الإرهاب سلاح "إسرائيل" !

بقلم: جبريل عودة

يتطوع بعض العرب في هذه الأيام , للدفاع عن "إسرائيل" والترويج لفكرة قبول إحتلالها لفلسطين , والتسليم بوجود هذا الكيان الإحتلالي والتعامل معه , وينبري بعض الإعلاميين التابعين في أغلبهم لدوائر أمنية ومخابراتية عربية , من أجل الترويج لوداعة الصهيوني وتحضره , مقابل عدوانية وإرهاب الفلسطيني , في سعي لقلب الحقيقة وتزوير للواقع , وتحريف للتاريخ خدمة لبعض المشاريع الإقليمية , التي من ضمن أولوياتها قبول "إسرائيل" كدولة شرق أوسطية , وهم بذلك يسعون لشطب الحق الفلسطيني الثابت , فلا تتعجب أن رأيت البعض منهم , وبشكل علني لا يتورع عن محو فلسطين من الخرائط , في وسائل الإعلام أو المنتديات الدولية الرسمية التي تستضيفها الدول العربية , بل وصل الحال عربياً محاربة وتسفيه كل من يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني , كما حدث مع بعض الرياضيين العرب , فلقد تم مهاجمتهم عبر وسائل الإعلام الرسمية , لمجرد رفضهم مصافحة أو ملاقاة اللاعبين الصهاينة في المناسبات الرياضية العالمية , يأتي كل ذلك في إطار تهيئة الرأي العام العربي لعملية دمج كيان الإحتلال وتطبيع العلاقات وتبادل السفراء, تنفيذاً للأجندة الغربية المراد تطبيقها في المنطقة العربية في لحظات الضعف والإنشغال العربي .

قد يكون ذلك المسار والتوجه معبراً عن السياسية الرسمية للأنظمة العربية , فلا نغفل أن الإعتراف والتطبيع بين الإحتلال وبعض الدول العربية , كان نتاج عملية التسوية بين العرب و"إسرائيل" برعاية أمريكية مطلع التسعينيات من القرن الماضي , وعبرت الأنظمة العربية عن ذلك بتمسكها خلال مؤتمرات القمة المتعددة بما يعرف بالمبادرة العربية للسلام , ومعلوم بأن تلك المبادرة قوبلت بالرفض من حكومات "إسرائيل" المتعاقبة , بالرغم من إعلان الدول العربية إستعدادها الكامل للتطبيع وتبادل العلاقات الرسمية مع الإحتلال , وفي مقابل ذلك إستمرت الشعوب العربية على عهدها مع فلسطين وقضيتها , وأعلنت عبر أحرارها من الحركات والأحزاب والمؤسسات , رفضها للتطبيع مع الإحتلال أو الإعتراف به , وشكلت الشعوب العربية الحرة الواعية , سياج الحماية ضد عمليات الإختراق الصهيوني للمجتمعات العربية.

الا أن القبيح أن يحاول البعض الترويج لقبول "إسرائيل" والتطبيع معها , كإستحقاق تتطلبه مصالحه الخاصة ولو كان ذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني , ويزداد الأمر قباحة عندما يسعي ذلك البعض لتجميل الوجه الدموي الإرهابي للإحتلال المجرم , ويعمل على نزع صفة الإرهاب عنه جرائم الإحتلال البشعة , بلا رادع من أخلاق أو وطنية أو عروبة , أو إنتماء لجراحات الأمة وآلامها, وكأن التطبيع مع الإحتلال والقبول به , من لوازم تمكين بعض الأنظمة القمعية في مواجهة الرغبة الجماهيرية العربية بالتغيير .

