طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رؤية من خمسة محددات لحل الأزمة السورية من منطلق الحرص على الأمن القومي المصري والعربي. وقال السيسي خلال حوار صحفي أجراه مع رؤساء تحرير الصحف الحكومية المصرية "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية"، الأحد 21 أغسطس/آب: الموقف المصري تجاه الأزمة السورية يتأسس على خمسة محددات رئيسة هي:
– احترام إرادة الشعب السوري
– إيجاد حلّ سلمي للأزمة
– الحفاظ على وحدة الأرض السورية
– نزع أسلحة الميليشيات والجماعات المتطرفة
– إعادة إعمار سورية وتفعيل مؤسسات الدولة
كان ينبغي أن يتكامل الدور المصري والعربي منذ زمن بعيد مع الدور السوري ودور المقاومة في الحفاظ على الأمن القومي العربي ومصلحة الأمة العربية ومواجهة التحديات الجسام ومنها راهنا "الربيع العربي". ومع ذلك أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي. والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو، هل تنجح القاهرة في صياغة دور جديد لها في الأزمة السوريّة بعيداً عن التبعية للعوامل الخارجية، وتحديداً الأميركية والصهيونية والسعودية والتركية وغيرها.
مصر تعاني من إرهاب "الربيع العربي" كما هي سورية وليبيا والعراق واليمن وتونس ودول عربية أخرى. وكل دولة لها ظرفها الذاتي الذي ضغط عليه الظرف الموضوعي وفعل به ما فعل فكانت النتيجة واحدة.. التدمير والقتل والنهب والتشريد ومحاولات التقسيم من جديد.
لا خلاف مع محددات السيسي الخمسة، ولو طرحت منذ بداية الأزمة وأخذت بها تحديداً المعارضات السورية وداعموها لما وصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن.
ولأن المشروع الصهيوني الإمبريالي الغربي يستهدف جميع دول الوطن العربي منذ عقود زمنية طويلة خلت، فإن الأولوية دائماً لوحدة الصف العربي في مقاومة هذا المشروع العدواني عبرشراكة حقيقية وليست تبعية، وبالحفاظ على الثوابت العربية وإحياء الاتفاقيات والمعاهدات البينية وأولها معاهدة الدفاع العربي المشترك.
لا شك أن رؤية الرئيس المصري تظهر مؤشّرات عدّة تكشف عن تبنّي القاهرة سياسة جديدة في التعامل مع الملفّ السوريّ، وتبدّل الموقف المصريّ المتردد تحسباً لضغط الخارج، وكذلك رفض الحل العسكريّ نهائياً والذي كان ينبغي أن يضيف عبارة "إلا مع الإرهاب والعدوان الخارجي" وتبنّي مواقف تدعو إلى حلّ سياسيّ كمخرج للأزمة السوريّة واحترام إرادة الشعب السوري والحفاظ على وحدة الأرض السورية وإعادة إعمار سورية.
ليس جديداً القول إن القاهرة التزمت الصمت الدبلوماسيّ، ولم يكن لها دور مؤثّر حتّى من خلال الجامعة العربيّة خلال حكم المجلس العسكريّ في 2011 و2012 ليتغيّر الموقف خلال حكم الرئيس الأسبق محمّد مرسي الذي اعتبر إسقاط النظام السوري واجباً أخلاقيّاً، وبادر إلى قطع العلاقات الدبلوماسيّة، لتكون القاهرة ملاذاً لقوى المعارضة السوريّة. وقد تغيّر الأمر مع تولّي الرئيس عبد الفتّاح السيسي السلطة في يونيو/حزيران 2014، وعادت القاهرة إلى اتّخاذ المواقف الرماديّة وعدم خسارة أي من الأطراف الدوليّة والإقليميّة الفاعلة في الأزمة السورية (الحرب العدوانية الكبرى على سورية).
لذلك على القاهرة أن تساهم اليوم بقوّة في حلّ الأزمة السوريّة وتبنّيها. ويبقى المحدّد الرئيسيّ لنجاحها في لعب دور حقيقيّ مع الأشقاء العرب في مكافحة الإرهاب الصهيو- أميركي وأدواته في المنطقة، لإيصال الأزمة السورية إلى نهايتها، وإلا فإن تغيراً جذرياً في الشكل والطبيعة الديمغرافية والعقائدية أيضاً سيشهده المشرق العربي بأكمله إذا ما صُبغت سورية على غرار أفغانستان بألوان التشدد القاتمة.
نعم لقد حان لمصر أن تلعب دورها الحقيقي والريادي في نصرة الحق السوري والعربي ومواجهة المشروع العدواني الكبير "الربيع العربي".
نعيم إبراهيم