الاتفاق الأمريكي الروسي للتوصل إلى وقف للقتال في سوريا أثار حفيظة الإسرائيليين والسعودية حيث لم يعلنا موقفا من هذا الاتفاق في حين أيدته تركيا ، قد يكون الاتفاق الروسي الأمريكي تجاهل إسرائيل والسعودية كما سبق وان تجاهل الاتفاق مع إيران بشان برنامجها النووي مع الدول الست الكبرى حفيظة هاتين الدولتين ،
هناك وجهات نظر متباينة بين محور دمشق والتحالف السعودي حول الاتفاق الأمريكي الروسي الذي صنف جبهة ألنصره وحلفائها بأنها منظمات إرهابيه ولا يشملها وقف إطلاق النار .
وقد أعلنت الفصائل المسلحة التابعة للجيش السوري الحر مساء يوم الاثنين الواقع في الثاني عشر من الشهر الحالي رفضها القاطع للاتفاق الروسي – الأمريكي بفرض هدنه في عموم سوريا يستثنى منها جبهة فتح الشام التي صنفت بأنها إرهابيه
واعتبر البيان أن بنود الهدنة المطروحة تترك مجالا للدولة ألسوريه وحلفائها بالالتفاف عليها بكافة السبل بهدف تحقيق مكتسبات استراتجيه او عقوبات زاجره لقوات الجيش العربي السوري بحال خرقت الهدنة
وشددت المجموعات المسلحة ، إننا نرفض استثناء جبهة فتح الشام من الهدنة المزعومة، حيث تم غض الطرف عن المليشيات المنضوية تحت لواء الجيش العربي السوري التي تقاتل إلى جانب قوات النظام في سوريا وهو ما اعتبرته المجموعات المسلحة ازدواجية في المعايير،
وكانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق للتنسيق فيما بينهما لمحاربة الإرهاب في سوريا وأعلنتا بدء هدنة بعموم المدن السورية، استثنت منها تنظيم ‹داعش› وجبهة فتح الشام، مطالبة الفصائل المسلحة بالابتعاد عنها لأنه سيتم استهدافها بالفترة القادمة.
وقد استغلت إسرائيل البيان للقوى والفصائل الرافضة لإعلان الهدنة وقامت بدعم شن هجوم على مواقع الجيش السوري في منطقتي السرية الرابعة وتل احمر بريف القنيطرة الشمالي بعد ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار بموجب الاتفاق الروسي الأمريكي في سوريا
الجيش العربي السوري افشل الهجوم الجديد لجبهة فتح الشام وأوقع في صفوفها عشرات القتلى والجرحى وتم نقل العشرات منهم للمستشفيات الاسرائيليه ، ويأتي هجوم جبهة فتح الشام الجديد في إطار معركة ما يسمى بقادسية الجنوب التي أطلقتها مجموعات إرهابيه قبل أيام مدعومة من إسرائيل ودول عربيه أخرى وقد افشل الجيش السوري هذا الهجوم رغم الدعم والإسناد الإسرائيلي واستعمال الطيران الحربي الإسرائيلي ،
وقد أعلنت قوات الجيش العربي السوري في تطور مفاجئ لمجريات معارك الجنوب السوري ودعم إسرائيل للمجموعات الارهابيه عن إسقاط طائرتين إسرائيليتين طائره حربيه من طراز اف16 وطائرة استطلاع ولم تعلن إسرائيل عن ذلك وهي تلتزم الصمت ،
يبدوا من تحول مجريات الصراع أننا بتنا أمام تحول استراتيجي في التصدي للتدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا
قادسية الجنوب التي أطلقتها المجموعات الارهابيه المدعومة من إسرائيل هدفها الجنوب السوري درعا وسهل حوران ضمن هدف استراتيجي لايجا د منطقه عازله في سوريا على غرار حملة تركيا التي أطلق على عمليتها عملية " درع الفرات " التي استهدفت شمال سوريا جرابلس ومنبج للحيلولة دون إقامة كيان كردي
إسرائيل وحلفائها فوجئوا بالتوافق والاتفاق الروسي الأمريكي بوقف القتال في سوريا ضمن عملية اختبار تقود للتمهيد لإطلاق حوار سياسي ، كما تم الاتفاق على تصنيف المجموعات الارهابيه وأدرجت جبهة ألنصره والمجموعات المنضوية تحت لوائها بالإرهاب ،
الاتفاق الأمريكي الروسي اعتبرته إسرائيل يتعارض ومصالحها في سوريا خاصة وان أطماع إسرائيل في سوريا هو في محاولة تثبيت مجموعاتها في جنوب سوريا كحزام امني على غرار الشريط الحدودي الذي انشاته إسرائيل في جنوب لبنان في ثمانينات القرن الماضي
أطلقت المجموعات الارهابيه معركة قادسية الجنوب مدعومة من غرفة ألموك في إسرائيل التي انتقلت من عمان بعد فشلت معركة الجنوب الأولى ، فشل هجوم قادسية الجنوب في تحقيق أهدافه مما دفع بإسرائيل للتدخل المباشر عبر تامين حماية جوية لدعم الإرهابيين ،
التحول الاستراتيجي هو التصدي السوري للطائرات الاسرائيليه التي اخترقت الأجواء السورية وحسب الناطق العسكري السوري تم إسقاط طائرتين استطلاعيه وحربيه ،وان تصريحات وزير الخارجية الروسي فلاديمير لافروف تصب في صالح التصدي السوري للإرهاب في الجولان وإعطائه غطاء روسي
