قضى من أجلها القادة والشهداء.

وانا اقول عار على يدي إذا صافحت يدا قتلت احد من شعبي ، فكيف باليد التي اغتالت الشهيد القائد ابو العباس على مرآى ومسمع العالم ، سؤال يتطلب إجابات على مستوى فكري وسياسي, وخاصة ان الأساليب هي التي تتبدل، وهي التي ينبغي اعادة النظر فيها، في كل عقد من الزمن، يجدر بنا تحديد هذه الأهداف ورؤية صلاحياتها لمواجهة تحديات الحاضر.

ختاما : ان عظمة الشهيد القائد ابو العباس كانت تجسيداً حيا في إرادة الشعب الفلسطيني خاصة والأمة العربية واحرار العالم عامة،وانه كان وبحق رجل مشدودا الى ابعد مما يتصور العقل،

لعامل الوحدة الوطنية, ولم يغادر يوما خنادق الوحدة الوطنية، ونحن نعاهده ونقول ما زال فينا بقية من وعى وصمود وكبرياء وعنفوان وما زالت فينا فلسطين التى عشقت, وما نحن فيه لحظات عابرة, سيلعنها التاريخ ويلعن صانعيها.

بقلم / عباس الجمعة

عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية