قبل عشرون عاما بالتحديد 23 حزيران من عام 1996 , رحل عن دنيانا، القائد ومربى الأجيال الأستاذ فتحي البلعاوي أبو غسان الملقب " أبو الوطنية " كان رجلا من رجالات فلسطين، ومن الرواد الأوائل، أحد المؤسسين للثورة الفلسطينية المعاصرة.
لقد ظل أبو غسان وفياً لعهد الثورة، أميناً على أهدافها، ومبادئها، حتى بعدما انخرط في سلك التربية والتعليم.
ولد وترعرع في قرية بلعا قضاء طولكرم، ودرس المرحلتين الابتدائية والاعدادية في قريتي بلعا وعنبتا، وحصل على شهادة الثانوية من مدارس مدينه يافا، ثم سافر لمصر والتحق بجامعة الازهر التي كانت منار الوطن العربي والعالم الإسلامي، ودرس اللغة العربية التي كان يعشقها منذ نعومة اظفاره، كان صاحب قلم ملهم جميل ومتحدثا لبقا ولسانا طليقا، خطيبا مفوها، كان متميز بالخطابات النارية الحماسية، التي كانت تلهم مشاعر الجماهير الغفيرة كان شعله للحماس الثوري بين الشباب في مخيمات اللجوء والداخل.
أسس رابطة الطلاب الفلسطينية بالقاهرة، مع زملائه من الطلبة الفلسطينيين ومنهم القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات أبا عمار حيث كانا قطبي الرابطة، وكانا يلقب بالداعية المفوه والثاني لولب الحركة والتنظيم.
وكانت هذه الرابطة بمثابة الإطار الفلسطيني الأول المنظم، والمعبر عن طموح أبناء شعبنا الفلسطيني بالتحرير والعودة، بعد نكبة شعبنا الفلسطيني، وذلك من خلال المهرجانات التي كان ينظمها الراحل مع زملائه من الطلبة الفلسطينيين من أبناء المخيمات من اجل استنهاض طاقات الجماهير الفلسطينية في مخيمات اللجوء بالوطن العربي وكافة عواصم العالم التي لجأت اليها لتشكل بذلك ارهاصات العمل الثوري الفلسطيني والذي أنتج منظمات العمل الفدائي وفي مقدمتها حركة التحرير الفلسطيني "فتح".
الراحل أبو الوطنية , كما عشق بلعا , عشق غزه التي ولد فيها أولاده الكابتن الكبير غسان فتحي البلعاوي , الجماهير التي تغنت باسمه في جميع الملاعب المحلية والعربية وخصوصا جماهير نادى الوحدات والنادي الفيصلي الاردنيين الذى لعب لهما , الى جانب نجاحه كمدير فنى للمنتخب الفلسطيني وبعض الأندية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزه , وانا شخصيا واكبته , بإحدى المعسكرات التدريبة للمنتخب الأولمبي الفلسطيني بمعسكره بجمهوريه مصر العربية , وكان مثالا للمدرب الكفء والخلوق مع جميع افراد الفريق من لاعبين ومساعدين واداريين وحتى نحن البعثة الإعلامية , أما ابنه الثاني فهو الإعلامي القدير الأستاذ حسان فتحي البلعاوي مؤسس دائرة الاخبار الفرنسية بتلفزيون فلسطين وأول مذيع باللغة الفرنسية على شاشه التلفزيون الفلسطيني , والان يعمل مع وكالات انباء فرنسيه بفرنسا والابن الثالث وهو مثال للوطنية كيف لا وهو ابن أبو الوطنية , بالخارج الدكتور بسام فتحي البلعاوي ، اغترب عن الوطن ولكن قلبه معلق بوطنه وبقضيته وبقضايا أمته العربية والإسلامية متابع عن كثب مجريات الأمور في فلسطين والإحداث التي تمر بها قضيته وقضايا أمته العربية ،،اكتسب الدكتور خبرة في مجال السياسة والعلوم الاقتصادية والقانون الدول ، أصبح خير سفير بغربته لفلسطين مدافعا عن قضيته في المحافل الدولية.
حاصل على عشرات الجوائز منها حصوله على أعلى وسام في جمهورية تشوفا شيا نظرا لدعمه و إسهامه في التعايش و السلم الأمني طوال سنين عديدة بين الشعوب التي تقطن جمهورية تشوفا شيا،حاصل على جائزة حماية الطفولة من المؤسسة الروسية لحماية الطفولة، حاصل مرتين على ميدالية رئيس جمهورية ماريا متخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان حقوق الشعوب كتب أطروحته للدكتوراه عن معشوقته فلسطين و ألف كتابين في القانون الدولي و شارك في تأليف كتاب آخر باللغة الروسية و كلها تتمحور حول الانتهاكات الإجرامية و النازية من فبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين و انتهاك حقوق شعبها ،،شارك في مؤتمرات دولية عديدة منها مؤتمرات في القانون الدولي و حقوق الإنسان إضافة لأنه شارك في أول مؤتمر عن حقوق الإنسان يعقد في العاصمة السوفيتية موسكو عام 1988, انتج عنه العديد من الأفلام الوثائقية وكان اخرها الفيلم الوثائقي الكبير بعنوان " دكتور بسام أو مغامرات الأجنبي في روسيا "
بدأ الراحل أبو الوطنية، حياته المهنية مدرسا بقطاع غزه، كان أول نقيب لنقابة المعلمين الفلسطينيين في غزة والتي ساهمت بشكل كبير في تشكيل الوعي الوطني الفلسطيني والتي اسقطت ايضا احدى أخطر مخططات تصفية القضية الفلسطينية بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في صحراء سيناء في منتصف الخمسينات.
بعد ذلك انتقل وعمل بولة قطر عام 1962م وساهم في وضع اللبنات الأولى للنظام التربوي لقطر، وظل مخلصا بعمله من اجل انشاء جيل متعلم من أبناء الخليج العربي.
وظل أبو الوطنية يكن كل الاحترام والتقدير لدولة قطر رغم ما تعرضت له القيادة الفلسطينية من ظلم الابعاد عام 1990 م. من جميع دول الخليج العربي
فتوجه إلى تونس، استقبله الرئيس الراحل أبا عمار، استقبال الابطال، وعينه مديراً عاماً لمدرسة القدس لأبناء الشهداء في تونس، بالإضافة إلى منصبه كممثل دولة فلسطين في منظمة العلوم والثقافة لدى جامعة الدول العربية.
كان عاشقا لكل عواصم الدول العربية التي احتضنت الثورة الفلسطينية وقياداتها ومقاتليها الاشاوس في ذلك الوقت، وكانت علاقته بالجميع ودية ومبنيه على الاحترام المتبادل.
وعاد مرة أخرى لقطاع غزه مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، وعين وكيلا لوزارة التربية والتعليم.
وبتاريخ 23 / 6 / 1996 م توقفت دقات قلب ابو الوطنية، بعد رحلة من المعاناة مع المرض الذي أصابه، في احدى مشافي الأردن، ليكون له نصيبا ان يوارى الثرى بمسقط رأسه قرية بلعا قضاء طولكرم بالضفة الغربية.
رحم الله المناضل والمربى الفاضل المرحوم فتحي البلعاوي أبو الوطنية.
سليم على شراب