لا أخفي على القارئ الكريم انني اكتب عن مناضلين لهم موقعهم ودورهم النضالي كل بصفته وموقعه، رحلوا في لحظة واحدة ليلتحقوا بقوافل الشهداء برفاق لهم من قادة الحزب الشيوعي اللبناني ومنهم من عمل على خدمة الناس ، ساروا على خطى الشهادة.
لذلك ارجو من القراء الاعزاء ان يستميحني عذرا إذا ما قصرت في تغطية بعض من جوانب حياة هؤلاء الشهداء ونشاطهم، فالشهيد القائد كمال البقاعي هو رمز للنضال وهو قائد من قادة جبهة المقاومة اللبنانية وهو نائب الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني ، حيث انتسب للمقاومة من خلال موقعه في الحزب الشيوعي واعتقل واسر لدى العدو الصهيوني حيث اشرف على العديد من العمليات البطولية في جنوب لبنان ، فكيف لا وهو المناضل والقائد في الحزب الشيوعي اللبناني من تحرير الارض ومن اجل الكرامة الإنسانية وحرية التعبير وحق التظاهر والتنظيم النقابي، وكان له دوره البارز في المقاومة ، مدافعا عن لبنان وعروبته وتطوره الديمقراطي ، وفي الدفاع عن الطبقة العاملة والفكر التنويري الثوري.
الشهيد كمال كان يملك جرأة وشجاعة، أثبتت الأيام صلابته وقوة قناعته من خلال صموده في التعذيب في سجون الاحتلال الصهيوني وعملائه ، فوهب حياته دون تردد من أجل قضيته المقدسة، حيث کان علي الدوام مستعدآ للتضحية والفداء ولم يبخل يومآ عن أداء أي واجب مهما کان کبيرآ، فهو ابن حزب السنديانة الحمراء، حزب فرج الله الحلو ونقولا الشاوي وجورج حاوي وحسين مروة ومهدي عامل، وابطال المقاومة الوطنية، وشهداء التحرر الوطني، ومعارك الدفاع عن الخبز والعمل والديمقراطية، فحمل مهمة نائب الامين العام من اجل وحدة الشيوعيين ومواصلة النضال المتفاني والمتعدد الاوجه، رغم المحن والشدائد والصعوبات الجمة، في سبيل انتصار مشروع الحزب الديمقراطي الثوري للوصول الى تحقيق الديمقراطية ، واعلاء شأن المواطنة وقيمها، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة.ولا شك أن مثل هذه الخسارة تکون أکبر في مثل الظروف الدقيقة والهامة.
وهنا اتوقف ايضا امام الشهيد المناضل المبدع الإعلامي النقيب رضوان حمزة عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني ومدير البرامج في إذاعة صوت الشعب الذي اجتمعت في شخصيته الطاقات والمتعددة القدرات، سجايا جعلته قدوة في كل مجال يخوضه، كان الشهيد مثالا للاعلامي الناجح المسكون بحال وطنه، الذي يجذب ولا ينفر، صاحب العقل الواعي، والهمة العالية، لا يقبل الواقع المتردي، ولا يركن إلى الحال المتخلف، قويا في مبادئه، لايخشى في الحق لومة لائم ، لم يتحجج يوما بصعوبة الظروف والواقع المرفوض، مهما اشتد ليل الشعب حلكة، فكان صوت الشعب منبرا له ولسياسته ظل في حركة مستمرة لا تكلّ من أجل التعامل مع كل جديد ومفيد، فهو يملك رؤية مستقبلية واضحة المعالم في الداخل والخارج، مؤمنا في حقائق التاريخ والكفاح ، مناضلا من اجل الحرية والكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية التي بكل تأكيد ثمنها الغالي، ترك من خلال البرامج السياسية والثقافية لصوت الشعب، والأعمال الإبداعية الأدبية، وللقضية الفلسطينية مكانتهم في وجداننا.
اما الشهيد محمود مغنية الرجل الذي عشق لبنان كما عشق فلسطين ناضل وقاتل في صفوف حزب العمل الاشتراكي العربي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وبقي على المبادئ والاهداف التي تربى وترعرع فيها ، فكان عضو الهيئة الادارية لجمعية التضامن الثقافية الرياضية ونائب رئيس بلدية طير دبا ، بلدة الشهيد القائد عماد مغنية في الفترة الاخيرة ، ساهم بنشاط في الحياة السياسية والاجتماعية، ولم يرضى في الواقع الإجتماعي ، حيث كان يسعى من اجل خدمة الناس لاهلي بلدته طيردبا ، فكان الصمت والتواضع الجم قرين أفعاله، والجدية نهجه المتواصل.
وفي ظل هذه الظروف وامام عظمة رحيل ثلاثة مناضلين واصدقاء لعل أكثر ما يمكن أن نكرّم به هؤلاء المناضلين هو التذكير والإضاءة على دورهم خاصة وأنّ أيّام قليلة تفصلنا عن الذكرى السنوية لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية هذه الجبهة التي امنوا بها الشهداء كمال البقاعي ورضوان حمزة ومحمود مغنية ، لتعيدنا إلى المسار الصحيح وتسهم في تقدّمنا وتطوّرنا وسيرورتنا النضاليّة ، ونحن ندرك ونعرف تمام أكثر من هم حلفائنا الحقيقيين ومن هم أعداء الإنسانية الذين يرتكبون افظع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية .
امام كل ذلك ونحن نقف امام وداع مناضلين احبوا فلسطين والقضية الفلسطينية، نؤكد باننا سنبقى اوفياء لدورهم حتى تزهر وتثمر، مسيرة النضال عنوانها في التحرير والنصر وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية ، فهؤلاء الشهداء منارات تضيء الطريق أمام الأجيال.
ختاما: ان مسيرة النضال والشهداء لن تتوقف، مادام هناك احتلال صهيوني لأرض فلسطين والاراضي العربية المحتلة ، وما زال هناك مؤامرة امبريالية وصهيونية ورجعية وارهابية تستهدف المنطقة وشعوبها ، وما زال هناك ظلم وهدر للحريات وامتهان لكرامة الإنسان، والحياة جميلة تكون فقط بتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني تحقيق العدالة والمساواة والحرية لشعوب امتنا .
بقلم/ عباس الجمعة