مازال الدب الروسي يؤكد أنه اللاعب الأكثر تأثيراً في المنطقة عامة وفى المشهد السوري خاصة فيما يسمى بـ "الربيع العربي" وتداعياته على الساحة الإقليمية والدولية, بل يمكن القول بأن هذه الأحداث كانت بمثابة الهدية الكبرى لاستعادة روسيا التأثير بقوة في رسم السياسة الدولية وكأننا نعيش أحداث الحرب الباردة, فهل استطاع القيصر استعادة دور ومكانة الاتحاد السوفييتي في المعادلة الإقليمية والدولية؟ وإلى أى مدى استطاع الإمساك بملفات الإقليم الحساسة والمركزية؟ وما هى الأوراق التى قام القيصر الروسى بتوظيفها في سبيل نجاح سياساته؟؟ . كنا قد نشرنا مقالاً بتاريخ 29/5/2015 بعنوان:" القيصر يتحكم بالربيع" , حيث استطاعت روسيا تغيير مسار الأحداث في سوريا بعد اتهام النظام باستخدام أسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين, و قرر الرئيس الأمريكي توجيه ضربة عسكرية لسوريا ولكن بتدخل الروس تم تحويل الملف الى الأمم المتحدة, مرة أخرى يؤكد الدب الروسي بما لا يدع مجالا للشك بأنه الطرف الأكثر تأثيراً في المعادلة الاقليمية وخصوصا في سوريا لأن الملف السوري هو "بيضة القبان" بالنسبة للملفات الأخرى , وما تغيير مواقف بعض الأطراف اللاعبين في هذا الملف وغيره ناتج عن قوة تأثير روسيا, حيث استطاعت توظيف امكاناتها وعلاقاتها بدول الاقليم , فايران الداعم المركزي لنظام الأسد لها علاقات مميزة مع روسيا, حتى تركيا العلاقات مع روسيا كانت مركزية رغم التقارب التركي الغربي ورغم الفجوة التى حدثت بعد اسقاط تركيا للمقاتلة الروسية إلا ان تركيا عادت لترتيب تلك العلاقة ,كذلك اسرائيل كلمة السر في المشهد وهى الطرف الأكثر استفادة مما يحدث في المنطقة التى توظف ومازالت كل حدث لمصلحتها أيضا العلاقة مع روسيا لا تقل أهمية عن علاقاتها بالولايات المتحدة الامريكية, ونحن نقصد بذكر تلك الدول الثلاث ( ايران- تركيا- اسرائيل) على وجه الخصوص لأنها الأكثر فعالية في المنطقة, ولكن السؤال الهام هو: كيف استطاعت روسيا الامساك بزمام الأمور ؟ وما هى الأدوات التى وظفتها أو بالأحرى الملفات التى تهم الأطراف؟ فإيران لان تتنازل عن دعمها لنظام بشار ليس من باب طائفي بل من بوابة مصلحتها الاستراتيجية ووصولها الى شواطئ البحر الابيض المتوسط كما تقوم بذلك من خلال وكيلها حزب الله في لبنان, وفى نفس الوقت تتخوف من دعم غربي أمريكي لقيام دولة كردية في شمال سوريا وهنا التقت المصالح مع تركيا لآنه الاخيرة لن تقبل بدولة كردية ايضا, ولذلك فأن القاسم المشترك بين تركيا وايران هى التوافق على عدم قيام دولة كردية لأنها سوف ستمتد لدولهم إذا ما تمت في شمال سوريا. واليوم يعلن رئيس وزراء تركيا " يلدريم" أن "دمشق بدأت تدرك خطر الأكراد مؤكدا أن بلاده ستضطلع بدور أكثر فعالية في التعامل مع الأزمة السورية حتى لا تنقسم البلاد, وأكد أن تركيا تقبل بأن يبقى الرئيس السوري بشار الأسد رئيسا مؤقتا لكن لن يكون له دور في القيادة الانتقالية وفي مستقبل البلاد", وهذا بمعزل عن قوى المعارضة السورية حتى الموجودة في تركيا , وأيضا عن الدول العربية التى تقوم تركيا بالتنسيق معهم. فهل سنشهد اتفاق دولى بقيادة روسيا الجديدة لحل الأزمة السورية ؟ وأين موقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الاتفاق؟ أعتقد أن " بوتين " استطاع بذكاء توظيف ضعف ادارة الرئيس" أوباما" ونهاية عهده , وحاجة الأطراف للدور الروسى.
بقلم / أحمد رمضان لافي كاتب وباحث فلسطيني 20/8/2016
[email protected]