"إذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخرين"
(وليام بين)
الاستراتيجية: هي علم التخطيط بصفة عامة هي مصطلح عسكري بالأساس وتعني الخطة الحربية، أو هي فن التخطيط للعمليات العسكرية قبل نشوب الحروب، وفي نفس الوقت فن إدارة تلك العمليات عقب نشوب الحروب.
وتعكس الإستراتيجية الخطط المحددة مسبقا لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها، وهي خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معين على المدى البعيد اعتماداً على التخطيطات والإجراءات الأمنية في استخدام المصادر المتوفرة في المدى القصير.
يعود أصل الكلمة إلى التعبير العسكري ولكنها الآن تستخدم بكثرة في سياقات مختلفة مثل استراتيجيات العمل استراتيجيات التسويق...الخ.
نشأة مفهوم الاستراتيجية
تعتبر الحرب واحدة من الظواهر الحتمية في حياة الإنسان، واكبت مسيرته على هذه الأرض وكانت معلماً بارزاً في تاريخه الطويل. ولأن الحرب كذلك فقد استحوذت -كسواها من فروع المعرفة الإنسانية- على اهتمام كثيرمن المفكرين والدارسين الذين حاولو الوصول إلى استنتاجات ومبادئ وقوانين عامة لهذه الظاهرة المعقدة من خلال الدراسة المقارنة لتجارب الحروب الإنسانية على مختلف انماطها.
وظهرت بواكير المؤلفات في هذا المجال قبل أكثر من ست وعشرين قرنا على يد بعض العسكريين الصينيين تلتها مؤلفات أخرى لعسكريين ومفكرين اغريق ورومان وعرب وأوروبيين تناولت جميعها بعض المفاهيم والمبادئ الأساسية والتفصيلية للحرب. مما نتج عنه نشوء فرع جديد من فروع المعرفة الإنسانية اصطلح على تسميته (الفن العسكري) أو (الفن الحربي).
وكنتيجة حتمية للتطور والتوسع الهائل في مجال المعرفة العسكرية قسم الفن العسكري إلى مستويات ثلاثة رئيسيه هي :
· الإستراتيجية العليا أو الشاملة.
· الإستراتيجية العسكرية.
· التخطيط (التعبية).
غير أن هذا التقسيم الذي اعتمدته المدرسة العسكرية الغربية تقريبا لما يطابق تماما ما اعتمدته المدرسة العسكرية الشرقية وبعض مفكري المدرسة الأولى الذين اعتمدا تقسيمات أخرى لا تختلف عن التقسيم آنف الذكرفي المضمون وان اختلفت في الشكل.
أهداف الاستراتيجية
تهدف الإستراتيجية إلى تحقيق هدف السياسة عن طريق الاستخدام الأمثل لكافة الإمكانات والوسائل المتوفرة. وتختلف الأهداف من سياسة لأخرى ومن إستراتيجية لأخرى. فقد لا يتحقق الهدف الا باتباع أسلوب هجومي لاحتلال اراضي الغير أو فرض شروط معينة عليه أو باتباع أسلوب دفاعي لحماية أرض الوطن ومصالح وقيم الامة مثلا. وقد يكون الهدف سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو معنويا وقد يكون صغيرا محدودا كاحتلال جزء من أرض دولة ما اوكبيرا كالقضاء على كيان تلك الدولة نهائيا.
غير ان جميع الأهداف تشترك في كونها جميعا الهدف النهائي الذي عين وحدد سلفا من قبل السلطة السياسية العلبا أو الوسيط المؤدي اليه حتما.
وقد يكون من الضروري أحيانا للوصول إلى الهدف النهائي للسياسة تحديد تحقيق عدد من الأهداف المرحلية التي يؤدي تحقيقها إلى أحداث تغييرات حادة هامة في الموقف السراطي أو إلى توجيه الوضع السراطي باتجاه يؤدي حتما إلى الهدف النهائي، وهذه الأهداف هي ما تسمى بالأهداف الإستراتيجية.
مبادئ الاستراتيجية
حاول العديد من المفكربن السراطيين وضع عدد من المبادئ الإستراتيجية العامة فكان اختيارهم في وضع هذه المبادئ أكثر من اختلافهم في تعريف الاستراتيجية ذاتها. والسبب الرئيس في ذلك الاختلاف هو أن الإستراتيجية ليست فكرة محددة المعالم جلية السمات ولكنها كما يقول بوفر (أسلوب تفكير).
فلكل موقف استراتيجية تلائمه ولكل دولة استراتيجية تناسبها وتتلائم مع ظروفها وقد يكون اختيار هذه الاستراتيجية أو تلك صائباً في زمان أو مكان معينين وغير صائب في زمان أو مكان آخر فالاستراتيجية تتأثر بعوامل الزمان والمكان وبعقلية المخططين وظروف العصر وتقنيته وغير ذلك من العوامل.
ولقد حدد (طلامزفتز) مبادئ الإستراتيجية بثلاث رئيسية هي:
1. تجميع القوى.
2. عمل القوى ضد القوى.
3. الحل الحاسم عن طريق المعركة في الحقل الرئيس.
أما (لبينين وستالين) فقد وضعا ثلاث مبادئ رئيسية هي :
1. تلاحم معنوي بين الجيش والشعب في حرب شاملة.
2. أهمية حاسمة للمؤخرات.
3. ضرورة القيام بإعدادات نفسية قبل البدء بالعمل العنيف.
ويمكننا القول بذات الرأي بالنسبة للمبادئ الروسية التي استمدها واضعوها من تجارب الروس الذاتية ومن عقيدتهم العسكرية التي تناسب الظروف الخاصة لتلك البلاد الشاسعة. وكان للقوى الشعبية أثر لا يقل عن أثر القوى العسكرية في الدفاع عن الأرض الروسية.
أما المبادئ الأمريكية فهي ذات المبادئ التي طبقها السراطيون الأمريكيون في العقود الأخيرة وهي أكثر ملائمة للاستراتيجية الذرية من الإستراتيجية التقليدية.
والحقيقة أن المبادئ آنفة الذكر يمكن اعتبارها أفكار لحالات وأوضاع خاصة ولا تشكل قوانين عامة يمكن تطبيقها بمجملها في جميع الظروف وعلى كافة الظروف والحالات وهذا هو التفسير الحقيقي لاختلافها وتنوعها إلا أنه يمكن الخروج بالقول بأنه ثمة عنصرين مشتركين بين كافة تلك المبادئ هما ضرورة اختيار النقطة الحاسمة الواجب الوصول إليها والتي تؤدي إلى زعزعة الخصم وانهياره واختيار المناورة التحضيرية الصالحة للوصول إلى تلك النقطة, أي تحديد مكان الوخز واختيار الإبرة الصالحة للقيام بعملية الوخز.
بقلم/ د. حنا عيسى