حمل أدوات الصيد في الصباح الباكر بعد أن صلى الفجر،وذهب إلى البحر، ليبحث عن قوت يومه ..ألقى بشباكه في عمق المياه، من على متن قاربه الصغير ، لكن الشباك كانت في كل مرة عندما يلملمها ،تخرج خاوية إلا من بعض الأعشاب ،والرواسب التي تلتصق بالشبكة ،وكأن الأسماك على عداوة متعمده معه..! ،استمر به الحال عدة أيام ،وذات يوم ،وهو راجع إلى بيته سمع مواء قطة صغيرة على مقربة منه ..لكنه لم يحدد مكانها بدقة ،أخذ يبحث عن الصوت ..وأخيرا وجد تلك القطة التي ضلت الطريق وسقطت في بركة مياه بعيدة عن الشاطئ ،كانت تحاول الخروج من البركة، ولكنها لم تستطع ،نزل إليها وحملها بيده كانت ترتعش من شدة البرد.. أخذ يجفف جسدها النحيل من المياه ،ثم وضع لها بعض الطعام الذي كان يحمله في سره قماشية تتدلى على كتفه ،وغادر المكان ..وفي صباح اليوم التالي ،خرج كعادته ليصطاد، وما هي إلا أوقات قصيرة، وإلا بشباكه أخذت تعج بالأسماك المتنوعة الكبيرة والصغيرة ،والتي بدت مستسلمة، لم تحاول أن تلوذ بالفرار ..وكأن هناك مصالحة تاريخية أو اتفاقية قد أبرمت بين الشبكة ،وبين الأسماك.. اقتنع بما حملته الشبكة من الخيرات ،وقال في قرارة نفسه ،والفرحة تملأ وجهه الشاحب من شدة التعب ، وسط رحلة الشقاء في الحياة،قال .. الحمد لله الذى رزقني من غير حول منى ولا قوه.. رضيت يا رب بما قسمت لي ..ثم استطرد قائلا بصوت ٍ خفي علي ّ أن أضع فرصة لغيري ليصطاد أيضا ،ذهب إلى كوخه ليغير ملابسه ،وما إن رجع ليأخذ غنيمة الصيد الثمين ، وإلا كانت هناك هجمة شرسه من القطط التي كانت قرب المكان تجاه الأسماك التي وضعها في صندوق ٍ بلاستيكي غير مغطى ،..ما لفت انتباهه هو تلك القطة الصغيرة ،التي بقيت وحيدة في عزلة لم تقترب من الصندوق ،و دون أدنى حراك..رغم فرار أقرانها ، بقيت كما هي ..اقترب منها ،وإذا هي ذات القطة التي أنقذها من الغرق..!!
بقلم/ حامد أبوعمرة