ثمة قواعد وطنية ودستورية تحكم عملية الانتخابات والمباديء الديموقراطية التي تقوم عليها العملية الانتخابية في الدول المستقرة ذات السيادة ، اما في الشأن الفلسطيني فقد تختلف الحالة في وطن محتل وشعب يرزح تحت الاحتلال وبمقومات سياسية وامنية مفروضة يلعب فيها الاحتلال دورا حاكما متحكما في كل الاحوال ، وخاصة ان فكرة ادارة الاراضي المحتلة فكرة قديمة جديدة على جدول اعمال الاحتلال من قبل سلطات المحلية والوجهاء ورجال الاعمال واذا ارتبط ذلك بالتوجه الدولي لادارة الضفة الغربية بالحل الاقتصادي الامني الذي طرحه بلير واكد عليه كيري في تجاوز لمباديء وافكار اوسلو للسلام ، هذا الطرح الذي برز بعد الانقسام عام 2007م وسيطرة حماس على غزة وتشكيل حكومة الطواريء او المؤقته برئاسة فياض وتشكيل حكومة لحماس برئاسة هنية . كان طرح ادارة المناطق المحتلة منذ اوائل السبعينات من القرن الماضي من قبل مشروع ايجال الون ومن ثم شارون والان ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي عبر سياسة العصا والجزرة ، في حين لم تغيب فكرة ادارة المناطق المحتلة عن وزراء الحرب الاسرائيليين الاخرين كطرح يعالون ايضا ، هذه الاطروحات الامنية التي تعني مواجهة المشروع الوطني الفلسطيني المقر من منظمة التحرير ومن خلال الاعتراف 242 و338 واعلان الجزائر في عام 1988م والمبادرة العربية التي انطلقت من مؤتمر القمة العربي في بيروت ومجملها ومحصلتها الارض مقابل السلام وبحل الدولتين وفي تطور يتراجع فيه البرنامج الوطني ليصبح الطرح الامن مقابل السلام ومن ثم يهودية الدولة وتبادلية الاراضي وشطب حق العودة ومشاريع بديلة في تغيير للخارطة الجغرافية والسياسية والامنية للدولة الفلسطينية المرتقبة مع تهويد لتغيير الديموغرافيا في الضفة عبر المستوطنات ليصبح من الاستحالة التحدث عن دولة ذات سيادة الضفة جزء منها ... من هنا تنطلق المشاريع البديلة لحل الصراع وفي مقدمتها الادارات المحلية في الضفة عبر الاقاليم المستقلة اقتصاديا وبالتالي امنيا وسياسيا ومن هنا يصبح المشروع الوطني الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير في خبر كان ..... هكذا يخططون ....
من هذا الموجز سابقا قد نستطيع استقراء الاحداث والمتغيرات ..... والمكملة لبرنامج انتخابات 2006 م التشريعي والتي فازت فيه حماس بالاغلبية نتيجة فراغات تركتها حركة فتح والحركة الوطنية الفلسطينية في كافة المجالات التنظيمية والفكرية والثقافية والاجتماعية وفرض سلوكيات لا تتوافق مع عادات وسلوكيات الشعب الفلسطيني .... هكذا فازت حماس ومشروع الاخوان المسلمين ، والذي مازال مطروحا كاحدى الخيارات لبعض دول الاقليم وقوى دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وما يسمى الاسلام المعتدل امام متغير وسونامي متطرف من قوى داعش واخواتها ، هذا المتغير المتطرف الذي اتى بصناعة امريكية اتي لكي يصبح الاسلام المعتدل وباطروحات سياسية معتدلة ومقبولة مقبولا كقوة وطاقة في عصر انهيار الدولة الوطنية في العالم العربي كما اتى به ما يسمى الربيع العربي .
فكرة انتخابات 2006 والبرايمرز اتت بضغط امريكي على القيادة الفلسطينية التي وضعت كل بيضها في سلة امريكا واوروبا والدول المانحة بحيث تصبح السلطة في محل اعتقال وجودي واقتصادي لتلك الدول ولارادة الاحتلال ....هكذا فازت حماس .. وهكذا اصبح التناقض .... ومن هنا وجدت القوة التي تنافس وكبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد .... وبحيث يصبح الشعب الفلسطيني يفتقر لهوية واحدة لتمثيله على بقايا من ارض الوطن التاريخية .
