ابو عماد الجنداوي يغادرنا، ويترجل قبل الآوان، فهو نموذج من المناضلين والقادة الذين عملوا بصدق وانتماء ووفاء وتضحية وشجاعة، كان إنسانا ثوريا فريدا ،عرفتاه كافة مواقع الثورة الفلسطينية من الاردن الى دمشق الى جنوب لبنان الى بيروت ، استطاع أن يتخطى الحدود فهو النسر الذي حمل البندقية مؤمنا بالمقاومة خيارا ، فكيف لا وهو ابن النكبة ، حيث كان الجرح أعمق بالنسبة له حيث استهدف الشعب الفلسطيني اقتلاعاً وتشريداً وترويعاً قل مثيله، وثأراً لحالة اليأس والإحباط والتخاذل العالمي والعربي آنذاك ، فهو بطلاً حمل راية النضال والكفاح في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فتمتع بتجربة نضالية كبيرة ، على كافة الأصعدة وبالإضافة أيضا إلى ما كان يتمتع به من وعي عالٍ ، وحرص دائم فكان مؤمنا بان لا طريق لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني الا مواصلة العمل المقاوم .
إن تلك التجربة للشهيد القائد ابو عماد الجنداوي وبكل ما اتسمت به من نجاح في وضع مداميك العمل المقاوم وابتداع أرقى وأنجع أساليب الكفاح ، فهو يستحق من الجميع اوسمة الشرف والبطولة .
ونحن نعيش في زمن الانتفاضة التي تتطلب من الجميع ووضع الخطط والبرامج الجديدة حتى تستمر مسيرة الثورة ، حيث كان يراها الشهيد مرحلة لا بد من أن تتطور من خلال المراجعة المستمرة سواء على المستوى التنظيمي أو السياسي أو الفكري أو الأسلوب النضالي . وإلا فإن المرحلة ستصل إلى سقف تقف عنده ولا تستطيع تجاوزه إن لم تهيئ لمرحة جديدة من الصراع ،ولا بد من أن تطوير الانتفاضة وتصاعد عملية الصراع،
كان يطرح التساؤلات والمخاوف ،وكان يحاول من خلال النقاش المستمر أن يجد الأجوبة ، كان يرى أن الجواب على هذه التساؤلات مهما كان ، فكيف لا وهو من كان مؤمنا بابتكار أساليب نضالية في مواجهة العدو الصهيوني قبل اجتياح عام 1982 للبنان ، وبعد دخول القيادة الفلسطينية الى فلسطين ما بعد اوسلو ، كان يتطلع الى فتح افق جديدة للعمل ،كان مؤمنا في بناء حركة تقدمية عربية ، عرف الشهيد بأنه ذا شخصية فريدة من حيث أنه لا يعترف بوجود المستحيل .
وامام رحيل الشهيد ابو عماد نقول ان نقول بكل حزن والم، ان المناضلين الذين ضحوا بحياتهم من أجل مستقبل شعبهم على طريق تحرير الارض والانسان سيبقى اسم الشهيد ابو عماد، خالدا في ضمير كل المناضلين ، لأن رحلة هذا المناضل طويلة ، كان يحمل الراية خفاقة عالية راية الوطنية الصلبة ، راية الحرية والتقدم الاجتماعي، لم تهن عزيمته يوماً ولم تهتز قناعته بالقيم النضالية التي آمن بها رغم كل الصعاب التي مر بها فهو مؤمنا في النضال ضد الهيمنة الإمبريالية والصهيونية، وفي سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة، وفي مقدمتها فلسطين ، بل بقي أميناً مخلصاً لكل المثل التي تربَّى عليها، وليعذرني الراحل الكبير إذا لم أستطع في هذه العجالة أن أحيط بكامل الخصال والصفات التي تحلى بها.
ورغم كل الظروف التي احاطت بالنضال الوطني الفلسطيني بقي الشهيد القائد ابو عماد رجل مخلص لشعبه ، فكان نضاله في الفترة الاخيرة ضمن اطار لجنة المتابعة للجان الشعبية في لبنان ، وكان على تواصل مع كافة الفصائل و القوى الوطنية الفلسطينية ، مؤمنا بتعزيز الوحدة الوطنية، والدفاع عن قضايا الجماهير وخاصة اوضاعها الصعبة،وكان له الفضل الكبير في وحدة الإرادة والعمل داخل اللجان الشعبية ، مدافعا بلا هوادة عن حقوق شعبه .
وفي ظل هذه الظروف التي تواجه الحركة الاسيرة في سجون الاحتلال الارهاب الصهيوني واجراءاته التعسفية وقوانينه ، وتعيد لصورة النضال الوطني الفلسطيني ومشروعية مقاومته، حيث كان الشهيد القائد ابو عماد مشدودا لهذه المواجهة، وفيا لقضيته ومدرسته النضالية ورفاق دربه،في الجبهة الشعبية ، غادرنا فجأة ودون استأذن.
ختاما : نقول الشهيد القائد ابو عماد الجنداوي ستبقى ذكراه نموذجاً في قلوب محبيك مازلت تملئ ذاكرتهم الوطنية ويستلهمون قيمك النضالية، والمقاومة الشاملة ستبقى جزء أصيل من نسيج شعبك وهمومه ، رغم معاناة التشرد والبؤس وعطف وكالة الغوث للاجئين "الأنروا "فالشعب الفلسطيني سيبقى مصمم على استرجاع حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة ما دام هناك رجال أشداء أمثال أحمد سعدات ومروان البرغوثي ورفاقهم واخوانهم قادة الحركة الاسيرة ينتظرون لكسر قيدهم وإطلاق سراحهم ، وما دام هناك مناضلين وقادة مؤمنون بخط الثورة والمقاومة حتى تحرير الارض والانسان .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي