النتيجة المنطقية للتكاثر الآمن للمستوطنين فوق أراضي الضفة الغربية هي عدم القدرة على اقتلاعهم، والتسليم بأن إخلاء أكثر من نصف مليون مستوطن يعد تطهيراً عرقياً، وفق تعليمات نتانياهو لطواقم إسرائيل الدبلوماسية، ووفق تصريح ديوان رئيس الوزراء الذي انفعل على منسق الأمم المتحدة للسلام "ميلادينوف"، ووصف تصريحاته بأنها تشويه للقانون الدولي الذي لا يجيز التطهير العرقي، وتشويه لتاريخ اليهود الذين عاشوا في هذه الديار منذ ألاف السنين.
يقول قادة إسرائيل: إن البناء الاستيطاني اليهودي في القدس قانوني تماماً، مثل الأبنية الأمريكية في واشنطن والأبنية الفرنسية في باريس، وطالب قادة إسرائيل الأمم المتحدة بإدانة الموقف الفلسطيني الداعي إلى للتطهير العرقي لليهود من الدولة الفلسطينية المستقبلية.
الرد الإسرائيلي الغاضب على تقرير "ميلادينوف" يعتبر مؤشراً دقيقاً على السياسة الإسرائيلية التي لا ترى شيئاً على الأرض اسمه فلسطين، ولا تعترف إلا بحقيقة قائمة اسمها دولة إسرائيل الواحدة الممتدة من النهر إلى البحر، والتي لا يجوز الاقتراب منها، أو المساس بها، هذه الحقيقة التي نجحت إسرائيل في ترسخيها على أرض الضفة الغربية رجالاً ونساءً وأطفالاً وعائلات ومؤسسات، حتى بات الحديث عن إخلائها جريمة حرب، وتطهير عرقي، هذه الحقيقة العنيدة ما كانت لتستقر لولا تلك السنوات الطويلة من الأمن والأمان التي وفرتها القيادة الفلسطيني للمستوطنين، وهي تحلم بأن تكافأ على ذلك بدولة فلسطينية على حدود 67..
تقرير "ميلادينوف" الذي اعترضت عليه إسرائيل أشار إلى تزايد الاستيطان اليهودي بعد صدور تقرير الرباعية الداعي لوقف الاستيطان، وحدد التقرير عدد الوحدات الاستيطانية التي طرحتها إسرائيل في شهر يوليو، وهي 1700 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، إضافة إلى عطاءات لبناء أكثر من 300 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية، ونسي التقرير في زحمة البناء الاستيطاني جهد الحكومة الإسرائيلية على زيادة عدد المستوطنين، فقد أفادت المعلومات الواردة من إسرائيل بأن الشقق في تل أبيب وداخل إسرائيل المغتصبة سنة 48، تعد أغلى سعراً من لندن وباريس ونيويورك، وأصبح سوق الإسكان الإسرائيلي مجنونا تماما كما يقولون، بحيث لا يستطيع الإسرائيلي امتلاك منزل خاص داخل إسرائيل، وارتفعت أسعار الإيجارات إلى مستويات خيالية، وتضاعفت أسعار المنازل خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية وحدها، والسبب في ذلك يرجع إلى أهداف سياسية، ففي الوقت الذي تعمدت فيه الحكومة رفع أسعار الشقق في داخل إسرائيل، عملت على تخفيض أسعار الشقق في مستوطنات الضفة الغربية، وقدمت للمستوطنين الجدد تسهيلات مالية وامتيازات إدارية، وتطمينات أمنية بان الذي يقوم على حراسة الطرق الالتفافية ليس الأمن الإسرائيلي الذي يسهر على راحة المستوطنين بنسبة 60% فقط، لتسهر الأجهزة الأمنية الفلسطينية على راحة المستوطنين بنسبة 40%، وفق تصريح قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، والمسئول عن الضفة الغربية، الجنرال "روني نومه"، ليؤكد بذلك ما قاله المؤرخ اليهودي "إيلان بابيه" بأن السلطة الفلسطينية ما هي إلّا شمّاعة تغطي على ما تقوم به إسرائيل من استعمار استيطاني دون وازع أوْ رقيب
الجنرال الإسرائيلي "روني نومه" قدم الجواب الشافي للسؤال الذي يدق بالفزع والحيرة على مستقبل الفلسطينيين: كيف نواجه الاستيطان؟ وكيف نقضى عليه؟ وكيف ننتصر؟
والجنرال الإسرائيلي قدم جواباً على السؤال: ماذا سيجني الفلسطينيون من لقاء عباس نتانياهو الذي يرتب له الرئيس السيسي والملك عبد الله في موسكو؟.
د. فايز أبو شمالة