بنظرة تفحصيه سريعة ، وبقراءة موضوعية لحال بلادنا ، نرى أن رب العمل سواء كان حكومة او مؤسسات دولية او اهلية وأصحاب رءوس اموال ، نرى ان كل معارضة تعني الموت من نقص في التغذية وفرص البقاء في العمل او حتى الحصول عليه ..
اندثر المبدأ القديم الذي كان سائد (من لا يعمل لا يأكل ) واستبدل اليوم بمبدأ جديد (من لا يطيع لا يأكل) ، هذا الشعار اصبح واقع معاش يلامسه الكثير من الباحثين عن لقمة عيشهم في ظل أنظمة تسلطية فرضت على الناس وعلى الحركات الوظيفية التي صنعت لتلبية مصالح دول ومنظمات كبرى ، واصبح الشعار احدى منطلقات الأنظمة التسلطية في بلادنا العربية ، حيث أن الطاعة العمياء المتمثلة في قبول السياسات ، والممارسات الدينية والثقافية التي يوافق عليها ويريدها الحاكم العربي الفاسد ، وبعض ممن يطلق عليهم زورا رجال الدين من الجهلة والعملاء والمرتزقة واللصوص الموالين له ، تفرض على الشعوب بالتخويف والارهاب ، أو السجن ، أو النفي ، أو تشوية السمعة ، أو التعذيب أو حتى القتل .
في هذه الدول الاستبدادية ليس بإمكان أي مواطن أن يكون سيد نفسة ، فالكل عبيد عند " ولي الأمر " السلطان ، يسبحون بحمدة ، ويباركون كل أعماله وجرائمه وسرقاته ، ويحولون هزائمه الى انتصارات ، واهاناته للشعب الى مكرمات ، وخطبه الغبية الكاذبة الفارغة الى أشعار وروايات وموشحات ، وسياساته العقيمة الفاشلة الى استراتيجيات .
هذا النوع من الطاعة العمياء القائم على الظلم والطغيان ، ينفي انسانية الانسان ، ويخلق حالة من الشك والذعر على مستوى الوطن ، فيسود الكذب ، والنفاق ، والظلم ، والجهل ، والتخلف ، والفساد ، ويدمر الانسان ، وتتهاوى الاوطان ، ويصبح الكل هدفا أو لقمة صائغة يسهل هضمها ويسترخص الحصول عليها من عدو أو طامع او متآمر .
في هذه الحالة يدمر المطاع المطيع لان المطيع استسلم ولم يقاوم ، لأنه يريد أن يأكل ، أو يكبر لو نسبياً مثل مشغليه ، والدليل على ذلك هو الوضع الحالي للشعوب العربية التي تحولت الى تجمعات يسودها ( تراث العبيد) يبيعهم الحاكم او المسئول الذى رمى نفسه في احضان العتبات الاقليمية هم وكل مصالح وطنهم في أسواق النخاسة لمن يدفع او يتبرع او يقيم مشاريع تضمن بقاءه على عرش العبيد ، وبالسعر الذي يريد دون حق ان يعترض أي مواطن على البيع أو الشراء والا فقد عمله واكله ومستقبل ابناءه .
والى ممن استحسنوا تراث العبيد نقول ان التاريخ وان تعطلت عجلته بفعل جرائمكم ، فلابد لها أن تدور يوما ، وستعلن الارض ثورتها وترفع شعارها الرباني " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) صدق الله العظيم
بقلم د ناصر اسماعيل اليافاوي