هل تملك محكمة العدل العليا صلاحية إلغاء الانتخابات .... ضمن الاحتمالات والخيارات المتوقعة حول القرار النهائي لمحكمة العدل العليا

بقلم: علي ابوحبله

جميع التوقعات مطروحة وفق سيناريوهات عده ضمن الاجتهادات حول القرار النهائي لمحكمة العدل العليا التي من المقرر أن تبحثها المحكمة بعد أن قررت قبول الطعن المقدم لها لوقف إجراء الانتخابات لحكم الهيئات المحلية التي كان من المقرر إجرائها في الثامن من الشهر المقبل .

في الجلسة المقررة في 21 من الشهر الجاري الذي من المنتظر الاستماع لشهادة ممثل الحكومة للرد على بنود الطعن التي بموجبها تم تأجيل الانتخابات لحكم الهيئات المحلية حيث أكدت الحكومة بلسان المتحدث الرسمي باسم حكومة الوفاق الوطني يوسف المحمود أن الحكومة تنتظر قرار محكمة العدل العليا النهائي بشأن قانونية إجراء الانتخابات البلدية.
وشدد المتحدث الرسمي على أن رئيس الوزراء أكد بشكل مستمر على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ولكن إصدار المحكمة العليا قرارها بشأن إجراء الانتخابات أوجب احترام القرار ضمن احترام القانون.
يستدل من التصريح للمتحدث الرسمي للحكومة أن الحكومة الفلسطينية مصره على موقفها على إجراء الانتخابات بموعدها المقرر كاستحقاق دستوري كفله القانون الأساس الفلسطيني وهي ستعرض رأيها وموقفها من عملية الطعن وتفند ما جاء في بنود الطعن
الذي استند الطعن لمضمون بيان نقابة المحاميين النظاميين الفلسطينيين والذي جاء فيه "إن قرار مجلس الوزراء ( 03/108 /17/م . و / ر . ح ) للعام 2016 بتاريخ 21/6/2016 بخصوص الدعوة لإجراء انتخابات الهيئات المحلية فانه وبعد الاضطلاع على أحكام القانون الأساسي وقانون انتخاب الهيئات المحلية وقانون تشكيل السلطة القضائية وقانون تشكيل المحاكم وبعد بحث كافة الجوانب والتداعيات القانونية المترتبة على إجراء انتخابات الهيئات المحلية فان نقابة المحامين الفلسطينيين خلصت إلى ما يلي:
أولا : لم يعالج قرار مجلس الوزراء بإجراء الانتخابات في قطاع غزة الفراغ القانوني المتمثل في الرقابة على العملية الانتخابية من الناحية القانونية ونتائجها.
ثانيا : إن استثناء مدينة القدس من إجراء الانتخابات فيها واستثناء المقدسيين من المشاركة في العملية الانتخابية برمتها يمس الوضع القانوني والسياسي لمدينة القدس كعاصمة لدولة فلسطين .
ثالثا : إن لجنة الانتخابات المركزية ووزارة الحكم المحلي لم تتوصل إلى دراسة واقعية وقانونية صحيحة لما هو قائم سواء في مدينة القدس وقطاع غزة .
رابعا : حرصا على وحدة الصف الفلسطيني فان قرار مجلس الوزراء بخصوص الدعوة لإجراء انتخاب الهيئات المحلية سيترك أثرا قانونيا من شانه الإضرار بالمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ومستقبل القضية الفلسطينية ويكرس الانقسام .
وعليه فان نقابة المحامين تدعو إلى إرجاء إجراء الانتخابات إلى حين اتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات القانونية اللازمة .
القدس 24 أب من العام 2016
نقابة المحامين
واستنادا إلى ذلك قررت محكمة العدل العليا الفلسطينية وقف الانتخابات المحلية الشهر المقبل في الضفة والقطاع.
وجاء في نص الحكم "أن القرار الإداري يجب أن يتعامل مع الوطن كوحدة واحدة، ومع تعثر إجرائها في القدس والمشاكل الإجرائية في غزة اتخذ القرار بتأجيلها".
وستعقد المحكمة جلسة أخرى لها بتاريخ 21-9-2016 لاستكمال النظر في القضية . وهذا يعني أن المحكمة اتخذت قرار إجرائي احترازي محض لم يصل إلى درجة إلغاء الانتخابات وبالتالي القوائم ووفق القرار الاحترازي التمهيدي لمحكمة العدل العليا تبقى قائمه وان إجراءات لجنة الانتخابات المركزية وفق المنصوص عليه قانونا يبقى على ما هو عليه ، لحين البت النهائي في موضوع الطعن والذي سيحدد إجراء الانتخابات من عدمها وفق مضمون قرار محكمة العدل العليا النهائي وقرار محكمة العدل العليا قرار تمهيدي احترازي بتأجيل عقد الانتخابات في موعدها المقرر من الثامن من تشرين الأول ،
وهنا يذكر مقدم دعوى وقف الانتخابات المحلية الأستاذ المحامي نائل ألحوح على انه تقدم بهذه بالدعوى لعدم إجراء الانتخابات في كافة أرجاء الوطن وفق الأصول والقانون ولعدم شرعية محاكم البداية والشرطة في قطاع غزة.
وأضاف أن المحكمة سلمت الحكومة ووزارة الحكم المحلي ولجنة الانتخابات نسخة من لائحة الدعوى ومنحتها مدة 15 يوما حتى 21 الجاري لبيان أسباب إجراء الانتخابات دون القدس، والأسباب التي دعت الحكومة لإجراء الانتخابات أو الأسباب التي تحول دون إلغائها.
وقال إن قرار المحكمة "مستعجل" بحضور فريق واحد وبدون حضور الحكومة والنائب العام ويعتمد على البينات والشهود.