ألا يعلم هذا المسؤول الرسمي بأن "إسرائيل" كدولة , قامت على جماجم الصغار والكبار في فلسطين العربية , بإرتكابها الجرائم الدموية ضد أبناء الشعب الفلسطيني عبر العصابات الإرهابية الصهيونية المعروفة كمثال منها الهاجاناة والأرغون شتيرن , والتي شكلت العمود الفقري للجيش الصهيوني فيما بعد , ولقد كانت المذابح والجرائم الإرهابية التي إرتكبتها العصابات الصهيونية بمثابة السلاح الرئيسي وذو الأثر الكبير في إحتلال فلسطين , ومنها مذبحة دير ياسين , ومذبحة قرية أبو شوشة , ومذبحة الطنطورة , ومذبحة قبية, وغيرها الكثير من المذابح الصهيونية ,التي خلفت آلاف القتلى والجرحى , وساهمت إلى حد كبير بتهجير الفلسطينيين عن ديارهم .

ألم يشاهد ذاك المسؤول العربي جرائم الطائرات الصهيونية في صيف 2014م , وهي تقضي على عائلات بأكملها وتمسحها من السجل المدني الفلسطيني , وإستخدام قوات الإحتلال الأسلحة المحرمة دوليا , ومنها الفسفور الأبيض في إستهداف الأحياء السكانية ومنازل المدنيين , ألم تصل إليه تقارير المنظمات والهيئات الدولية التي تكشف عن إرتكاب الإحتلال لجرائم حرب في قطاع غزة خلال حروب ( 2008 , 2012 , 2014 ) , وكذا جرائم الإعدام الميداني للشباب الفلسطيني على حواجز الإحتلال في الضفة المحتلة خلال العام الحال.

لمصلحة من الدفاع عن "إسرائيل" ومحاولة نزع صفة الكيان الإرهابي عن تصرفاتها وجرائمها؟ ولماذا ينصب البعض نفسه , محامياً عن كيان الإحتلال ومدافعاً عنه , وقد نجد بعض اليهود والصهاينة يتبرأ من أفعال وجرائم جيش الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني .

ألم يسمع ذلك المسؤول عن جرائم الإحتلال الصهيوني ضد الشعب المصري , كما بالقصف الهمجي على مدراس بحر البقر بمحافظة الشرقية في إبريل 1970م , لتحصد صواريخ "إسرائيل" رؤوس الأطفال المصريين وهم على مقاعد الدراسة, وهل يغيب عن ذاكرته مذبحة شاكيد ؟ , التي وقعت للجنود المصريين بعد النكسة العربية عام 1967م في أكبر عملية إعدام جماعي لجنود الجيش المصري في صحراء سيناء , وكذلك مذبحة مصنع أبو زعبل في فبراير 1970 م حيث قصفت الطائرات الصهيونية المصنع , وقتل المئات من العمال المصريين في تلك المجزرة ,أضف إلى ذلك مجازر الصهاينة في بورسعيد ومدن القناة , وكثير هي الجرائم الصهيونية ضد الشعب المصري الشقيق , وتتسع دائرة الإجرام والإرهاب الصهيونية لتشمل كافة الشعوب العربية والإسلامية.

هذا غيض من فيض لجرائم الإحتلال الصهيوني ضد شعوبنا العربية , ولازالت ذاكرة الشعوب العربية حية , فشعوبنا الحرة لا تملك ذاكرة السمكة كبعض المسؤولين الرسميين , ولذا فأن الشعار الذي يتردد في قاهرة العروبة , مع صوت الآذان الشامخ من مآذن جامع الأزهر "بنرددها جيل وراء جيل بنعاديكي يا (إسرائيل) " هذا هو صوت الأمة في فلسطين ومصر والأردن ولبنان والجزائر والسودان وكافة الأقطار , لن يستطيع أزلام التطبيع كتمه أو إقتلاعه أثره من ثقافة الأجيال العربية التي تعي جيداً صديقها من عدوها , وتعلن في كل مناسبة إلتزامها المبدئي بالقضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في معركة التحرير والخلاص من الإحتلال .

بقلم/ جبريل عوده