كلمة دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في مؤتمر الدول المانحة بمقر الأمم المتحدة الخاص في فلسطين والذي شارك فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فديريكا موجريني، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير خارجية النرويج يورغ برنده، وعدد من وزراء وممثلي الدول الأعضاء في منتدى الدول المانحة.
فقد أكد رئيس الوزراء رامي الحمد الله "أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خطوة لا بد منها من أجل تحقيق النمو الاقتصادي، واسترداد الحقوق، وضمان مستقبل مشرق للشعب الفلسطيني في دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967".
واطلع الدكتور رامي الحمد الله في كلمته الحضور على الوضع المالي الحرج للحكومة الفلسطينية في ضوء التقليص الحاد في التمويل الذي تعاني منه منذ عام 2011، مطالبا الدول بدعم فلسطين سياسيا، وماليا، وإبقاء هذه القضية على رأس سلم أولوياتها.
وهذا يعيدنا إلى الجولات المكوكية السابقة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي كرس زيارته للمنطقة للتركيز على السلام الاقتصادي ، وان الخطة ألاقتصاديه المقترحة في حينه بحسب ما يراه وزير الخارجية الأمريكي أن من شانها أن تساعد في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني من خلال ما روج له من استقطاب نحو 4 مليارات دولار وتوظيفها في الاستثمارات الخاصة الفلسطينية .
جاء حديث رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في مؤتمر الدول المانحة ليؤكد أن تحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية والانسحاب الإسرائيلي ضمن رؤيا الدولتين المدخل الحقيقي لإقامة اقتصاد وطني مستقل وتنمية اقتصاديه مستدامة
وهنا تنبع أهمية ما نوه عنه رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في مضمون كلمته : "إن الاحتلال الإسرائيلي يمعن في سياسته التوسعية الاستعمارية في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفرض القيود في المنطقة ألمسماه "ج" ومصادرة واستنزاف مقدرات شعبنا الفلسطيني، وموارده الطبيعية، وكذلك استمرار فرض الحصار الجائر على شعبنا في قطاع غزة".
وحذر من عواقب سياسة الضم الخطيرة والمتزايدة التي تنتهجها إسرائيل والتي تكشف عن نواياها الحقيقة المتجهة نحو فرض واقع "الأبارتهيد" الذي يحرم الفلسطينيون من ممارسة حقوقهم الأساسية. وفي السياق ذاته شدّد على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي موقفا حازما تجاه سياسات إسرائيل في الضم العنصري، والوقوف جنبا إلى جنب مع الحكومة الفلسطينية لتلبية احتياجات وتطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة.
إذ في ظل غياب أي ضمان أمريكي وأممي بتعهد إسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ووقف الاستيطان وضمان إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين ووقف كافة الممارسات والسياسات العدوانية فلن يتحقق السلام وان استمرار الاحتلال يكرس سياسة العنصرية البغيضة وفرض سياسة الابرتهايد والتي تؤكد الممارسات الاسرائيليه أليوميه من خلال قتلها المباح للفلسطينيين تحت حجج حماية المستوطنين وغيرها من الحجج التي جميعها تؤكد إن إسرائيل غير معنية بتحقيق السلام ورؤيا الدولتين
إن صمود حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في وجه سياسة الحصار الاقتصادي وربط المساعدات للدول المانحة بتقديم تنازلات فلسطينيه حيث تتمسك القيادة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني بالثوابت الوطنية مما عرض حكومة الوفاق لضائقة ماليه
وأشار رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في مضمون كلمته أمام الدول المانحة إلى جهود حكومة دولة فلسطين في زيادة الإيرادات وتقليص العجز المالي وإجراء الإصلاحات وتنفيذ الخطط التنموية في عدة مجالات منها التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والكهرباء والطاقة والاتصالات، بالرغم من المعيقات الإسرائيلية في وجه التنمية الفلسطينية.
وحثّ رئيس الوزراء مؤسسات المجتمع الدولي والدول المانحة على الاستمرار في دعم الموازنة لتمكين حكومته من القيام بمسؤولياتها قائلا: " يجب أن يقترن الدعم المالي للدول مع مواقف سياسية قوية من شأنها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الطريق الوحيد نحو سلام عادل ودائم".
وقد أكد كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقاريرهم الدورية لمؤتمر المانحين التي أكدوا من خلالها أن الاحتلال الإسرائيلي وسياساته يمثل عقبة أساسية أمام تحسن الوضع المالي للحكومة الفلسطينية وقدرتها على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة
وهنا تكمن أهمية وجوهر مضمون ومدلول كلمة دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في مؤتمر المانحين في أن جوهر القضية الفلسطينية سياسي لا أنساني ولا اقتصادي لان معاناة شعبنا الفلسطيني تكمن في الاحتلال وسياساته التي تدمر كل مكونات المجتمع الفلسطيني ، على الرغم من وجود وضع أنساني قاهر يفرض علينا جميعاً ضرورة التعامل معه على أن لا ننسى أن السبب الرئيسي لهذا الوضع السيئ سواء في غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية هو الاحتلال الإسرائيلي ولا شيء آخر.
ووفق التوصيف الدقيق لكلمة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله أن أمريكا والدول الأوروبية والمجتمع الدولي مطالبون بضرورة تفعيل أدوات واليات ممارسة الضغط على إسرائيل كي تلتزم بالمعايير الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف التي تتناول موضوع المدنيين تحت الاحتلال وفي زمن الحرب. وإن أوروبا بالذات تمتلك من الأدوات القانونية والاقتصادية والسياسية ما يكفي لفرض الضغوط الناجعة على إسرائيل ، وننوه في هذا بالقرار السويدي الجريء بالاعتراف الكامل بدولة فلسطين وبالقرار الأوروبي ضرورة تمييز المنتجات الإسرائيلية عن تلك التي تنتج داخل المستوطنات اللاشرعية المقامة في الضفة الغربية المحتلة.
إن الاحتلال هو المعيق الأول للتنمية ألاقتصاديه وان انعدام أي أفق لتحقيق السلام من شانه أن يزيد في تدهور الوضع الإنساني الفلسطيني في ظل شح الموارد والحصار المالي المفروض على الحكومة وعليه فان صمود الحكومة هو تمسكها بثوابتها الوطنية وفي مطالب الشعب الفلسطيني ورفضها للتنازل عن الحقوق الوطنية والثوابت الوطنية حيث المجتمع الدولي مطالب لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بالتحرر والسيادة الوطنية وإقامة ألدوله الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
بقلم/ علي ابوحبله