كانت الليلة ظلام في ظل انقطاع الكهرباء المتكرر علينا وحسب الجدول في القطاع المنكوب والذي ينقصه الكثير من مقومات الحياة وقد أفقت بالصباح حال وصولها بخير وسلام ونحن ننتظرها بشوق كما هوا كل بيت ليقوم بما يستلزم الأمر وبالطبع لا غناء اليوم عنها وتعلمون كيف تكون الحياة بدونها اليوم وبدأت كالعادة بالتصفح لسماع الأخبار وكان الأبرز بالنسبة لي هي الزيارة التي قام بها وفد من الداخل برئاسة احمد الطيبي لأسرانا البواسل والمضربين عن الطعام أكثر من خمسة وستون يوم حتي الآن وسعدت بهذا اللقاء رغم الألم وأنا أسمع الصوت وأري من انتظرتهم طويلاً حتي أطلع علي هؤلاء الأبطال عن قرب والمس ما بداخلهم من معاناة وصبر وتحدي للسجان فكان اللقاء مع الأسير الدكتور محمد البلبول وأخاه محمودالحاصل علي الماجستير أيضاً المضرب معه عن الطعام وهؤلاء هم أبناء الشهيد أحمد البلبول أيضاً الذي ضحي من أجل فلسطين وتستمر حياتنا هكذا بكل مشهد وحاضر ونحن نري بأعيننا ونسمع بآذاننا صوت الأم وهي تحفز علي النصر وتعلم بأن محمود قد بدأ يعاني من فقدان البصر وهذا ما بان بحق من خلال الصورة أمامنا لكنه لم يفقد العزيمة وهوا يبلغها بأن كل يوم ينتظر الشهادة ولا يريد غير التوصية كما بلغها للأخت نوران الذي كانت معتقلة من قبل وافرج عنها وهي بعمر الرابعة عشر أيضاً وكانت الأم برمضان تفطر لوحدها ولا تغيب صورتها عن الذهن بهذا المشهد من التوصيات والكلمات بالفرح والدموع بالحث والمثابرة علي القراءة والحصول كما هي العادة بكل ماتسعي علي أعلي الدرجات العلمية بحياتها وهوا يبستم ابتسامة الواثق بالنصر وقالها بالفم المليان ألم تعرفي أخوكي وبصراحة هزتني هذه الكلمة وشعرت كم يحمل هذا الثائر الحقيقي بداخله قضية الوطن وهوا يداعب الجميع بضحكة وكلمة وبات هوا الأقوي من كل المتربصين بقضيتنا بحالة من الغزل أصبح جسدي ضعيف لكني أصبحت الأقوي وهوا بحق وصادق فيها أكثر منا ونحن صامتون علي الكثير مما يحصل ولا يرضي أي ضمير فينا وهذا ما يتعبنا ويؤلمنا أكثر فلا نعلم ماذا نقدم لهذه الأم والأخت في ظل الغياب للأب والأخ
فلا أجد كلمة تعبر وتليق بهذا المشهد المبكي وكثيراً هي الشواهد الحية بكل رواياتنا من كل بيت فلسطيني يعاني ولا يتكلم حتي نزلت الدمعة منه وهوا يحتضن صديقه المرافق له كما رجعنا بالذاكرة لكل وداع تم من قبل بالفخر والنصر ونحن نقاوم ونثابر من أجل الحق للوطن براية الإنسان والحرية وهذا هوا المطلب الوحيد كما طلبه من سيادة الرئيس أبو مازن أن يكون الحاضر في بيته هوا وأخيه محمود مع والدتهم وأختهم وكلنا ثقة بأن لا أحد يتواري عن الدفاع لأهم قضايانا وقضية الأسري هي بمثابة الروح المعلقة بعيداً عنا وهي تعاني بكل تجاربها وخوضها للإضرابات المستمرة وكان النصر حليف كل من صمد وهنا تكثر الأسماء بحق وكان نهايتها وفخرنا أسيرنا المغوار بلال كايد الذي لم يتسني لنا مشاهدته عبر الصورة الحية كما حصل اليوم مع أسرانا محمد ومحمود والوفد والعائلة وحضور الأب الشهيد بكل الكلمات وبات المشهد مكتملاً ومكللاً بالورود والثقة الكبيرة بأن موعد الحرية بات قريباً جداً لهم وهذا ما ننتظره بشغف وشوق لكل أحرارنا بالعالم ومعهم متشارك بالإضراب الأسير مالك القاضي وكثر هم من أضربوا وما زالوا في القيد وعلي رأس القائمة مروان البرغوثي واحمد سعدات الذين خاضوا من قبل الإضربات أينما وجدوا ودافعوا عن ترابنا بكل جولات المعارك مع المحتل وعلي جميع الجبهات وكما شكر شعبنا نشكر كل من قدم الجهد علي الأرض ويحمل راية علمنا بصدق دون التفرقة بينهم وهذا ما يوحدنا وما ننشده ونؤكد عليه دوماً برسالتنا من كل صباح ومساء حتي نصل لتحقيق الأهداف من فكرنا ولا شيئ يساوي أمام تضحيات مستمرة من شعبنا وعهدنا كما هوا باقي ولا أحد يتنازل كما يتصور البعض منا بل كل ما نحتاجه هوا الصبر والأمل كما تعلمناه وربينا عليه منذ نعومة أظافرنا ولا أحد سيقلع شوكنا غير أيادينا وهذا ما نطالب به ونحث عليه دوماً ولا ندع أنفسنا في مهب الريح للعدو المتربص بكل وقت وهوا يصطاد بالمياه العكرة تارة هنا في غزة وتاره هناك في الضفة وهوا يستفرد بالقدس ويهود كل معالمنا وهذا ما يتطلب الكثير منا بصدق النواياوالحفاظ علي ما نؤمن به بحقنا التاريخي بأرضنا ولا تفريط مهما بلغ العذاب وعشنا أسوء أيام حياتنا دون الوقوف معنا بوقفة الرجل الحقيقي من الحكومات العربية ولا نستبعد المؤامرات المحيطة بكل ما يحصل من عقد مؤتمرات وتسويات وما هي إلا للضحك والتسول ونحن نفترق ونبتعد أكثر عن بعضنا البعض بواقعنا العربي والفلسطيني وهم يقدمون ذلك علي حسابنا بزرع الفتنة والتهديد لكل من يقف ضد القرار الصهيوأمريكي
===
بقلم/ كرم الشبطي