وهنا يبرز السؤال المهم هل باتت المنطقة على أعتاب تغير استراتيجي ضمن تغير موازين القوى بحيث بات هناك تغير في معادلة الردع السورية وقرار استراتيجي للتصدي لأية تدخلات إسرائيليه وخرق طائراتها للسيادة السورية ،بحيث يأتي إسقاط الطائرتين الإسرائيليتين ضمن عملية إنذار ومضمونه لن نسمح بتدخل عسكري في سوريا على غرار التدخل التركي في شمال سوريا وهو مرفوض وسنتصدى له ، وان محاولة إسرائيل وحلفائها لإفشال الاتفاق الروسي الأمريكي قد يفجر الأوضاع في جنوب سوريا وجنوب لبنان إذا أدى إسقاط الطائرات الاسرائيليه للرد في جنوب لبنان أو الجبهة السورية
كل مؤشرات الأوضاع تشير إلى إمكانية التغير في توجهات الصراع لتمتد إلى دول إقليميه تكون فيه إسرائيل عنصر أساسي ضمن ما نشهده من صراع في المنطقة ضمن عملية الاستحواذ على الهيمنة والمصالح والذي يتمحور بين حلفاء المحور السوري وإيران ومحور السعودية وإسرائيل ولا شك أن الأيام القادمة ستحدد حقيقة مسار الصراع
هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار إلى مسار قمة العشرين التي عقدت في الصين وقمة العشرين التي عقدت في برسبيرن في استراليا آذار مارس من عام 2014 ، والتغيرات التي طرأت في محور الشرق ، ففي 2014 طالب وزير الخارجية الاسترالي عدم السماح لروسيا بحضور القمة ، ولكنّ دول البر يكس اعترضت على الاقتراح وأحبطته، ومع ذلك فقد كانت الصور الواردة من القمّة في ذلك الوقت تشي بعدم رغبة أحد من القادة الغربيين بالحديث مع الرئيس بوتين، بينما في القمة الأخيرة في الصين احتلّ الرئيس بوتين والرئيس الصيني مكاناً مركزياً في القمّة، وكانت اللقاءات الثنائية بين روسيا والسعودية، والصين والسعودية، والاتفاقات التي عُقدت دليلاً آخر على توسّع مركزية الصين وروسيا على عرش العلاقات الدولية. لم يكن أحد ليتوقّع توقيع اتفاق بين روسيا والسعودية، لأنّ السعودية كانت دائماً رهن الإشارة الأميركية، أي أنّ مثل هذا الاتفاق قد جرى بموافقة أميركية. وهذا يعني اعترافاً غربيّاً ضمنيّاً أن الشرق الأوسط قد دخل مرحله جديدة ، وان هناك عالم جديد ترتسم معالمه وهو متعدد الأقطاب ولم تعد أمريكا القوه الأوحد في العالم .
صمود سوريا ودعم حلفاء سوريا هو الذي أدى لهذا التغير وهو الذي دفع الولايات المتحدة الامريكيه للاتفاق مع روسيا على اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا والتنسيق فيما بينهما
يبدوا أن حكومة نتنياهو لم تعد لتدرك بعد أن تفردها وهيمنتها في الشرق الأوسط هي الأخرى قد انتهت وان هناك قوة ردع جديدة ستواجه إسرائيل وقد تقوض الوجود الإسرائيلي فيما إذا استمرت إسرائيل بسياستها العدوانية واستمرار احتلالها لفلسطين
لقد دخلت سوريا معادلة التغير الدولي والإقليمي وأصبحت جزء من منظومة هذا التغير وان روسيا والصين يدعمان سوريا بكل الإمكانيات العسكرية والاقتصادية وان إيران وحزب الله جزء من المنظومة الدولية والاقليميه ولم يعد بمقدور إسرائيل وحلفائها من تغيير في موازين القوى
وزير الخارجية الروسي فلاديمير لافروف أشار إلى ذلك صراحة حول الاتفاق الروسي الأمريكي وقال إننا تشاورنا مع الحكومة السورية حول بنود الاتفاق، وأنها قد وافقت عليه، كما لم يغفل أيضاً التأكيد على الخروج من دائرة المتدخلين. هؤلاء المتدخلون هم الذين حلموا أنهم قادرون على تغيير هوية سوريا، متناسين أنّ سوريا، وعلى مدى عشرة آلاف عام، كانت عصيّة على كلّ الغزاة والأعداء الذين استهدفوها، وأنّ التضحيات التاريخية للشعب السوري هي التي صنعت هذه الهوية السورية الشامخة أبداً والحرّة دائماً وهي التي قادت العالم لهذا التغيير وأسقطت مشروع الشرق الأوسط الجديد وهي ترسي اليوم دعامة ردع وتحول استراتيجي في سياسة الردع السورية ضد التدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا وهضبة الجولان السوري والتدخل في الشؤون العربية ضمن منظومة الردع للمحور السوري والمقاومة وعنوانه حماية الأمن القومي العربي من الاحتلال الاسرائيلي ومخطط الاستيطان والتهويد والتوسع الإسرائيلي
المحامي علي ابوحبله