ووفق التوقعات فان الحكومة مصره على إجراء الانتخابات كاستحقاق دستوري وقانوني نصت عليه القوانين وإجراءاتها كل أربع سنوات وسبق وان أجريت الانتخابات لحكم الهيئات المحلية في الضفة الغربية في 2012 وتعد سابقه أمام المحكمة ووفق المفهوم السياسي فان حكومة الوفاق هي حكومة توافق متفق على تشكيلها بين حماس وحركة فتح وسلطتها تشمل الضفة الغربية وقطاع غزه وهناك وزراء من غزه في حكومة الوفاق أضف إلى ذلك أن لجنة الانتخابات المركزية وهي التي تشرف على إجراء الانتخابات مارست عملها في الضفة الغربية وقطاع غزه دون اعتراض من احد ، وان الانتخابات لحكم الهيئات المحلية تكتسب صفة خدما تيه وهي ليست سيادية وعليه فان القدس وان لم تشملها انتخابات حكم الهيئات المحلية فهي مشمولة بالاتفاقات بانتخابات المجلس التشريعي والرئاسي وان القدس ممثله بالمجلس التشريعي ،
ووفق هذا المفهوم فان الحكومة قد تستند في معرض بيناتها وردها على الطعن المقدم بتأكيد ولايتها القانونية والشرعية الدستورية على الأراضي الفلسطينية متعللة في ذلك إلى ميثاق الشرف الذي وقعته كافة القوى والفصائل وتعهدها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وان هناك توافق وإجماع وطني فلسطيني على إجراء الانتخابات التي قد تمهد لإجراء انتخابات تشريعيه ورئاسية وهي تستند في موقفها مؤيدة ذلك باتفاق الشاطئ الموقع بين حركة حماس وفتح والتي أدت إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني .

وهنا إذا اقتنعت محكمة العدل العليا برد الحكومة على الطعن المقدم إليها قد تصدر قرارها برد الطعن وإعطاء حكومة الوفاق السير بإجراءات الانتخابات وتعيين موعد جديد للاقتراع ، وقد تعطي محكمة العدل العليا الجهة الطاعنة الحق بالرد على بينات الحكومة والدفع والرد عليها بحيث تصدر قرارها القطعي بإجراء الانتخابات من عدمه في مده قصيرة جدا
الجهة الطاعنة متمسكة بطعنها ومصره على موقفها بخصوص تبيان وتعليل الأسباب حول عدم شمول قرار الحكومة إجراء انتخابات في القدس ، كما أنها تصر على مطلبها في توحيد الجهاز القضائي في الضفة الغربية وقطاع غزه وتطالب بإخضاع المحاكم في غزه لسلطة مجلس القضاء الأعلى والشرطة
وأمام كافة الاحتمالات والتوقعات والخيارات المتاحة والمتوقعة يستبعد قرار إلغاء الانتخابات لان في ذلك إسقاط للدستور " القانون الأساس " الذي شرع الانتخابات وأعطاها شرعيه قانونيه وشرعيه شعبيه ودستوريه ولا يمكن للسلطة القضائية إسقاط أو إلغاء حق كفله القانون الأساس بموجب نص المادة "2 " الشعب مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه المبين في هذا القانون الأساس " قد تملك السلطة القضائية حق التأجيل لكنها لا تملك حق الإلغاء لان الانتخابات حق دستوري كفله القانون الأساس ،
فالمادة (5 ) من القانون الأساس الفلسطيني نصت " نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخابا مباشرا من قبل الشعب وتكون الحكومة مسئوله أمام الرئيس والمجلس التشريعي " ووفق القانون الأساس الانتخابات حقوق مكتسبه للشعب ولا يمكن المس بهذه الحقوق وإلغائها بقرار من السلطة القضائية .
وعليه يبقى الانتظار سيد الموقف بين الحق الدستوري بحسب ما حدده القانون الأساس الفلسطيني بإجراء الانتخابات في موعد استحقاقها وقرار التأجيل استنادا لظروف قاهره بحيث الفيصل في إجراء الانتخابات من عدمه يحدده مضمون القرار النهائي لمحكمة العليا
والسؤال في حال أصدرت محكمة العدل العليا قرارها وألغت الانتخابات لحكم الهيئات المحلية سينشأ خلاف بين الحكومة والسلطة القضائية ومنبع الخلاف هو التعدي على صلاحيات السلطة التنفيذية المكلفة بتطبيق القانون الأساس الفلسطيني وإجراء الانتخابات في موعدها كحق دستوري كفله التشريع والقانون ، وهنا قد تكمن المرجعية لحسم الخلافات إن حدثت للمحكمة الدستورية بحسب الاختصاصات الذي تتضمنه قانون المحكمة الدستورية رقم (3) لسنة 2006م وذلك للبت في صلاحية محكمة العدل العليا إلغاء تشريع قانون إجراء الانتخابات في موعدها من عدمه بحيث أن الإلغاء يعني إلغاء التشريع القانوني وتكمن المعضلة في كيفية الخروج من هذا المأزق القانوني الذي قد يعده البعض التعدي على صلاحية السلطة التنفيذية وتداخل في الصلاحيات بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية حول من يملك حق إلغاء القانون والتشريع إذا أقرت محكمة العدل العليا إلغاء إجراء الانتخابات لحكم الهيئات المحلية

المحامي علي ابوحبله