بالتاكيد، ان قرار وزارة السلطة الوطنية بانجاز الانتخابات المحلية ليس فقط لاستحقاق زمني ووطني ، فهناك استحقاقات اهم مثل الانتخابات التشريعية والرئاسية وتجديد شرعيات مؤسسات منظمة التحرير ..... ولكن لماذا الانتخابات والاستحقاق للمحليات ..... هل اتى بارادة وطنية ...؟؟ ام اتى بتدخل طرف خارجي مثل التمويل من الدول المانحة وبضغط امريكي اوروبي على القيادة الفلسطينية كما حدث في انتخابات 2006م... ولماذا يتوافق ذلك مع طرح ليبرمان ونظرته للمحليات وتجاوز السلطة ورئيسها ....؟؟؟ اعتقد ان التقاطعات موجودة ...؟؟ في ظل تحذيرات بفوز حماس في غالبية البلديات مقابل فتح التي تحاول لملمة جراحها نتيجة قرارات خاطئة وسلوكيات اهدرت التنظيم وعلاقته مع حاضنته الشعبية .... وتغييب الثقافة الحركية والوطنية ... وعملية الاقصاء الفردي والجغرافي لجزء هام من ارض بقايا الوطن غزة .... اعتقد ان فتح في تلك الفترة الوجيزة غير قادرة على لملمة جراحها في ظل ململة وتلكؤ من قيادتها في وضع المعالجات السريعة لترهل دام اكثر من عقد على الاقل وبفقدانها الزعيم الجامع ياسر عرفات .
وان اخفقت جميع المساعي لانهاء الانقسام السياسي والامني والجغرافي بين الضفة وغزة وبلغة الشرعيات فان السلطة عي الاداة الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي المخولة في ادارة المناطق ... الاان حماس ما زالت وما بعد الانقسام تقوم بممارسات السيادة على غزة ولها اجهزتها السيادية المنضبطة للحزب حتى في ظل حكومة التوافق التي لم تبسط سيادتها على غزة لامر او لاخر .
قد نقف امام قرار الانتخابات مزودين بكل الحيثيات السابقة لربط التقاطعات وبالتاكيد ان مشروع حماس ينافس ويناقض المشروع الوطني وان اعترفت حماس بحل الدولتين وهي ما زالت تحضر نفسها كبديل لمنظمة التحرير التي ترى انها اخفقت في تحقيق اهدافها ، وهكذا تقوم حماس بعلاقاتها الدولية والاقليمية مع دول اوروبا وروسيا وامريكا وبعض دول الاقليم وتركيا.
اعتقد ان المشروع التركي القطري اتفاقية التعاون المشترك بين اسرائيل وتركيا سيتمخض عنها معالم سياسية واقتصادية شرعت تركيا في تنفيذها في الضفة من خلال المنطقة الصناعية في جنين والبحث في ازمات غزة واهمها الطاقة وبعض المشاريع الاخرى ... وهذا مؤشر لما هو قادم .. بالمقابل دعوة الرئيس السيسي لاستنهاض القوى الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها فتح لمواجهة المشروع المغاير للمشروع الوطني .
من هنا تقف الوطنية والقوى الوطنية على مفترق طرق تحدد الاتجاهات فيها الانتخابات المحلية التي اقرت فيها السلطة بعد انقسام دام عشر سنوات بسيادة حماس على على غزة ومن خلال اشرافها المباشر على الانتخابات قضائيا وامنيا وشرطيا ..... بحيث تاخذ حماس الشرعية القانونية من قبل السلطة ، وبالتالي ما يترتب على ذلك اقتصاديا وسياسيا وامنيا وحل ازمة رواتب موظفي حماس ، وان فازت فهي الشرعية التي يمكن التعامل معها اقليميا ودوليا من خلال سلطة المحليات وباطروحات سياسية معتدلة عبر المحور التركي القطري ..... ومن خلال اطروحات ليبرمان بتجاوز السلطة ورئيسها والاعتماد على البلديات والوجهاء ورجال الاعمال ....... وهكذا تصبح الحركة الوطنية الفلسطينية على مفترق الطرق امام سيناريوهات قادمة ...... بالتأكيد هي البدائل لمنظمة التحرير والحركة الوطنية ...... فالتوقيت خاطيء والزمن خاطيء والمرحلة خاطئة .... فكيف يمكن ادراة شراع السفينة ...... الايام حبلى بالمفاجأت
سميح خلف